بلجيكا : يوسف لفرج
منذ سنين و المجال الديني بالدول الأوروبية يعرف جدالا بين المؤسسات الرسمية و بعض المتسلطين على القطاع الذين يحاولون تسيير أمورالمسلمين وفقا لما يرونه مناسبا لرغباتهم و أهوائهم.
و رغم إختلاف طرق التسلط و قوتها عبر السنين ، فإن قوة المنادين بإسم الدين كانت هي الأقوى في تطويع الناس و دفعهم لإحترامالأوامرالدينية بدون أي خلفيات سياسية أو شخصية .
وفي عالمنا الإسلامي في بلجيكا وعلى خلاف الديانات الأخرى ، فإن التسلط لم يأتنا من الجهات الدينية المعروفة أو من المجمع الفقهي الإسلامي، ولن يأتي.. ولكن التسلط جاءنا من أحزاب سياسية و من أشخاص يعملون لأجندات خارجية أتت إلينا متشحة برداء الدين ومتخفية وراء تعاليمه السمحة من أجل أهدافها الخفية تعمل لصالح دول مشرقية مقابل أتوات يتوصلون بها سواء نقدا أو عبر عقود الحج ،ولقد تمكنوا ولمدة طويلة ومزعجة من الزمن، أن يسيطروا على الكثير من مجريات الأمور في بلدان الإقامة ووثقت بهم ليس بتطبيق تعاليم الدين و مفاهيمه، ولكن عن طريق التحايل والخداع وإيهام الناس بأن الدين لا يفهم إلا عن طريقهم ووفقا لتفسيراتهم. لقد هندسوا الدين كما فعل الذين من قبلهم وفقا لأهوائهم ومتطلبات أهدافهم الخفية، وهي السيطرة على مجريات الأمور للوصول الى أغراضهم . لقد خدعوا الناس طويلا إلى أن كشفهم الله عبر السنين ، وفتح أعين الناس على خداعهم وكذبهم. وكما زالت سطوة الكنيسة فلابد من زوال سطوة هؤلاءالأشخاص.
فكل الدول الأوروبية لديها مؤسسات دينية إسلامية تمثل المسلمين تتحاور معها و تتشاور معها في الأمور الدينية المتعلقة بالإسلام كماهو الشأن بفرنسا و ألمانيا و بلجيكا ، هذه الأخيرة التي منحت الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا دوراً رئيساً في الحياة الدينية حيث تطوّرت على نحو مُتباين، وفقاً للتجارب التاريخية المختلفة في هذا البلد . و تمتعت بنفوذٍ وشأو على التعليم الديني، والمساجد، والإعلام الديني المرئي والمسموع، ماحوّل المؤسسات الدينية الرسمية إلى أدوات فعّالة للسياسات العامة
وما أكثر هؤلاء المدعين في الدين معرفة والمتضلعين في التفسير والاباحة والتكفير، والعالمين بخبايا القرآن وبأسرار الكتاب!.. الكل يفتي والكل يروي ويفسر، فبات المفهوم الروحي للدين وسيله لكسبهم الدنيوي والركوب على ظهر الدين من أجل السلطة.
وهنا يتبادر إلى أذهاننا سؤال ملح يبحث عن إجابة شافية وهو هل أن كل من يدعي في الدين الاسلامي حكمة مؤهل لأن يكون قائد الأمة؟
إن الوضع الراهن لمسلمي بلجيكا يؤكد وبوضوح وجود حراك وجدال في المجال الديني.. وكل منتسب لفريق يعتبر أن بيده الحل السحري. لمعضلات الناس جميعا، وهو الضامن لمختلف الحقوق على اختلاف مشاربها، ويرى في نفسه الأجدر والقادر الأوحد على ضمانالديمقراطية التي في باطنها تخدم أجندات خارجية و تخدمه هو قبل أن تخدم غيره.
وسبب الادعاء هو أن ذلك الْمُدّعي في تعاليم الاسلام معرفة جاهل بالتراث الشرعي الإسلامي، ويهاجم بدوافع الحقد والكراهية،والأحكامالمسبقة.
من المخجل والمعيب حقا ان يصدق البعض مسرحية كبار الفاسدين ، طوال السنوات الماضية ، أين كانت ضمائرهم من الفساد الذي دمر مسلمي بلجيكا وفكك نسيجها الاجتماعي؟!!، عظم حجم استخفاف السفهاء بعقول الجالية المغربية ، فعندما يخرج الفاسد كأحد القادة للتكلم بإسم الإصلاح ضد الفساد؟! وهومن أعمدة الفساد في بلجيكا ؟!! صاحب التجارب العميقة !!! ، و هو الذي تسلط على الدين و أصبح يحبو بالإعلام !، دون أن نعرف العلاقة البشارية التي تحوم حول المركز الإسلامي و الدور الذي يلعبه ضد المصالح المغربية !! لكن يكفي أن نعرف أن الرجل هو فاسد من الطرازالأول!! ، ولا ندري اي دور يلعبه في الشأن الديني البلجيكي لينسب لنفسه امام الأئمة و هو لا يعدو حاجب للمركز الإسلامي في عهدالوهابية التي لازالت تحوم حوله بواسطة أناس فقدوا وطنيتهم و دينهم من أجل الإسترزاق بعقود الحجاج لدى الوهابيين .
من المضحك حقاً أن نعتبر أن الذي ساهم في النصب على الجالية ب 250 ألف اورو موهمين المحسنين بدفن مَوْتى المسلمين و شراء مقابر اسلامية ، أن يكون هذا الرجل أحد المطالبين بمكافحة الفساد!! بإنهراطه هو الآخر في مهرجان أومسرحية المطالبة بمحاربة الفساد!!! وكأنهم بعيدين عن الفساد!! ولم يتلوثون بوباءه القاتل!!!!.
كذلك ينبغي التأكيد على أن لصوص أنفيرس كما لصوص فيلفورد ، جميعهم في مركب فساد واحد! لا يوجد فاسد شريف ،و آخر غيرشريف !! والعكس صحيح ، الفاسد ختم على جبينه ومؤخرته أنه ” فاسد وغير شريف“!!!.طبقة أنفيرس غارقة بالفساد حدالنخاع ، وهم يتباكون ليل نهار على مظلومية الهيئة التنفيذية ، التي هم السبب فيها .
وقد ظل هؤلاء سواء قلُّوا أو كثُروا –ظلوا دوما يتحدثون عن الانحرافات والمفاسد التي تصيب الجالية.
وممن أطال وشدد في هذا الباب: الإمام أبو حامد الغزالي، الذي يرى “أن فساد الزمان لا سبب له إلا كثرة أمثال أولئك الفقهاء الذين يأكلون ما يجدون، ولا يميزون بين الحلال والحرام. فتلحظهم أعين الجهال ويستجرئون على المعاصي باستجرائهم، اقتداء بهم واقتفاء لآثارهم. ولذلك قيل: مافسدت الرعية إلا بفساد الملوك، ومافسدت الملوك إلابفساد العلماء”[2].
– {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} [النساء: 44]
ومن الأحاديث المحذِّرة من ولوج أبواب الفساد:
حديثُ كعب بن عجرة رضي الله عنه، الذي أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح، والإمام أحمد في المسند،قال: قال رسول الله صلى اللهعليهوسلم: (أعاذك اللهُ من إمارة السفهاء. قال:وما إمارة السفهاء ؟ قال: أمراء يكونون بعدي، لايقتدون بهديي، ولايَستـنُّون بسنتي، فمَنصدّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولايَــرِدون عليَّ حوضي. ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم علىظلمهم،فأولئك مني وأنا منهم، وسـيَــرِدون عليَّ حوضي).
والحديث وإن كان عامّا في العلماء وغيرهم، فإنه يَصْدُق أكثر ما يصدق علىيهم [1]؛ فهم الذين يكون لدخولهم على الظَّــلَمة معنى و مغزى، ويكون لتأييدهم لهم ولظلمهم وكذبهم أثر ومردودية، في التمكين للظلم والفساد، وإلباسِهِما ثوبَ المشروعية زورا وتلبيسا.
وفي “دولة المرابطين”، التي حكمت مجمل شمال أفريقيا وغربها والأندلس، كان للفقهاء المالكية النفوذُ الأعظم والكلمة العليا في الدولةوالمجتمع، مما جعل عددا منهم يصابون بأمراض الترف والجشع والعلو، حتى قال قائل منهم، يذم أصحابه ويشنع عليهم:
أهلَ الرياء لبستمُ ناموسكم … كالذئب أدلج في الظلام العاتـمِ
فـمَلكتمُ الدنيا بمذهب مالك … وقسمتم الأموال بابن القاسـمِ
وركبتمُ شُهب البغال بأشهب … وبأَصبغٍ[3]صبغت لكم في العالمِ
وفي هذه الحقبة أيضا عاش الفقيه الزاهد أبو محمد عبد العزيز التونسي (ت 486)، الذي كان يُدرِّس الفقه بمراكش، فتخرج على يديهعدد ممن تولوا المناصب وحازوا المكاسب.. فلما رأى ما رأى من فسادهم وتكالبهم على الدنيا وانهماكهم فيها بالحق والباطل، امتنع عنالتدريس،وقال: “صرنا بتعليمنا لهم، كبائع السلاح من اللصوص”[4].
إن هذه الأقواس التي فتحناها هي دعوة صريحة وملحة لإعادة تنظيم العلاقة بين المؤسسة الاسلامية الوحيدة المسؤولة امام السلطاتالبلجيكية و أولئك الملتفين على الدين الاسلامي لتمرير أغراضهم الشخصية، حتى نضمن صلابة الركيزة الأساسية التي من المفروض أنينبني عليها النظام الديمقراطي في أي دولة وفق نظام الاختلاف والالتقاء من أجل المصلحة العامة لأن الاختلاف لا يفسد للود قضية .