اتهامات للسلطة الجزائرية بتهديد الحريات الدينية
أثارت أحكام قضائية لها خلفيات دينية صدرت في حق ناشطين سياسيين معارضين، جدلا في الأوساط السياسية الجزائرية بين مستنكر لها كونها تعاقب على أفكار واعتقادات خصوصية، وداعم لها لأنها تحد من حملة التطاول على أحد الثوابت الأساسية للجزائريين.
وأعرب عدد من المحامين المحسوبين على التيار الإسلامي والمحافظ في الجزائر عن تطوعهم للتأسيس كطرف مدني في قضية ما وصفوه بـ”تطاول وإساءة الناشطة السياسية المعارضة أميرة بوراوي، على الرمز الأول للمسلمين، واستفزاز مشاعر غالبية الجزائريين المتشبثين بثوابتهم الدينية والحضارية”.
وكانت محكمة الدار البيضاء بالعاصمة قد نطقت بحكم ثلاث سنوات سجنا نافذة في حق الناشطة المذكورة بتهمة “الإساءة للدين الإسلامي والتطاول على المعلوم من الدين”، وهي التهمة التي تعود إلى صائفة العام الماضي، لما نشرت على حسابها الخاص بفيسبوك تدوينة ضمنتها مفردات مسيئة ومستفزة طالت الرعيل الأول من الرسالة الإسلامية وعلى رأسهم رسول الإسلام.
وفيما استنكرت دوائر حقوقية ذات خلفيات علمانية الحكم القضائي الصادر في حق الناشطة أميرة بوراوي، معتبرة إياه “أداة قهرية لحرية التفكير والتعبير والمعتقد”، ثارت فواعل التيار الإسلامي والمحافظ ضدها، واعتبرتها “امتدادا لحملة معادية تشنها دوائر غربية ضد الإسلام والمسلمين”.
وجاء الحكم المذكور لينضاف إلى حكم سابق وصف بـ”القاسي والثقيل”، في حق الناشط البربري ياسين مباركي، الذي نطقت في حقه محكمة خنشلة في شرق البلاد بعقوبة عشر سنوات سجنا نافذة، بتهم مشابهة إثر نشره تدوينات مماثلة في حسابه الشخصي على فيسبوك.
دوائر حقوقية تستنكر الحكم القضائي الصادر في حق الناشطة أميرة بوراوي وتعتبره أداة قهرية لحرية التفكير والتعبير والمعتقد
وأفادت تقارير أمنية استندت إليها المحكمة، بأنه “تم العثور على مجموعة كتب دينية وتاريخية ونسخة قديمة من المصحف، وأثناء تصفحه تبين أن به صفحة ممزقة، لتوجه له تهم التحريض على الإلحاد والمساس بالمعلوم من الدين”.
والتمس ممثل النيابة في حقه عقوبة ثماني سنوات سجنا، غير أن فريق الدفاع عن الناشط البربري المعارض للسلطة، ذهب في تصريحاته عكس ذلك تماما، وذكر أحد محاميه بأن “ذنب ياسين مباركي، أنه أقنع العديد من شباب خنشلة، بتطليق الخطاب المتطرف الذي تنشره مواقع تنظيم داعش على شبكة التواصل الاجتماعي والمدونات الإلكترونية، وجعلهم يرفعون الراية الأمازيغية”.
وقال المحامي هاشم ساسي إن “المحاكمة لم تكن عادلة لأن القاضي كان منحازا إلى أيديولوجية معينة، وملف موكلي مبني على ثلاثة عناصر؛ هي المصحف الذي عُثر عليه في بيت عتيق خصصه ياسين مباركي لأدواته القديمة وأرشيفه، ولما طالبنا بإحضار المصحف لمعاينته، رفضت المحكمة ولحد الساعة لم نر المصحف ولا صور عنه تثبت تدنيسه”، وحسب المعلومات التي استقتها هيئة الدفاع، فإن المصحف قديم مكتوب بخط اليد ورثه ياسين عن والده وبه حرق بسيط في صفحته الأولى.
وتابع “العنصر الثاني يتمثل في منشورات وتسجيلات فيسبوكية، اعتبرتها المحكمة مساسا بالمعلوم من الدين، رغم أنها عبرت عن وجهة نظر متداولة كثيرا في الشارع الإسلامي، على غرار سن السيدة عائشة لما تزوجها رسول المسلمين، وسبي النساء، وأخرى تتعلق بالمفكر البعثي ميشال عفلق”.
ولفت فريق الدفاع إلى أن العقوبة الثقيلة المسلطة على موكلهم تحمل دلالات سياسية وأيديولوجية، لأنها تنطوي على توظيف للدين الإسلامي في تصفية الحسابات السياسية بين المؤسسات الرسمية، وبين المعارضين للسلطة والناشطين في الحراك الشعبي.