الحرب خيار المغرب الصعب لمنع البوليساريو من تقسيم الصحراء

بعد أن استنفد مختلف سبل التهدئة، قرر المغرب التحرك العسكري لوقف استفزازات جبهة البوليساريو بعد أن عملت على تعطيل حرية تنقل الأشخاص والبضائع في منطقة الكركرات الحدودية مع موريتانيا.

ويتجاوز الأمر بحسب مراقبين مسألة تعطيل مرور البضائع إلى موريتانيا وأفريقيا عن طريق المعبر إلى سعي الجبهة الانفصالية إلى إنشاء دولة في المناطق “المحررة” من الصحراء.

وقالت مصادر مغربية إن المغرب لم يتحرك إلا بعد أن تعطلت محاولات متكررة للتهدئة لكن الجبهة الانفصالية تتمادى في استفزازاتها ما يعكس وجود خطة مسبقة للتصعيد تم ترتيبها مع الجزائر لإعادة خلط الأوراق في وقت بدت فيه رؤية المغرب للحل تحوز على ثقة مختلف الأطراف المتداخلة في الملف.

وأشارت المصادر إلى أن المملكة المغربية أبانت عن صبر لا متناه وضبط للنفس لكن ذلك لم يمنع التصرفات الاستفزازية لجبهة البوليساريو، التي لم تكف عن عرقلة السير العادي للبضائع والأشخاص بالكركرات.

وكشفت المصادر أنه بعد تدخل القوات المسلحة المغربية قامت عناصر البوليساريو بإشعال النيران في مخيماتها التي نصبتها سابقا بشكل غير قانوني، قبل أن تلوذ بالفرار.

ورغم استثمار جبهة البوليساريو لتحرك المغرب العسكري للإعلان عن الحرب وهو الأمر الذي يبدو أنها كانت تعد له منذ بدء الاستفزازات في نهاية 2016، إلا أن مراقبين يرون أن تحرك المغرب “كان شرا لابد منه” لأن الإنفصاليين كانوا يستثمرون صبر المغرب لفرض أمر واقع جديد تربك به المسار السياسي الأممي.

ويقول المحلل السياسي المغربي  صبري الحو إن “سكوت أو تراخي المغرب في الرد الحازم، سيكلفه تنازلا صعبا ومكلفا بضياع الأرض وحقوقه الترابية في المقدمة. وسيعطي الانطباع بالقابل عمليا بالتقسيم، وهو خيار سبق للمغرب رفضه سنة 2004 ، وقبلت به الجزائر، تبعا لخلاصات الأمين العام السابق كوفي عنان، وتدفع اليه البوليساريو في المنطقة العازلة”.

ويضيف الحو “الظاهر أن البوليساريو فقدت كل أمل في “دولة صحراوية كبيرة” في إطار العملية السياسية الحالية لمجلس الأمن، وأدركت نتيجتها بعد تفكيكها العلاقة بين النعت و المنعوت للحل الأممي السياسي والواقعي والعملي. الذي يمضي لصالح إقرار مبادرة المغرب بالحكم الذاتي ولو بصيغة متطورة”.

وتابع في مقال نشره قبل أيام في موقع محلي “إن حزم وصرامة المغرب لمنع ذلك أصبحا فريضة وليس مستحبا، في إطار تدخل يكون بإيمان الحسم النهائي بضم كل أراضيه في الجنوب كما في شرق الجدار الدفاعي. نعم هي حرب ستكون طويلة لكنها ضرورية وحاسمة، وقد تكون شاملة لأنها ستكشف عن العدو الحقيقي الذي يحارب المغرب، او الاعداء الحقيقيين الذين يحاربونه” في إشارة إلى الجزائر الداعم الأول للانفصاليين.

ويربط مراقبون بين ما يجري حاليا في إقليم الصحراء ونتائج الانتخابات الأميركية خاصة وأن جبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر كانتا تراهنان على إدراة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرض الأمر الواقع في المنطقة لكن ذلك الرهان تقلص مع إقالة مستشاره للأمن القومي جون بولتون الذي لوح بالحرب عندما هدد بانهاء مهمة بعثة “المينورسو” الأممية.

وتحاول البوليساريو استثمار الفترة الانتقالية في الولايات المتحدة لفرض الأمر الواقع تحسبا لامكانية اتخاذ إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن قرارات داعمة لموقف المغرب تتوج الانتصارات الدبلوماسية التي حققها خلال الفترة الماضية كان أهمها افتتاح عدد من الدول لسفارات لها في الصحراء.

وأعلن المغرب الجمعة أنه أطلق عملية عسكرية في منطقة الكركرات العازلة في الصحراء المغربية وردّت البوليساريو معتبرة أن العملية أنهت وقف إطلاق النار بين الجانبين المعمول به منذ 30 عاما، وأن “الحرب بدأت”.

وقال بيان لوزارة الخارجية المغربية اليوم إن العملية تأتي بعد إقفال أعضاء من جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) منذ 21 أكتوبر، الطريق الذي تمرّ منه خصوصا شاحنات نقل بضائع من المغرب نحو موريتانيا وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء.

وأوضحت قيادة القوات المسلحة المغربية في وقت لاحق أنها “أقامت ليل الخميس الجمعة حزاما أمنيا من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر المنطقة العازلة” في الكركرات.

وشددت في بيان نقلته وكالة الأنباء المغربية على أن العملية “ليست لها نوايا عدوانية”، و”تقوم على تجنب أي احتكاك مع أشخاص مدنيين وعدم اللجوء إلى استعمال السلاح إلا في حالة الدفاع الشرعي”.

كذلك، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة “لا يتعلق الأمر بعملية هجومية إنما هو تحرك حازم إزاء هذه الأعمال غير المقبولة”، مؤكدا أن عناصر المينورسو الموجودين على الأرض “سجلوا عدم حدوث أي احتكاك مع المدنيين”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: