“حمس” تستغل الأزمة بين الحكومة الجزائرية والبرلمان لتصفية حساباتها مع السلطة
يعمل أكبر الأحزاب الإخوانية في الجزائر “حركة مجتمع السلم” على الاستثمار السياسي للأزمة التي اندلعت بين أعضاء برلمانيين وبين وزراء في حكومة عبدالعزيز جراد، وعلى تسييرها في اتجاه إضفاء سجال جهوي وعرقي، يتطلب تدخلا فوقيا لدعم ما يصفه بـ”ثوابت الأمة”.
وحذرت “حمس” مما أسمته بـ”التوجهات المشبوهة لبعض الوزراء الذين يشتغلون لصالح مجموعات مصالح وليس لمصلحة الدولة والمجتمع”، وأن “الاعتماد على الاحتكار الرأسمالي لعدد قليل من المؤسسات الخاصة لتنشيط الاقتصاد المتهاوي عمل مشبوه وغير وطني”.
وجاءت تحذيرات حركة مجتمع السلم، في خضم اتهامات لاذعة وجهها نواب برلمانيون، خاصة أعضاء لجنة المالية، لوزير الصناعة فرحات آيت علي، حول ما وصفوه بـ”تفصيل الوزارة لدفتر شروط استيراد المركبات والتجهيزات الكهرومنزلية على مقاس أحد أكبر رجال الأعمال في البلاد”.
وكان النائب عبدالغني ويشر، من حزب تجمع أمل الجزائر “تاج”، قد صرح خلال مداخلته في جلسات مناقشة قانون الموازنة العامة في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، بأن الوزير المذكور صار “فوق القانون وفوق البرلمان وفوق المؤسسات”، وألمح إلى “نزعة عرقية وجهوية في توجهات الوزير تجلت في التسهيلات الخاصة التي أفردتها وزارته لرجل الأعمال يسعد ربراب”.
وينحدر رجل الأعمال المذكور والوزير فرحات آيت علي، من محافظة تيزي وزو (عاصمة منطقة القبائل)، وهو الرابط الجهوي، الذي تسعى جهات برلمانية إلى الاستثمار فيه لإضفاء انحراف غير مسبوق في أداء الوزارة، وكان محل تحذير الرجل الأول في حركة مجتمع السلم الإخوانية عبدالرزاق مقري.
ولإبعاد شبهة الاستغلال السياسي عن موقف حمس المذكور، فقد أوردته ضمن جملة من القضايا التي تناولها بيانها الأخير، على غرار دعوتها للسلطات الرسمية إلى مراجعة “خطط وأدوات مواجهة جائحة كورونا، بغية التحكم فيها صحيا، وبما يحفظ المواطنين من الإرهاق المعيشي والآثار الاجتماعية والنفسية”، وذلك في أعقاب التخبط الظاهر في أجندة الحكومة في التعاطي مع الارتفاع المطرد لحالات الإصابة بالوباء، التي سجلت أرقاما قياسية غير مسبوقة بعدما ناهزت سقف الألف إصابة يوميا.
وذهبت إلى ضرورة ما أسمته بـ”إضفاء الشفافية من قبل السلطات المختصة، في ما يتعلق بالوضع الصحي لرئيس الجمهورية، لتفادي التسريبات والإشاعات المضرة بالوضع وبصورة الرئيس نفسه”، في إشارة إلى الشكوك المتصاعدة حول الوضع الحقيقي لصحة الرجل الغائب عن الأنظار منذ نحو ثلاثة أسابيع، رغم التطمينات التي ما فتئ يقدمها الإعلام الرئاسي للرأي العام.
وحرص إخوان الجزائر على الحضور الدائم في مختلف المجالس المنتخبة وطنيا ومحليا، رغم انتقادهم للحكومات المتعاقبة بتزوير الانتخابات والتلاعب بأصوات الجزائريين، ورفضوا في كل مرة دعوات المعارضة إلى الانسحاب من تلك المجالس لإحراج السلطة سياسيا، ويبررون ذلك بكون وجودهم يضمن الاطلاع على الحقائق ومعارضتها من الداخل.
وكانت حمس في صدارة القوى السياسية الإسلامية والمحافظة في الجزائر، التي استهجنت ما وصفته بـ”حملة التطاول واستفزاز مشاعر المسلمين من طرف نخب رسمية وإعلامية في فرنسا”، في محاولة لتوظيف أزمة الفرنسيين مع شعوب إسلامية وعربية، للظهور في ثوب جبهة الدفاع عن الثوابت الدينية، واستمالة الشارع الذي انفض عنها خلال السنوات الأخيرة.
واستغلت حمس الفرصة لـ”التنديد بالتصرفات الرسمية المؤذية لمشاعر الجزائريين مع الوزراء الفرنسيين المتعاقبين على زيارة الجزائر، لاسيما مظاهر الاحتفاء في فترة الإساءة المعلومة لرسول المسلمين، ومشاركة بعض الجزائريين في تكريم قتلى الجنود الفرنسيين في الثورة التحريرية”.
وكانت الجزائر قد استقبلت خلال الأسابيع الأخيرة زيارتين لوزيري الخارجية والداخلية الفرنسية، جون إيف لودريان، وجيرالد دارمانان، تناولا خلالها قضايا مهمة ومشتركة بين البلدين، على غرار ترحيل المتطرفين الإسلاميين والمهاجرين السريين.