هل يتسبب ميسي في إفلاس برشلونة؟
كان يمكن لرحيل ميسي الصيف الماضي أن ينعش خزائن البارسا بمداخيل تفوق 200 مليون يورو لو تمت الاستجابة لرغبته في الرحيل بعدما قضى ما يقارب العقدين من الزمن، كانت الأجمل في تاريخ النادي، لكن الادارة السابقة رفضت الاستغناء عن نجمها أملا في تجديد عقده، لتجد نفسها أمام مأزق إقناع اللاعب بالتجديد قبل يناير/كانون الثاني وتجنب رحيله مجانا نهاية الموسم، ما يكلف النادي خسارة مالية كبيرة في وقت يسعى الى تخفيض رواتب اللاعبين لأجل توفير ما يقارب 190 مليون يورو، وفي وقت تشير التقارير الى أن تجديد عقد ميسي يتطلب موارد مالية لا يملكها النادي اليوم، خاصة وأن اللاعب لن يجدد بدون اعادة النظر في راتبه الذي لا يقل هذه المرة عن 40 مليون يورو سنويا، وهو رقم كبير يصعب على الادارة توفيره في ظل الظروف الراهنة.
الظروف المالية الصعبة لأحد أكبر الأندية في العالم تفرض على الإدارة المؤقتة البحث عن موارد جديدة لا تقل عن 300 مليون يورو للحفاظ على توازناته المالية للموسم الجديد الذي ستنخفض مداخيله بأكثر من 200 مليون يورو مقارنة بالسنة الماضية، وتتعقد أكثر برحيل ميسي بدون مقابل، خاصة وأن الفريق سيكون بحاجة إلى موارد مالية للحصول على خدمات ممفيس ديباي المهاجم الهولندي لليون خلال الميركاتو الشتوي لتعويض غياب المهاجم أنسو فاتي الذي أجرى جراحة الأسبوع الماضي ستبعده عن الملاعب لأربعة شهور، كما سيكون الفريق في حاجة للاحتفاظ بلاعبه عثمان ديمبيلي الذي كان ينوي الاستغناء عنه في نفس الفترة لإنعاش الخزينة.
المعادلة صعبة على الادارة المؤقتة الحالية التي لا يمكنها اتخاذ قرارات مصيرية، لذلك تسعى الى إجراء انتخابات الرئاسة نهاية شهر ديسمبر/كانون الاول لتسمح للرئيس المنتخب بتسيير التركة الأصعب في تاريخ النادي الكتالوني، خاصة وأن رحيل ميسي بدون مقابل سيكبد الفريق خسارة كبيرة، واقناعه بالتمديد سيكون مكلفا أكثر في ظل شح الموارد المالية، خاصة بسبب تداعيات فيروس كورونا الذي حرم الفريق من مداخيل المنخرطين وعمليات بيع التذاكر وكل ما يرافقها من نشاطات تجارية توقفت منذ مدة، مثلما تراجعت المداخيل بسبب الإخفاق في تحقيق الألقاب.
المرشحون للرئاسة سيلعبون على وتر ورقة ميسي في انتخابات نهاية ديسمبر، ثم بعدها سيدخل الرئيس الجديد في سباق مع الزمن لأجل البحث عن الموارد التي تسمح له بتجديد عقد ميسي، ومن ثم إقناعه بالتمديد، وهي المهمة التي تبدو صعبة جدا في ظل الظروف التي مر بها اللاعب وجعلته يرحل نفسيا وذهنيا منذ الصيف الماضي في انتظار رحيله الجسدي الذي ظهرت معالمه في مردوده المتواضع منذ بداية الموسم، حيث اكتفى بتسجيل ستة أهداف في سبع مباريات في الليغا، بينها خمسة من ركلات جزاء، وهي أرقام فريدة من نوعها تحمل دلالات كبيرة على أن ميسي لم يعد ميسي منذ بداية هذا الموسم، ولم يعد لديه نفس التحفيز والرغبة في اللعب رغم تسجيله لهدفين في أخر مباراة أمام بيتيس التي فاز فيها الفريق بالخمسة.
تراجع مردود ميسي واصابة فاتي وعدم قدرة غريزمان على التأقلم مع فريقه لحد الآن ورفض بعض اللاعبين تخفيض أجورهم، كلها عوامل ستؤثر على نتائج وأداء الفريق على المدى القريب، كما أن العلاقة الباردة لميسي مع مدربه كومان منذ مجيئه قد تكون عاملا مساعدا على رحيل الأرجنتيني، خاصة وأنه كان السبب في رحيل صديقه الأوروغواني لويس سواريز، لذلك تشير أغلب التوقعات الى أن ميسي سيرحل نهاية الموسم بدون أي مقابل لأنه سيصبح لاعبا حرا، وعندها سيخسر الفريق الكتالوني ماديا، ويخسر فنيا لأنه ليس جاهزا لتعويض نجمه الذي كان وراء كل الإنجازات التي حققها الفريق على مدى خمسة عشر عاما.
اذا رحل ميسي تتراجع مداخيل الاعلانات والاشهار والماركيتنغ التي كان يستقطبها ميسي لوحده، وتبدأ مرحلة بداية نهاية الفترة الذهبية للفتى الذهبي التي يعتقد البعض بأنها ستكون بمثابة ضارة لا بد منها على المدى القريب، تصبح نافعة على المدى البعيد، تنقل الفريق من زمن إلى آخر وتنهي حكاية جميلة كان يجب أن تنتهي لسبب أو لأخر، لتبدأ مرحلة أخرى لا بد منها عاجلا أو أجلا بدون ميسي.
البعض الآخر من العقلاء يعتقد بان نهاية القصة ستكون لها تداعيات سلبية أكيدة، ستكون الادارة القادمة مطالبة بالتخفيف من أضرارها، مع ضرورة تجنب الصدام والخصام على الأقل والسعي لتجنب نهاية درامية يخسر فيها الطرفان، لأن ميسي بدوره سيفتقد الفريق الذي منح كل شيء منذ كان صغيرا، إلا اذا تمكن المرشح للعودة الى الرئاسة خوان لابورتا من قلب كل التكهنات في حالة فوزه برئاسة النادي وتمكن من جمع الأموال لأجل تجديد عقد ميسي الى الأبد، مثلما يحلم كل عشاق البارسا، وكان يحلم ميسي قبل اليوم.