مخاوف من خروج الوضع الصحي عن السيطرة في الجزائر
تعيش الجزائر وضعا صحيا مقلقا في ظل تصاعد أعداد الإصابات بفايروس كورونا خلال الأسابيع الأخيرة، حيث ناهزت سقف الألف إصابة يوميا فضلا عن نحو عشرين وفاة، ما دفع الحكومة إلى العودة إلى تشديد الإجراءات الوقائية.
ودخلت الإجراءات الوقائية الجديدة حيز التنفيذ، الثلاثاء، حيث أغلقت غالبية المحال التجارية والخدماتية أبوابها زوالا في 32 محافظة، ما أعاد أجواء الحجر الكلي الذي طُبق خلال الأشهر الماضية على عموم البلاد، مما خلق حالة من القلق والتوجس لدى الرأي العام.
ومازالت العديد من القطاعات معطلة في البلاد بسبب الحظر المطبق عليها منذ حوالي ثمانية أشهر، على غرار النقل بين المحافظات والنقل بواسطة القطارات والمترو، إلى جانب الطيران الداخلي والدولي، الأمر الذي كبّد تلك المؤسسات خسائر كبيرة دفعت بها إلى تطبيق تدابير مؤلمة تجاه الطبقة الشغيلة.
وذكر الخبير والباحث في علم الفايروسات محمد ملهاق أن “الإجراءات المعلن عنها مؤخرا تستهدف الحد من توسع دائرة العدوى، بعد ظهور حالة من التراخي بين السكان، مما نجم عنها ارتفاع مؤشر الإصابات”، ونفى أن تكون بلاده تشهد موجة ثانية من الوباء.
ولكن هذه التطمينات لا تنفي وجود مخاوف جدية من خروج الوضع الصحي عن السيطرة مع امتلاء المستشفيات بموازاة تزايد عدد الإصابات بكوفيد – 19.
وصرح عضو اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة ورصد تفشي الجائحة رضا ميهاوي، للصحافيين، بأن “الوضع الصحي في البلاد خطير ومقلق جراء ارتفاع حالات الإصابة بالفايروس وأن المستشفيات امتلأت عن آخرها ولا توجد أسرّة لاستقبال المرضى”.
وأضاف “السكان باتوا مطالبين بالتحلي بروح المسؤولية والتزام بيوتهم، وعدم الخروج إلا للضرورة، لأن الإجراءات التي فرضتها الحكومة مؤخرا لاحتواء الفايروس لن تأتي بنتيجة في حال استمر البعض في الاستهتار بإجراءات الوقاية، خاصة في ما يتعلق بارتداء الكمامات واحترام التباعد الاجتماعي”.
وتابع “إن الطاقم الطبي في المستشفيات يعيش تحت ضغط رهيب والوضعية الصحية حرجة، ونحن على أبواب تسجيل ألف إصابة يوميا في حال لم يستجب المواطنون لإجراءات الوقاية التي حددتها المصالح الصحية”.
ومازالت الاتهامات متبادلة في الشارع الجزائري بين مؤسسات رسمية تنتقد حالة التراخي وعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية، بينما ذكرت بعض الروايات بأن الأرقام الجديدة ناجمة عن تهاون السلطات المختصة التي سمحت بالتجمعات السياسية والشعبية خلال الحملة الانتخابية للاستفتاء الدستوري المنتظم في الأول من شهر نوفمبر الحالي.
ونقل شهود عيان من عدة مستشفيات بالعاصمة وضواحيها، أن “المصالح المختصة التي هيأتها الإدارات الصحية هي في حالة تشبع تام، وأن الكثير من المصابين يُنصحون بالبقاء في منازلهم بعد تزويدهم بالأدوية المساعدة على تنشيط نظام المناعة”.
وفي المقابل تُركت الحرية الكاملة لولاة المحافظات لاتخاذ الإجراءات المناسبة وفق تطور الوضع الصحي عندهم، كما لجأت العديد من السلطات المحلية إلى تهيئة فضاءات واستغلال مرافق عمومية تحسّبا لاستقبال المصابين، لأنه لم يعد بإمكان المستشفيات تلبية حاجة الجميع.
وفي تصريح أدلى به للإذاعة الحكومية الثلاثاء، ذكر العضو في لجنة المتابعة والرصد عبدالكريم طواهرية بأن “هناك تهاونا بالتدابير الوقائية”.
ولم يستبعد المتحدث أن “تلجأ الحكومة إلى إجراءات جديدة مشددة، وأن ما أقرته بخصوص الحجر الصحي الجديد لمدة 15 يوما، كان مبنيّا على التحقيقات الوبائية، وذلك بغية خفض عدد الإصابات من جديد”.