الدفاع عن الفاسدين في بحر الظلمات
من يجرم كشف الفساد والمفسدين ويمقت من يتحدث عنهم وينشر فسادهم فاكتبوه في قائمة المفسدين دون تردد .. فمن كان نظيفا غير فاسد فلن يهمه أمر الفاسدين وفي أي واد يهلكون .. ولن يستخدم سلطته وصلاحياته في مواجهة من يتحدث أو يكتب عن أي فاسد إلا إذا كان الأمر يعنيه .. ولن يعنيه ما لم يكن منهم أو على شاكلتهم ويخاف أن يصيبه ما أصابهم.
فالفاسد عندما يدافع عن نفسه بشتى الطرق والوسائل عندما ينكشف أمره وتظهر فضائحه ومفاسده فإن ذلك يعتبر دفاعا عن نفسه وإن كان بالكذب وبدرجات من الفساد ربما تكون أعظم من سابقاتها رغم أن ذلك لن يجديه نفعا وقد يزيد من فضيحته وينقلها إلى دائرة الفضيحة المجلجلة على الملأ .. مع العلم أن معظم الفاسدين لا تهمهم الفضائح ولا تخيفهم ما لم تقدهم هذه الفضائح إلى المساءلة والعقاب لإنهم يرون أنه طالما ظلت مجرد أحاديث مهما كانت شدتها فمصيرها إلى الصمت والتلاشي لا سيما وهم بارعون في امتصاص الأحاديث والأقاويل عن فسادهم وأغلبهم ينتهج سياسة الصمت لتمرير الضجة وإطفاء الضوء المسلط عليه.
وهناك من الفاسدين ممن لم تنكشف أوراق فسادهم بعد إلا أنهم يعرفون بمواصفات أخرى تبدو عليهم من خلال تصرفاتهم التي يكاد من خلالها أن يقول خذوني .. فالفاسد الذي لم تحن ساعته ولم تنكشف فضائحه بعد يعلم في قرارة نفسه أنه فاسد وأنه ليس أحسن حالا من فاسد عانقته الفضيحة وأن نفس المصير ينتظره في خط الفساد الذي يسلكه وإن استطاع أن يتوارى خلف أعمدة وجدران وأسوار تحمي الفساد والمفسدين وتخفيهم عن أعين الناس والقانون , إلا أنها لن تدوم إلى ما لا نهاية, لذلك دائما ما نرى هذا الفاسد المستور حتى اللحظة, يقف ويتعاطف مع الفاسد المفضوح في الوقت الذي يخفي وراءه حكاية فاسد يعلم فساد قبل أن يعمله الناس .
فمن يدافع عند فاسد وينظر إليه على أنه الضحية وأن من تحدث عند فساده وحاول أن يكشفه للناس هو المخطئ فهو بذلك يعلن عن نفسه دون أن يعلم, لأنه بدفاعه عن هذا الفاسد الذي يحاول أن يلمع صفحته ويحجب الضوء المسلط عليه ويقف معه ضد من يتحدث عند فساده ,فإنما يدافع عن نفسه بصوره غير مباشرة, وهو يعلم أن ما يقوم به هو دفاع عن سلوك في نفسه يوافق سلوك هذا الفاسد, مع العلم أن الفاسدين هم أكثر الناس متابعة لقضايا الفساد وأساليب مكافحته وكلما تطورت أساليب وطرق المكافحة تجدهم يسارعون في البحث عن أساليب جديدة وطرق متطورة لفسادهم وكيفية الدفاع عنه ويظلوا باستمرار متأهبين لإجهاض إي محاولات لصدهم عن مزاولة فسادهم