تعديل قانون مكافحة غسيل الأموال يثير جدلا في المغرب
أثار تعديل قانون مكافحة غسل الأموال جدلا بالبرلمان المغربي وسط تباين الرؤى بين الأحزاب، ففيما اعتبر البعض أن التعديل يكتسي أهمية كبيرة، وصفه آخرون مثل حزب الأصالة والمعاصرة المعارض بأخطر قانون في الولاية التشريعية الحالية.
ولا يرى النائب عن حزب الأصالة والمعاصرة توفيق الميموني، خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان لنقاش جدوى تعديل القانون الثلاثاء، داعيا للسرعة في تمرير القانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال، لكون المغرب لا يعرف فراغا تشريعيا في هذا المجال، ويساير منظومة مكافحة غسل الأموال منذ 2007.
وحذر من تأثير القانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال على الاقتصاد الوطني، كما من شأنه أن يخلق خوفا لدى المغاربة من كل المعاملات المالية.
في المقابل اعتبرت البرلمانية عن التقدم والاشتراكية، فاطمة الزهراء برصات، أن “قانون مكافحة غسل الأموال، يكتسي أهمية كبيرة جدا”، مضيفة “أن التعديلات التي أدخلت عليها مهمة وجوهرية”.
ودعت برصات إلى ضرورة دراسة الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذا القانون الذي دخل حيز التنفيذ في 2007، قبل إجراء التعديلات عليه، وطالبت بالحرص على ضمان استقرار الاقتصاد الوطني.
من جهته، شدد حزب العدالة والتنمية على أنه منخرط دون قيد أو شرط في تطوير المنظومة القانونية الوطنية لغسيل الأموال سواء في ما يتعلق بالتعديلات الحالية أو الإجراءات التنظيمية وهذا لا يمنع من أن التنبيه إلى أن المشرع في حاجة إلى دراسة المنظومة الاقتصادية المغربية ومدى قدرتها على أن تكون مفتوحة على كل هذه الإجراءات المتخذة.
وبرأي آمنة ماء العينين، عضو في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، فإن المغرب ملزم بالخضوع لتوجيهات مجموعة العمل الدولية “غافي”، (الهيئة الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب)، حتى نتخطى النزول من المنطقة الرمادية إلى المنطقة السوداء في مجال غسيل الأموال.
قانون مكافحة غسل الأموال يعزز إجراءات اليقظة والمراقبة الداخلية، وإرساء قواعد الاعتماد على أطراف ثالثة من أجل تنفيذ المقتضيات المتعلقة بفهم طبيعة علاقة الأعمال
ومن أبرز تعديلات القانون الذي يناقشه البرلمانيون تتجلى في رفع الحدين الأدنى والأقصى للغرامة المحكوم بها على الأشخاص الذاتيين في جريمة غسل الأموال المنصوص عليها في الفصل 3-574 من مجموعة القانون الجنائي، وذلك تماشيا مع المعايير الدولية التي تدعو إلى ردع المتورطين في “الأموال القذرة”.
وفي تعليقها عن الجدل القائم بشأن تعديل القانون من عدمه، أشارت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية ، إلى أن مشروع القانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال له أهمية كبيرة جدا من حيث أنه يجعل من تعقب ومصادرة الأموال غير المشروعة أمرا يسيرا، بالإضافة إلى أنه سيعمل على ملاءمة التشريعات المغربية بنظيرتها الدولية في هذا المجال نظرا لالتزامات المغرب الدولية.
وحسب لومير فإن المثير للجدل حقا هي مضامين هذا القانون التي تجرم أغلب معاملات البيع والشراء العادية، وهذا بحد ذاته سيولد تخوفا لدى المغاربة من المعاملات المالية، مع العلم أن هذه الجرائم معروفة المصدر، لذلك فتعميم وتوسيع دائرة هذه الجرائم أمر غير منطقي ومن شأنه التأثير سلبا على المعاملات العادية وبالتالي التأثير على الاقتصاد المغربي.
وترى الحكومة المغربية أن المنظومة الدولية لمكافحة غسل الأموال تتجدد بين الفينة والأخرى نظرا لطبيعة الجريمة وخصوصية مرتكبيها وتعدد المتدخلين فيها، لاسيما أمام تطور وسائل ارتكابها، وهو ما يفرض على التشريعات الوطنية مسايرة هذه التطورات من خلال تحيين ترسانتها القانونية وفق المعايير الدولية أمام إكراهات المراقبة الدولية وتداعياتها على النظام الوطني والاقتصادي.
ووقع إضافة الجرائم المتعلقة بالمس بنظام المعالجة للمعطيات ونشر المعلومات الكاذبة والمضللة حول الأدوات المالية وآفاق الاقتصاد في مشروع القانون المعدل.
وتساءل البرلماني الميموني، هل هذه الأفعال تعتبر جريمة، وفي تقدير من يمكن اعتبارها أفعالا مجرمة؟ مشددا على أن القانون “لا يعد أولية”، باعتبار أن “ملفات جرائم تبييض الأموال أمام القضاء محدودة”.
وكشف وزير العدل المغربي محمد بنعبدالقادر الثلاثاء، أن عدد القضايا، التي لها صلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والمعروضة أمام القضاء، بدأ يزداد، حيث تم تسجيل ما مجموعه 390 قضية برسم سنتي 2019 و2020.
ويعزز القانون إجراءات اليقظة والمراقبة الداخلية، وإرساء قواعد الاعتماد على أطراف ثالثة من أجل تنفيذ المقتضيات المتعلقة بتحديد هوية الزبون والمستفيد الفعلي وبفهم طبيعة علاقة الأعمال. وتمت إضافة وزارة الداخلية ووزارة المالية لتشديد المراقبة على الكازينوهات ومؤسسات ألعاب الحظ ووزارة السكنى لمراقبة الوكلاء العقاريين، وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بالنسبة لتجار المعادن النفيسة أو العادية أو الأعمال الفنية.