إن الوطن غفور رحيم … المغرب يجدد دعوة الصحراويين بتندوف إلى الالتحاق بـ”الوطن”
دعا سعدالدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، الصحراويين في مخيمات تندوف إلى العودة إلى الوطن وإنهاء النزاع “المفتعل” حول الصحراء المغربية، مذكرا بالمبادرة التي كان قد أطلقها الملك الراحل الحسن الثاني بالسماح بعودة الصحراويين من المخيمات إلى أرض الوطن، وسميت آنذاك بمبادرة “الوطن غفور رحيم”.
وذكر العثماني في لقاء تواصلي رقمي مع أعضاء حزبه بالجهات الجنوبية، السبت، بأن مبادرة “الوطن غفور رحيم” ساهمت في عودة الآلاف ممن كانوا في مخيمات تندوف، مضيفا أنه “لا يجب أن ننسى أن لنا أهلا وإخوة موجودين في مخيمات تندوف، ونحن حريصون على أن يعودوا إلى وطنهم سالمين غانمين” وذلك بعد أيام من توترات شهدها معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا بين الجيش المغربي والانفصاليين.
وخاطَب العثماني الباقين في مخيمات تندوف قائلا “لا يجب أن ننسى أن لنا أهلا وإخوة يوجدون في مخيمات تندوف، ونحن حريصون على أن يعودوا إلى وطنهم سالمين غانمين” مضيفا أن “الوطن يفتح لهم صدره، مهما فعلوا إذا رجعوا فهُم إخواننا، ونتمنى أن يرجعوا وينتهي هذا النزاع المفتعل من بقايا الاستعمار والحرب الباردة، ولا مكان له اليوم في عالم التكتلات”.
واعتبر محمد لكريني أستاذ القانون والعلاقات الدولية بجامعة ابن زهر، أن نداء رئيس الحكومة يأتي، في سياق ما سبق وأكده الملك الراحل الحسن الثاني في مقولته المأثورة، في العام 1988، “إن الوطن غفور رحيم”، وثانيا “تنفيذا لبنود المبادرة المغربية المتعلقة بالحكم الذاتي التي نصت على أن تتخذ المملكة المغربية كافة الإجراءات اللازمة من أجل إدماج الأشخاص الذين تتم عودتهم إلى أرض الوطن”، فضلا عن المستجدات المتعلقة بما تقوم به جبهة البوليساريو في تهديد واضح للوحدة الترابية المغربية.
مبادرة “الوطن غفور رحيم” ساهمت في عودة الآلاف ممن كانوا في مخيمات تندوف، وهم اليوم يُساهمون من مواقع متعددة في بناء الوطن
ويقول مراقبون إن هذا النداء تعبير إنساني كون الأوضاع داخل مخيمات تندوف مأساوية، والمغرب معني بشكل قوي بما يجري هناك خصوصا في هذه الظرفية حيث تمارس ميليشيات البوليساريو الانفصالية كل أنواع التضييق والخروقات الجسيمة ضد المحتجزين الصحراويين واستغلال الأطفال والنساء في أعمال تنافي حقوق الإنسان.
وأكد عدد من النشطاء الحقوقيين أن الصحراويين المحتجزين يُعتبرون رهائن لدى البوليساريو لخدمة حسابات سياسية للنظام الجزائري وكذا لتسهيل عملية الاتجار في المساعدات الدولية الموجهة للمحتجزين بمخيمات تندوف.
ويرى محمد الكريني، أن الأوضاع المزرية التي يعيشها الصحراويون داخل هذه المخيمات واستغلال المساعدات الإنسانية تفرض كل مرة الدعوة للعودة إلى “أرض الوطن” خصوصا وأن هناك رغبة من طرف الكثير من العائلات في العودة، و”الدليل على ذلك أن قيادات عديدة بجبهة البوليساريو عادت إلى أرض الوطن”.
ورغم الحصار المضروب على سكان مخيمات تندوف تمكنت العام الماضي العديد من الأسر من الوصول إلى السمارة عبر منطقة الفارسية، غير البعيدة عن الجدار الرملي العازل شرق المدينة، وقد تم إدماجهم في الحياة الاجتماعية بالمدينة على غرار من سبقهم.
وساهمت مبادرة “الوطن غفور رحيم” في عودة الآلاف ممن كانوا في مخيمات تندوف، بعضُهم من مؤسسي جبهة الانفصاليين، وهم يُساهمون اليوم من مواقع متعددة في بناء الوطن، وفي دينامياته السياسية والدبلوماسية والتنموية والثقافية.
وسبق لقيادات وازنة سابقة للبوليساريو أن عادت إلى المغرب، كما أن أزيد من 1400 صحراوي قد دخلوا خلال النصف الأول من سنة 2010 من الجزائر عائدين إلى المغرب وكلهم يؤكدون أن الأغلبية الساحقة تريد العودة اقتناعا منها بأن الحكم الذاتي هو الحل الأنسب حسب محمد لكريني.
وأشار لكريني إلى أن المجتمع الدولي وكافة المنظمات الإنسانية والحقوقية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالضغط على الجزائر من أجل ضمان تمتيع كافة المحتجزين بحقهم في التنقل والتعبير.
وأكد سعدالدين العثماني أن الأهم بالنسبة لبلاده هو “الإنسان الصحراوي الذي أبان عن وطنية عالية وتشبث كبير بوطنه”، مشيرا إلى أن “قضية الصحراء المغربية ليس لها معنى دُون انخراط الإنسان الصحراوي والاهتمام به لكي يشعر بأنه مُعزز ومُكرم ومُحترم وله المكانة اللائقة سياسيا وتنمويا واجتماعيا وثقافيا”.
ويأتي نداء رئيس الحكومة كرسالة إلى كل المعنيين بملف الصحراء المغربية بعد أيام قليلة من عملية تدخل القوات المسلحة الملكية المغربية لتأمين حركة مرور الأشخاص والبضائع بمعبر الكركرات، وإعلان قيادة الانفصاليين التخلي عن اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي هذا الإطار، أكّد العثماني تشبث المغرب بالحفاظ على الاتفاق، لكنه شدّد في المقابل على تمسك المملكة “بالرد الحازم على أي استفزاز، سواء استهدف العازل الأمني أو القوات المسلحة الملكية”، مذكرا بقول الملك محمد السادس بأن “المغرب ليس في حالة حرب، لكنه يحتفظ بالحق في الدفاع عن نفسه والتجارة العالمية وحدوده وأرضه”.
وتزامنا مع دعوة رئيس حكومته، يستعد المغرب لاتخاذ العديد من الإجراءات التي تخص الصحراء المغربية من بينها إطلاق ورش إعمار بمنطقة معبر الكركرات كما تنمية الأقاليم الجنوبية حيث أعطت السلطات العليا الأمر بداية بتدشين مسجد كبير.
وأوضح سعدالدين العثماني في تعليقه على قرار بناء مسجد كبير في المعبر الحدودي الكركرات بأن هذه الخطوة تؤشر على “التوجه التنموي الإنساني الاجتماعي الحضاري للمغرب في مختلف مناطق المملكة، وبالخصوص في الأقاليم الجنوبية العزيزة”.