الجزائر تنفخ في رماد الاتحاد من أجل المتوسط
عكس اتصال وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم بالأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط ناصر كمال، توجه الجزائر إلى النفخ في رماد الهيئة التي لم تحقق أهدافها التي أنشئت لأجلها، بسبب التفاوت المسجل في رؤى الدول المنضوية تحت لواء الاتحاد، وهو ما يكرس نيتها تفعيل الهيئات والمنظمات الإقليمية وتحريكها في سياق المساعي المستمرة لإحياء دورها الخارجي بعد سنوات من الانكفاء، خاصة بعد فشلها في لعب دور في ليبيا.
ويعتبر الاتحاد من أجل المتوسط من أكبر الهيئات الإقليمية في المنطقة، حيث يتكون من دول الاتحاد الأوروبي الـ28 و15 دولة من جنوب وشرق حوض المتوسط، وتم تأسيسه عام 2008، في قمة باريس كاستكمال لما كان يعرف بـ”مسار برشلونة”.
وذكر بيان الخارجية الجزائرية أن “المكالمة شكلت فرصة للطرفين من أجل التطرق إلى التعاون الثنائي بين الجزائر وهذه المنظمة الإقليمية، وكذا آفاق تعزيزه”.
كما تناول الطرفان في محادثتهما “مدى تقدم التحضيرات للمنتدى الإقليمي الخامس للاتحاد من أجل المتوسط المؤمل انعقاده في السابع والعشرين من نوفمبر الجاري بمدينة برشلونة، والذي يتزامن هذه السنة مع الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لمسار برشلونة”.
وجاء في بيان الخارجية الجزائرية أن “الأمين العام للمنتدى أعرب عن ارتياحه للمشاركة الفعالة والنوعية للجزائر في النشاطات الأخيرة للاتحاد من أجل المتوسط، والتي تم تنظيمها في إطار الجهود الإقليمية الرامية إلى مواجهة التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للأزمة الناجمة عن تفشي وباء كورونا”.
في حين أشاد صبري بوقادوم بـ”جهود الاتحاد المبذولة في إطار الأزمة الصحية الحالية”، كما عرض جهود الجزائر في هذا الشأن، وعبر عن “التزام بلاده بالعمل سويا مع الأمين العام للاتحاد بغية تعزيز وتنويع تعاونهما”.
ويأتي توجه الجزائر الجديد في إطار إستراتجية جديدة تندرج في سياق ما وصف بـ”تفعيل التنسيق المشترك لظاهرة الهجرة السرية، بعدما أصبحت نقطة عبور وهجرة في آن واحد، ما انفكت تسجل يوميا أرقاما جديدة للمهاجرين إليها أو منها إلى دول الضفة الشمالية لحوض المتوسط”.
كما يُعتبر هذا التوجه نافذة دبلوماسية جديدة بعد انكفاء البلاد المفاجئ في الملفات الإقليمية الساخنة، وفشلها في لعب دور في الأزمة الليبية حيث عجزت عن إقناع الأطراف الليبية باحتضانها لجولات الحوار.
وعكس تهميش الجزائر من طرف شريكتها فرنسا في التعاطي مع صفقة الإرهابيين المفرج عنهم في مالي ضعفا دبلوماسيا، وخاصة أن هؤلاء تحولوا إلى عبء جديد على عاتقها بعدما ثبت وجود عناصر جزائرية مستفيدة من تلك الصفقة.
ويهدف الاتحاد من أجل المتوسط إلى “تشجيع الاستقرار والتكامل في عموم منطقة البحر المتوسط”، وهو ما بات مهددا في ظل التطورات المستجدة وفي منطقة شرق المتوسط بفعل الصراع الدائر بين تركيا واليونان ودخول قوى محلية على خط الأزمة.
كما يتبنى المنتدى القضايا “الإستراتيجية الإقليمية استنادا إلى مبادئ الانتماء المشترك والمشاركة في اتخاذ القرارات والمسؤولية المشتركة بين ضفتي البحر المتوسط”، فضلا عن “زيادة التكامل بين الشمال والجنوب وفي ما بين بلدان الجنوب على حد السواء في منطقة البحر المتوسط، بغية مساندة التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلدان وضمان الاستقرار في المنطقة”.
ويركز الاتحاد على “تعزيز التنمية البشرية وتشجيع التنمية المستدامة، عبر مشاريع ومبادرات إقليمية بأحجام مختلفة، يمنحها ختم اعتماده بعد قرار بالتوافق في الآراء بين البلدان الثلاثة والأربعين”.
غير أن مسار المنتدى عرف تعثرا خلال السنوات الأخيرة لاسيما بعد رحيل عرابه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وظهور خلافات قوية بين الدول الأعضاء، وخاصة دول الاتحاد الأوروبي ودول الجنوب، بسبب تمويل المشاريع المقترحة، فضلا عن دور الطرفين في مسألة الهجرة السرية، وفرص تنمية الدول الضعيفة لتحسين ظروفها الاقتصادية والاجتماعية.