النفايات الطبية في المغرب تحتاج إلى تدابير فعالة
يساهم الإنسان دون وعي أو عدم اهتمام منه في نشر سموم النفايات بجميع أنواعها في محيطه ما يعكر صفو حياته، ومنذ انتشار فايروس كورونا ازدادت النفايات الطبية. المغرب استعد لمثل هذه الوضعيات بترسانة من القوانين لحماية البيئة من بقايا الأدوية والمعدات الصيدلانية.
يشكل التدبير الفعال للنفايات الطبية والصيدلية السبيل الناجع للمساهمة في حماية البيئة والحفاظ على الصحة العامة من الخطر الذي قد تتسبب فيه هذه النفايات بجميع أنواعها، مما يطرح سؤال مدى التزام الأطراف المنتجة لها بمسؤوليتها الأخلاقية في معالجتها بالشكل الصحيح.
وقد انخرط المغرب في جهود التصدي لهذه النفايات الخطيرة والعمل على تدبيرها بالشكل المطلوب من خلال ترسانة قانونية ومراسيم مهمة.
وتنجم النفايات الطبية والصيدلية عن الأنشطة المتعلقة بالتشخيص والمتابعة والمعالجة الوقائية أو الاستشفائية في مجالات الطب البشري والبيطري، وجميع النفايات الناتجة عن أنشطة المستشفيات العمومية والمصحات ومؤسسات البحث العلمي ومختبرات التحاليل العاملة في هذه المجالات وعن كل المؤسسات.
وحسب منظمة الصحة العالمية، تستلزم معالجة النفايات الطبية والصيدلانية، التي تكتسي 20 في المئة منها طابع الخطورة، عناية خاصة تتضمن عمليات الفرز من المصدر والتغليف والتخزين والجمع والنقل والمعالجة والتخلص.
ويقول عبدالسلام الشكال، عن مديرية المستشفيات والعلاجات المتنقلة بوزارة الصحة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن النفايات الطبية تتوزع إلى النفايات المماثلة للنفايات المنزلية التي تمثل بين 75 في المئة و80 في المئة من الحجم الكلي للنفايات، والنفايات الخطيرة التي تمثل ما بين 10 في المئة و25 في المئة من الحجم الكلي للنفايات.
وأضاف أن النفايات الطبية والصيدلية تصنف بحسب خاصياتها وطبيعتها؛ إذ أن الصنف الأول يشمل نفايات تحتوي على خطر العدوى لاحتوائها على كائنات دقيقة حية أو سميات قادرة على أن تسبب المرض للإنسان، مثل اللفافات والقفازات وأنابيب التغذية الوريدية، وأدوات حادة أو قاطعة متخلى عنها مثل الإبر والمحاقن والشفرات، ومنتوجات ومشتقات الدم المخصصة للعلاج غير مستعملة أو فاسدة أو انتهت مدة صلاحيتها.
حسب منظمة الصحة العالمية، تستلزم معالجة النفايات الطبية والصيدلانية التي يكتسي 20 في المئة منها طابع الخطورة، عناية خاصة
أما الصنف الثاني فيضم أدوية وموادا كيميائية وبيولوجية غير مستعملة أو فاسدة أو منتهية الصلاحية، ونفايات الأدوية أو المواد المانعة لانقسام الخلايا والمانعة للتسمم، أما الصنف الثالث فيهمّ أعضاء وأنسجة بشرية أو حيوانية سهل التعرف عليها من طرف شخص غير متخصص، أما الصنف الرابع فيشمل نفايات مماثلة للنفايات المنزلية.
وقال إن مخاطر النفايات الطبية والصيدلية تكمن في انتشار العدوى عن طريق اللمس المباشر لإفرازات المريض أو السوائل الناتجة من جسمه المتواجدة بالنفايات، مضيفا أنه يمكن أيضا انتشار الجراثيم عن طريق القوارض والحشرات التي تلامس النفايات المدبرة بطريقة غير آمنة، ومن بين هذه التأثيرات فقدان المناعة المكتسبة والتهاب الكبد والعدوى المعوية والعدوى التنفسية والالتهابات الجلدية والتسمم وفطريات الدم.
ومن أجل الحد من مخاطر هذه النفايات، أوضح المسؤول أنه يعتمد في تدبيرها على أربعة مبادئ توجيهية، تتمثل في مبدأ “ملوث مؤدّ” ويعني أن منتج النفايات هو المسؤول من الناحية القانونية والمالية عن التخلص منها بطريقة آمنة وصديقة للبيئة، ومبدأ توخي الحذر أو الاحترازية، وهذا يعني أنه إذا اشتبه بكون نتيجة الخطر المحتمل كبيرة أو خطيرة، لكنها غير معروفة بدقة، فيجب افتراض أن درجة الخطورة عالية.
وهذا يؤدي إلى إجبار منتجي النفايات الطبية على اعتماد واستخدام معايير جيدة لتدبير النفايات والتخلص منها، ومبدأ تحمل المسؤولية الذي ينص على أن أي شخص يدير أو يتعامل مع النفايات الطبية، هو المسؤول أخلاقيا عن معالجتها، ومبدأ القرب حيث يجب أن تتم معالجة النفايات والتخلص منها في أقرب موقع ممكن من موقع الإنتاج وذلك للحد من المخاطر على عامة الناس.
واعتبر الشكال أن التعامل الخاطئ مع هذا النوع من النفايات قد يسبب مشكلات صحية وتأثيرات سلبية على البيئة، لذا فإن التدبير الجيد لهذه النفايات يتطلب رفع مستوى الوعي لدى جميع المتدخلين واعتماد إستراتيجية خاصة مع التركيز على تكوين جميع الأطر الصحية في هذا المجال.
وأضاف أن التدبير التقني للنفايات يمر عبر عدة مراحل، تتمثل أساسا في الفرز الذي يعتبر نقطة أساسية في تدبير النفايات حيث يؤدي إلى خفض كميات النفايات الخطيرة وإلى تخفيض تكاليف التخلص الآمن منها، واستعمال ألوان محددة للأوعية والأكياس الخاصة بالنفايات، منها الأحمر للنفايات المعدية، والأصفر للنفايات الحادة والقاطعة، والبني للنفايات الكيمياوية والصيدلية، والأسود للنفايات العامة.
وقال إنه يجب أيضا التمييز بين العربات المخصصة لنقل النفايات المماثلة للنفايات المنزلية والمخصصة لنقل النفايات الخطيرة داخل المستشفى، وتخصيص أماكن لتخزين النفايات الطبية بمواصفات تقنية خاصة، وجمع ونقل النفايات من طرف شركات مرخص لها، والمعالجة والتخلص من النفايات الخطرة بالمنشآت المخصصة والمرخص لها.
وللتخلص من هذا النوع من النفايات الخطيرة، أشار إلى أنه بالإضافة إلى الأجهزة المتوفرة ببعض المستشفيات العمومية، يتوفر المغرب حاليا على خمس وحدات خاصة لمعالجة النفايات الطبية الخطيرة بكل من تطوان والدار البيضاء ومكناس وتمارة وورزازات، كما أن هناك عدة وحدات أخرى في طور الإحداث.
ويضيف الشكال أن بالنسبة للمستشفيات العمومية، فإن غالبيتها تقوم بمعالجة النفايات إما بإبرام صفقات إطار مع شركات خاصة أو عن طريق وحدات المعالجة المتوفرة في بعضها.
أما بالنسبة لمؤسسات العناية الصحية الأولية، فإنه ابتداء من سنة 2018 أصبحت مندوبيات وزارة الصحة تبرم صفقات مع الشركات الخاصة لجمع والتخلص من النفايات الطبية الخطيرة خصوصا بالمناطق الحضرية.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تدبير النفايات بهذه المؤسسات تعترضه عدة صعوبات ترتبط أساسا بكمية النفايات التي تنتجها.
وكشف الشكال أن وضعية تدبير النفايات الطبية والصيدلية بالمؤسسات الصحية حسب آخر بحث أقيم سنة 2013، تظهر أن كمية النفايات الطبية والصيدلية الخطيرة التي تنتجها المؤسسات الصحية بالمغرب تقدر بـ7642 طنا في السنة تتوزع بين القطاع العمومي (المستشفيات: 3538 طنا سنويا، ومؤسسات العناية الصحية الأولية: 814 طنا سنويا)، والقطاع الخاص (المصحات الخاصة: 1983 طنا سنويا، ومراكز الدياليز: 877 طنا سنويا، ومختبرات التحاليل الطبية: 430 طنا سنويا).