“بوليساريو” توقع شهادة وفاتها
قيادة الجبهة وضعت نفسها في مأزق حقيقي وأبانت عن غباء لا مثيل له
قاد الجيش المغربي، فجر الجمعة الماضي، عملية أمام معبر «الكركرات»، لوضع حد لمغامرة جديدة لـ «بوليساريو»، التي ظلت تتراقص، طوال ثلاث سنوات الماضية، بتلك المنطقة العازلة، تارة بمسلحيها، وتارة بجنود، سوقت على أنهم مجتمع مدني، من داخل المخيم، في مسرحية مكشوفة ورطت نفسها فيها، دون أن تخطط للطريقة التي يمكن لها الخروج منها.
لقد نفد صبر المغرب، بعد قرابة شهر من تعطيل مصالح المدنيين، فاتخذ خطوة عملية حاسمة لإنهاء مسلسل الأكاذيب والدعاية المغرضة، التي روجت لها الجبهة، بعد أن أقنعت سكان المخيمات أنها خلقت أمرا واقعا جديدا بالصحراء، مراهنة على استمرار القوات المغربية في ضبط النفس، الذي حافظت عليه لقرابة ثلاثين سنة الماضية، لمحاولة الاستمرار في شطحات بهلوانية تخطط لها عساكر المحمدية وبن عكنون لخدمة أجندتها بالمنطقة.
قيادة «بوليساريو» وضعت نفسها في مأزق حقيقي لا تدري الآن كيف يمكنها الخروج منه، فقد جندت عناصرها الأمنية في المخيم لإثارة حالة من الاحتقان والتذمر الشعبي بين صفوف الشباب، لأجل تسويق هذا العمل، على أنه ضغط جماهيري، وليس خيارا بيد القيادات داخل الجبهة. وشنت حملة إعلامية وفكرية لأجل شحن العواطف واللعب على وتر الشعارات الخشبية، لتعبئة السكان، بعدما حولتهم، دون مقابل، إلى حطب معارك الجزائر التي تمني النفس بعزل المغرب إفريقيا عن طريق البر، وتعويض معبر «الكركرات» المغربي بنظيره الجزائري «حاسي 75»، حيث دفعت بقيادة الجبهة لهاوية لم تكن صاحبة الكلمة الأخيرة فيها. فمن يشاهد المقاطع والصور المتناثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، يتيقن أن مقاربة شحن العواطف التي انتهجتها الجبهة، أخيرا، ما هي إلا لف للحبل حول رقبتها.
كما أن مسلسل الانتحار الذي تدعو إليه عناصر «بوليساريو»، اليوم، على طول الأحزمة الدفاعية للجيش المغربي، في محاولة للتغطية على فرارها المخزي أمام تقدم القوات المغربية بـ «الكركرات»، ليس إلا تجسيدا لسياسة الهروب إلى الأمام التي فرضها الواقع على قيادة «بوليساريو» أمام غياب أي مخرج للمأزق الذي وضعت نفسها فيه أمام سكان المخيم، غير مبالية بدفع المنطقة إلى الاشتعال من جديد، بعدما اكتشف العالم أنها مجرد عصابة تسير بمنطق قطاع الطرق من قبل عسكر الجزائر.
فالأسلحة والمعدات العسكرية التي عمدت «بوليساريو» إلى إظهارها عبر أشرطة فيديو، وصور ثابتة، عبر تلفزيونها وجرائدها ومواقعها الرسمية، تدل، بما لا يدع مجالا للشك، أنها تلقت دعما سخيا من قبل العساكر التي تتجه نحو إشعال المنطقة، في محاولة يائسة لخلق واقع جديد، يكرس هيمنتها بإلهاء المغرب في حرب عصابات استنزافية، سعيا لتقزيم دوره المحوري في حل النزاعات الدائرة بالمنطقة، سواء في مالي أو ليبيا، اللذين تعتبرهما الجزائر امتدادا لأمنها القومي.
كان بإمكان الجبهة أن تكون أكثر ذكاء، وتطالب الحكومة المغربية بالعودة إلى طاولة المفاوضات، إلا أنها استخدمت غباءها المعهود وتمادت في تجسيد رغبات صناعها الذين أظهروا، أكثر من مرة نواياهم السيئة تجاه الصحراويين، خصوصا في مخيمات اللاجئين، حيث لا تزال الجزائر تنفذ الإجراءات التعسفية تجاه سكانها، ووجدت في التوترات الأخيرة حجة لأجل التضييق عليهم ومنعهم من الخروج أو الدخول إلى تندوف، التي تعتبر شريان الحياة بالنسبة إليهم، ممعنة في استغلالهم تحت ذريعة سعيها المزعوم إلى تحقيق استقلال يعرفون أنه من المستحيلات، لأن الصحراويين يدرون أن عجرفة وأنانية الجنرالات ستقودانهم إلى حتفهم تحت مسمى استئناف الكفاح المسلح.