المغرب يركز على دعم قطاع السياحة لترميم ما هدمه كورونا
ركز المغرب أنظاره على مضاعفة دعم القطاع السياحي لترميم ما هدمه كورونا، وحماية القطاع الذي يساهم بنسبة كبيرة في دفع النمو، حيث تضمن مشروع قانون الموازنة للعام 2021 مخصصات مهمة لدفع نشاط السياحة وتفكيك الكبوة التي فرضها الوباء استعدادا لانطلاقة جديدة للقطاع في مارس المقبل.
أقرت الحكومة المغربية في موازنة العام 2021 تخصيص دعم مالي للقطاع السياحي في خطوة تعكس حرص السلطات على دفع إنتاجية هذا القطاع الحيوي الذي يشكل رافدا مهما للاقتصاد ومحركا للتنمية في ظل جهود الدولة لإزالة تأثيرات كورونا على المجالات الحيوية.
ويأتي هذا الإجراء مدفوعا بتبعات إغلاق الحدود وإجراءات الحجر الصحي المفروضة لكبح تفشي فايروس كورونا، ما تسبب في أزمة غير مسبوقة ضربت جميع القطاعات العاملة والمرتبطة بالسياحة، الأمر الذي دفع الحكومة إلى الالتزام بدعم القطاع ذي الأولوية.
وخصصت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي دعما بنحو 58.7 مليون دولار لفائدة قطاع السياحة والنقل الجوي وذلك في إطار مشروع قانون المالية للعام 2021، نظرا إلى تأثر القطاع بالأزمة الصحية (كوفيد – 19)، بحيث تراجعت مداخيل السياحة بنحو 90 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الجارية.
وقالت نادية فتاح وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، إن “هذا الدعم المالي الذي سيخصص للقطاع السياحي والنقل الجوي، يمثل نحو 90 في المئة من الميزانية الإجمالية للقطاع دون احتساب نفقات الموظفين”.
وستستفيد الشركة المغربية للهندسة السياحية من دعم يصل إلى 33 مليون دولار ودعم آخر يبلغ نحو 14.7 مليون دولار، فيما ستبقى ميزانية المكتب الوطني المغربي للسياحة دون تغيير، كما ستستفيد مؤسسات التكوين في القطاع السياحي من دعم مالي يصل إلى 1.8 مليون دولار.
وأكد رشيد الساري، الخبير الاقتصادي، أن “هذا الدعم يهدف إلى ترميم ما هدمه كورونا في أفق الانطلاق الفعلي للموسم السياحي الذي أتوقع أن ينطلق ابتداء من شهر مارس أي بعد حملة التلقيح التي تنطلق بالمغرب” بداية الشهر الجاري.
وأوضح رشيد الساري، أن “الدولة قامت بمجموعة من الإجراءات لتضميد جراح القطاع الذي يعيش عجزا كبيرا بسبب امتداد جائحة كورونا حتى في ذروة الموسم السياحي مما أثر سلبا على جميع القطاعات السياحية في المجال الفندقي واللوجيستي والصناعة التقليدية.”
وفي هذا السياق أكد الكاتب العام لوزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، محمد مسلك، على مواصلة الوزارة للعمل المبدئي مع المهنيين، مذكرا بما قامت به الدولة من خطوات لتدبير المرحلة والخروج بأقل الأضرار مع العمل على إيجاد صيغة مشتركة لضمان التفاعل الإيجابي مع كل الاقتراحات.
وتسببت أزمة كوفيد – 19 في فقدان 80 في المئة من رقم معاملات قطاع السياحة، حسب ما صرح به مهنيون ما بين يناير وسبتمبر، وخلال شهر يوليو وحده خسر القطاع 90 في المئة من معاملاته بالمقارنة مع السنة الماضية.
ولمواجهة تداعيات الأزمة على القطاع تم اتخاذ عدد من الإجراءات والتدابير الاقتصادية ومنها منح تعويض جزافي شهري لفائدة العاملين بالقطاع والمرشدين السياحيين المستقلين للفترة ما بين الفاتح من يوليو و31 ديسمبر 2020، بالإضافة إلى تأجيل أداء الاشتراكات المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتمديد أجل سداد القروض البنكية.
وأكد إدريس الفينة، الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، أن “قطاع السياحة يعيش أزمة ظرفية عميقة تهم المؤسسات السياحية، ما دفع وزارة السياحة إلى تقديم تعويض شهري جزافي (التعويض عن فقدان المورد الممكن للحصول على المال) تحت شروط محددة، إضافة إلى إمكانية استفادة المؤسسات من عدد من آليات التمويل التي وضعتها الدولة لمواجهة جائحة كورونا”.
وشدد إدريس الفينة على أن “كل هذا الدعم سوف يسمح لهذا القطاع بالحفاظ على بنيته في انتظار تخطي هذه المرحلة الصعبة”.
وأفادت مديرية الدراسات والتوقعات المالية بأن المداخيل السياحية تراجعت بنسبة 59.5 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2020، بعد ارتفاع قدره 7.1 في المئة قبل سنة، أي بخسارة قدرها 35.8 مليار درهم، (حوالي 3.9 مليار دولار)، مضيفة أن نسبة السياح الوافدين سجلت انخفاضا بنحو 78 في المئة خلال سبتمبر 2020، مقابل تراجع بنسبة 70 في المئة على المستوى العالمي.
وتمثل السياحة 7 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وساهمت بـ224 مليار درهم (24 مليار دولار) من العملة الصعبة بين 2017 و2019، منها 78.8 مليار درهم (8.6 مليار دولار) في سنة 2019 وحدها.
وأكد إدريس الفينة أن “السياحة تظل من أهم القطاعات الاقتصادية في المغرب إذ تسجل سنويا أعلى معدلات النمو وتشغل ما يناهز نصف مليون من اليد العاملة ولها تأثيرات على عدد من القطاعات كالنقل والصناعة التقليدية، كما أنها تدعم بشكل قوي الاستهلاك الداخلي وتلعب دورا أساسيا في التنمية المجالية”.
وفي هذا الإطار أكد إدريس الفينة، أن “رهان المغرب على هذا القطاع يجب أن يستمر بشكل أكبر خلال السنوات المقبلة رغم التراجع الذي سيعرفه القطاع عالميا خلال السنتين المقبلتين بفعل تبعات أزمة كورونا”.
وقد طالبت الفيدرالية الوطنية للنقل السياحي بتأجيل سداد ديون القطاع الذي يكافح بفعل توقف نشاط الأسطول بشكل نهائي وغياب الحجوزات ودخول معظم الأسواق الخارجية على اختلافها في موجة ثانية من الحجر الصحي وإعلان حالات الطوارئ في العديد من الدول.
ومن الإجراءات الإضافية لدعم القطاع تم تمديد الإعفاء من الضريبة على الدخل بالنسبة إلى التعويضات الإضافية لفائدة الأجراء، ثم تمديد آجال سداد الديون لفائدة الشركات السياحية، وإرساء آليات جديدة للضمان.
وقد طالبت الفيدرالية الوطنية للنقل السياحي بإيجاد الحلول الناجعة والعاجلة لإنقاذ كافة الشركات والمستخدمين من الإفلاس مع توفير منتج بنكي في مستوى تطلعات المهنيين ومضمون من قبل الدولة والتأكيد على التأجيل والتمديد إلى موفى ديسمبر 2021.
“والرؤية أصبحت واضحة الآن والآفاق المستقبلية سنتأكد منها بعد القضاء على وباء كورونا”، حسب الخبير الاقتصادي رشيد الساري، مشيرا إلى أنه “يمكن أن نعيش موسما سياحيا يمتد على طول سنة 2021، لذلك فالفاعلون في الميدان ملزمون بتجديد أساليب العمل والبحث عن مصادر تمويل وتطوير أساليب جلب السياح على المستوى الداخلي والخارجي، خصوصا في ظل الطفرة التكنولوجية والرقمنة التي يعيشها العالم”.