أحزاب مغربية تخطط لتمثيل مغاربة العالم بوجوه مواقع التواصل الإجتماعي
تجدد النقاش السياسي في المغرب حول حق مغاربة العالم في المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة لسنة 2021، وسط مطالب بإدخال تعديلات على القوانين الانتخابية ورفع اعتراض وزارة الداخلية حول إشراك الجالية في البرلمان. رغم التزامها، في وقت سابق، بأنها ستعالج إشكالية تمثيلية المغاربة المقيمين بالخارج في المؤسسة البرلمانية.
وينص دستور المملكة على أن “يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشح في الانتخابات“،كما “يمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهوية والوطنية“، “ويحدد القانون المعاييرالخاصة بالأهلية للانتخاب وحالات التنافي“، “كما يحدد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح، انطلاقا من بلدانالإقامة“.
و لا ننسى أن هناك أساسا دستوريا وسياسيا وواقعيا لتمثيل مغاربة العالم في البرلمان“، و أن “البرلمان المغربي يجب أن يكون مرآة تعكسالشعب المغربي داخليا وخارجيا، فالتعاقد الدستوري لسنة 2011 دستر هذا الحق، في اتجاه ضمان مشاركة مغاربة العالم بالترشح والتصويت“.
وقبل الوثيقة الدستورية، فأن هناك إرادة ملكية عبر عنها رئيس الدولة في ضرورة تمثيل مغاربة العالم في البرلمان، ترسيخا لثقافة المواطنة،وفق ما جاء في الخطاب الملكي ليوم 6 نونبر 2005.
وعلى الرغم مما جاء به الدستور الجديد، والمقتضيات القانونية المنظمة للحياة الحزبية، لم يتمكن الفاعل الحزبي من وضع قطيعة مع الماضي،إذ لا يزال فقدان الثقة من قبل المواطنين قائماً، في ظلّ واقعٍ حزبي يتميز بتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، وعدم القدرة علىالقيام بالأدوار الدستورية المتمثلة في تأطير المواطنين وتكوينهم سياسياً، ما يجعل الناخب أمام واقع سياسي لا يغري على الإقبال علىصناديق الاقتراع، وقبله على التسجيل في اللوائح الانتخابية.
ولعل هذا الواقع هو ما دفع بعض قادة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، إلى مطالبة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، خلال الجولةالأولى لمشاورات الإعداد للانتخابات المقبلة، والتي عُقدت في مارس الماضي، بالقيام بإجراءات تصالح المغاربة مع السياسة، وذلك تخوفاً منارتفاع ظاهرة العزوف الانتخابي.
ورغم فشل الأحزاب في كسب المغاربة و تأطيرهم إلا أنها أصبحت تتحرك خارج الوطن لعقد مؤتمرات و ندوات عبر وسائل التواصل عن بعد لخلق خريطة طريق لتمثيل الجالية المغربية ، و الغريب في الأمر هو أن هذه التحركات تشمل فقط شخصيات الفيسبوك و الانستكرام الذين يتكلمون بإسم الجالية و جمعيات الجالية و أغلبيتهم في الحقيقة ليسوا الا إنتهازيين يبحثون عن التمويلات و التحويلات المرسلة من المغرب ،و هذه الندوات ليست الا فراغا و مضيعة للوقت مع أشخاص لا يفقهون لا في السياسة و لا في الأحزاب و لا حتى في مطالب الجالية ،فمنهم من استيقض في الصباح ليعطي لنفسه لقب الدكتور و منهم من أصبح أستاذا و مرشدا وخبيرا في العلوم الفلكية بدون أي شهادات أو دراسات ، وليست الأحزاب المغربية فقط من سقطت في هذا الفخ لأن جرائد مغربية كبرى سقطت في نفس الفخ و قدمت أشخاص لايعرفون حتى ان يخططوا بأيديهم كدكاترة و أساتذة و غيرها من الصفات المقننة ، و الأمثلة عديدة في طريقة انتحال الصفاة بين افرادالجالية و الذين أصبحوا كالزيت فوق الماء.
الكل يعلم أن من بين مغاربة العالم سياسيين و دكاترة و مهندسين حققوا الكثير في بلدان الإستقبال و لهم أفكار مستقبلية بإمكانها أن تغير العديد من الأشياء في الأحزاب و السياسة المغربية التي أصبحت تعتبر اليوم فراغاً وهوة حقيقية بين المواطن والشأن السياسي، إلىحدّ أن المجتمع يبدو في وادٍ، والفضاء المؤسساتي والسياسي والحزبي في وادٍ آخر.
و في ظلّ هذا الوضع، لا يمكن مباشرة النقاش حول الانتخابات، من دون مناقشة أزمة الثقة الموجودة في المجتمع، ومن دون أن نرى ماهيةالإجراءات التي من شأنها أن تفضي إلى انفراج سياسي ومصالحة بين الشأن السياسي وبين المواطن.
و من بين المبادرات التي يمكنها ان تساهم في تلافي شبح العزوف الانتخابي، هي خلق جوٍّ سياسي جديد، من خلال إحداث انفراج فيبعض النزاعات الاجتماعية، وتجاوزها بالإفراج عن المعنيين بها، مشيراً إلى أن الأحزاب السياسية مطلوب منها أن تكون حاضرةً بكلاستقلالية، وأن تملأ الساحة وتفيق من سباتها، وتعيد النظر في أساليبها، وكذلك أن تفتح أبوابها للجديد وتجد صيغاً للانغماس أكثر فيالمجتمع ، و تمكين مغاربة العالم من المشاركة السياسية في الإنتخابات عبر طاقات و شخصيات وازنة بمراكزها في دول الإقامة لا بخرجاتهافي مواقع التواصل الإجتماعي .
ومن بين المبادرات المطلوبة كذلك لمواجهة تحدي العزوف، و تعزيز العرض السياسي للحزب القائم على قيم الشفافية والنزاهة والكفاءة فيأداء الوزراء والبرلمانيين والمنتخبين المحليين، وعلى استدامة علاقة القرب مع المواطنات والمواطنين بتكثيف آليات التواصل والتأطير والترافع عنقضاياهم، ومواصلة الحزب لمبادراته التواصلية مع المواطنين القائمة على القرب والإنصات والترافع، سواء تعلق الأمر بـ“قافلة المصباح” (قافلة سنوية لتلقي شكاوى المواطنين) السنوية للبرلمانيين، أو بغيرها من المبادرات التي يسهم وزراء الحزب وقياديوه ومنتخبوه في تأطيرها.