المغرب يتحرك لردع البوليساريو في الكركارات بعد فشل جهود التهدئة
قرّر المغرب التحرك ووضع حد “للاستفزازات الخطيرة”، لجبهة البوليساريو في المنطقة العازلة للكركارات، بعد فشل جهود التهدئة، التي قادها الأمين العام للأمم المتحدة وبعثة المينورسو.
وقامت جبهة البوليساريو في الأسابيع الأخيرة بعدة خطوات استفزازية للجانب المغربي، كان آخرها تهديداتها بإغلاق المعبر الحدودي الذي افتتحه المغرب عام 2002 لإيصال منتجاته وسلعه إلى غرب أفريقيا عبر الأراضي الموريتانية.
ولم يكن للنداءات التي وجهتها الأمم المتحدة أي صدى لدى الجبهة، التي تسعى بتحريض من الجزائر إلى إعادة خلط الأوراق مجددا لاسيما بعد الاعتراف الدولي بالحل المغربي لأزمة إقليم الصحراء.
وأعلنت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج الجمعة، في بيان “أنه وأمام الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة لميليشيات البوليساريو في المنطقة العازلة في الصحراء المغربية، قرر المغرب التحرك، في احترام تام للسلطات المخولة له”.
وأوضح البيان أن هذه العملية تأتي بعد عرقلة البوليساريو، الطريق الذي تمر منه خصوصا شاحنات نقل بضائع نحو موريتانيا وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء.
وأكدت الخارجية، في بيانها “بعد أن التزم المغرب بأكبر قدر من ضبط النفس، لم يكن أمامه خيار آخر سوى تحمل مسؤولياته من أجل وضع حد لحالة العرقلة الناجمة عن هذه التحركات وإعادة إرساء حرية التنقل المدني والتجاري”.
وأشار المغرب إلى أن البوليساريو وميليشياتها، التي دخلت المنطقة منذ 21 أكتوبر 2020، نفذت أعمال قطع طرق هناك، وعرقلت حركة الأشخاص والبضائع على هذا الطريق، واستمرت في مضايقة المراقبين العسكريين.
وأعلنت وزارة الخارجية أن “المغرب قرر أن يتصرف وفقا لصلاحياته بحكم واجباته وبامتثال كامل للشرعية الدولية”، محملا جبهة البوليساريو وحدها المسؤولية الكاملة والعواقب الكاملة.
وشددت على أن أعمال ميليشيات الجبهة الموثقة تشكل تهديدا حقيقيا لزعزعة الاستقرار، والتي تغير وضع المنطقة، وتنتهك الاتفاقات العسكرية وتشكل تهديدا حقيقيا لاستدامة وقف إطلاق النار، كما تقوض فرص أي إحياء للعملية السياسية التي يرغب فيها المجتمع الدولي.
ولن تكون العملية التي أعلن عنها المغرب ذات طابع هجومي، وستكون محدودة من حيث التدخل، وهو ما أكدت عليه أيضا القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية.
وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة “لا يتعلق الأمر بعملية هجومية إنما هو تحرك حازم إزاء هذه الأعمال غير المقبولة”، مؤكدا أن عناصر المينورسو الموجودين على الأرض “سجلوا عدم حدوث أي احتكاك مع المدنيين”.
وأعلنت القيادة العامة في بلاغ أنها قامت، ليلة الخميس-الجمعة، بوضع حزام أمني من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر المنطقة العازلة.
وأوضحت أن “هذا القرار جاء إثر الحصار الذي قام به نحو ستين شخصا تحت إشراف عناصر مسلحة من البوليساريو بمحور الطريق الذي يقطع المنطقة العازلة بالكركارات، ويربط المملكة المغربية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، وتحريم حق المرور”.
وشددت على أن هذه العملية غير هجومية ودون أي نية قتالية، تتم حسب قواعد الالتزام الواضحة التي تقتضي تجنب أي اتصال بالأشخاص المدنيين واللجوء إلى استعمال الأسلحة فقط في حالة الدفاع عن النفس.
ولطالما سعت البوليساريو إلى إثارة البلبلة في المنطقة العازلة، وانتهاك الاتفاقيات العسكرية، على غرار قرارات مجلس الأمن، التي طالبت الجبهة الانفصالية مرارا بـ”وضع حد” لهذه الأعمال المزعزعة للاستقرار.
وانتقد العاهل المغربي الملك محمد السادس منذ أيام “التحركات اليائسة”، مشددا بأنه “لن يقبل بإيجاد حاجز بين بلاده وموريتانيا”.
وأكد العاهل المغربي، بمناسبة الذكرى الـخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء، على رفضه القاطع للممارسات المرفوضة في سياق محاولة عرقلة حركة السير، بين بلاده وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني، أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة.
وقال إن المغرب سيبقى “كما كان دائما، متشبثا بالمنطق والحكمة؛ بقدر ما سيتصدى، بكل قوة وحزم، للتجاوزات التي تحاول المسّ بسلامة واستقرار أقاليمه الجنوبية”، مضيفا “أننا واثقون بأن الأمم المتحدة والمينورسو، سيواصلان القيام بواجبهما، في حماية وقف إطلاق النار بالمنطقة”.
وفي خطوة تصعيدية أعلنت الجبهة الانفصالية “الحرب”، قائلة إن المغرب بتحركه ألغى وقف إطلاق النار الموقع في العام 1991 رغم تأكيد الرباط على أن العملية ليست ذات طابع هجومي.
وقالت على لسان مسؤولها عن الشؤون الخارجية محمد سالم ولد السالك المقيم في الجزائر “الحرب بدأت. المغرب ألغى وقف إطلاق النار” الموقع في 1991. وأضاف “إنه عدوان يجري الرد عليه”.
ومنذ أيام وجّه 200 سائق شاحنة مغربي نداء إلى المغرب وموريتانيا، قالوا فيه إنّهم عالقون في معبر الكركارات، وفق وكالة الوئام الوطني للأنباء الموريتانية.
وجاء في بيان السائقين أنّهم عالقون في الجانب الموريتاني بعدما “منعتهم ميليشيات تابعة للانفصاليين” من عبور منطقة الكركارات أثناء عودتهم عبر الحدود البرية مع موريتانيا، على مسافة نحو 380 كلم شمال نواكشوط، وهي تقع في منطقة عازلة تجري فيها قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة دوريات بانتظام.
ومنذ المصادقة في 30 أكتوبر الماضي على قرار مجلس الأمن رقم 2548، المتعلق بالمقترح المغربي للحكم الذاتي، والذي وضع حدا لسنوات من الالتواءات الدولية والطلاسم الدبلوماسية، تحاول الجبهة بدعم جزائري إعادة خلط الأورواق مجددا.
وعززت الاختراقات الدبلوماسية التي حققها المغرب في الفترة الأخيرة من خلال افتتاح عدة دول لقنصليات في الإقليم، مخاوف البوليساريو وراعيتها الإقليمية من انقلاب كلي في رؤية المجتمع الدولي حيال طبيعة الصراع في المنطقة.