الوضع الصحي لتبون يعيد مخاوف الفراغ المؤسساتي في الجزائر
يستمر غياب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، عن مكتبه في قصر المرادية بالعاصمة، للأسبوع الثالث على التوالي، وسط تنامي المخاوف من تكرار سيناريو الفراغ المؤسساتي في البلاد، لاسيما وأن الرواية الرسمية لمؤسسة الرئاسة، لم تعد كافية لتبرير غياب الرئيس بسبب إصابته بوباء كورونا.
وتحوّل تواصل غياب الرئيس تبون، عن بلاده للأسبوع الثالث على التوالي، إلى مصدر قلق وغموض في الجزائر، خشية تكرر سيناريو الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، الذي أدار البلاد لمدة سبع سنوات وهو في وضع صحي متدهور، الأمر الذي خلق حالة من الفراغ المؤسساتي في البلاد.
ولا زالت الرواية الرسمية لمؤسسة الرئاسة، تتحدث عن إصابة تبون، بوباء كورونا، وأنه يتماثل تدريجيا للشفاء، كما لم تستبعد عودته إلى البلاد في المدى القريب، لكن دخول إصابته أسبوعها الثالث، فسح المجال أمام تعدد الروايات والشائعات، على اعتبار أن فترة العلاج بكورونا لا تتعدى في المجمل مهلة الأسبوعين.
تحوّل تواصل غياب الرئيس تبون، عن بلاده للأسبوع الثالث على التوالي، إلى مصدر قلق وغموض في الجزائر، خشية تكرر سيناريو الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة
ورغم محاولة مؤسسة الرئاسة التعاطي مع الرأي العام بشفافية، وإصدارها لعدة بيانات منذ الإعلان عن إصابة الرجل، وتحويله للعلاج في المستشفى العسكري بعين النعجة العسكري في العاصمة، قبل نقله إلى أكبر المشافي الألمانية بمدينة كولونيا، وعلى متن طائرة فرنسية مجهزة ومكيّفة مع الحالات الصحية الحرجة، فإن أجواء القلق والغموض تتفاقم في البلاد من إمكانية تكرار سيناريو الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وعودة الوضع المؤسساتي إلى مربع الصفر.
وكان آخر بيان للرئاسة الجزائرية، قد تحدث عن “تحسن إيجابي”، في صحة الرئيس عبدالمجيد تبون، الذي نسبت إليه رسالتين من طرف الإعلام الرسمي (التلفزيون الحكومي ووكالة الأنباء الرسمية)، تحدث فيهما عن “الإنجاز المحقق بعد الاستفتاء الإيجابي على الدستور”، و”شكر وعرفان لرسائل التعاطف والتضامن للجزائريين ولرؤساء وملوك العديد من الدول”.
وذكر البيان، بأنه “التزاما بإطلاع الرأي العام على مستجدات الحالة الصحية للرئيس عبدالمجيد تبون، الموجود في أحد المستشفيات الألمانية المتخصصة، يؤكد الطاقم الطبي أن الرئيس بصدد إتمام بروتوكول العلاج، وأن وضعه الصحي في تحسن إيجابي”.
ولم يشر إلى أي تفاصيل أخرى، كما لم يتم بث أي صور للرئيس منذ الإعلان عن إصابته بوباء كورونا، الأمر الذي ساهم في تفاقم الإشاعات التي ذهبت للجزم بأن “مرض الرئيس نجم عن جلطة دماغية، يجري التستر عنها لحد الآن، وأن إصابات كورونا لا تستغرق كل هذا الوقت من الغياب”.
كما تحدث بيان آخر للرئاسة، عن “توجه رئيس البلاد، عبدالمجيد تبون، بجزيل شكره إلى الشعب الجزائري لاهتمامه بحالته الصحية والتفافه الكبير حول رئيسه، ويقدر عاليا دعواته له بالشفاء وتمنيات الاطمئنان الصادقة، وأن السيد الرئيس يطمئن الشعب الجزائري الذي ينتظر عودته إلى أرض الوطن، بأن وضعه الصحي في تحسن”.
وتابع “يُسجّل الرئيس، بامتنان، برقيات الشفاء والاطمئنان الواردة من ملوك ورؤساء الدول والحكومات، وكذلك الهيئات والمنظمات الدوليّة، شاكرا لهم اهتمامهم”. وبسبب وعكته الصحية، غاب بذلك الرئيس الجزائري عن تدشين جامع الجزائر الكبير كما غاب عن الاستفتاء الدستوري الذي شهد نسبة مقاطعة قياسية.
ويبلغ الرئيس الجزائري 74 عاما من العمر، وهو مدخن شره، لذلك لا يستبعد أن تكون الإصابة بالوباء المذكور قد أثرت فيه كثيرا، على اعتبار أن الفايروس يهاجم الجهاز
التنفسي.
وكانت الرئاسة الجزائرية، قد أعلنت في الـ24 أكتوبر المنقضي، عن إرجاء عقد جلسة مجلس الوزراء الذي كان مقررا في نفس اليوم، وبررت ذلك بالأجندة المزدحمة للرئيس ولمشاكل في تقنية التواصل المرئي بينه وبين الوزراء، إلا أنها بعد ذلك أعلنت دخوله الطوعي في مرحلة حجر صحي لمدة خمسة أيام بعد تسجيل إصابات بوباء كورونا في مؤسستي الرئاسة والحكومة.
ولم تشر مديرية الإعلام في الرئاسة، عن ظروف وملابسات وصول العدوى إلى المؤسستين أو إلى أسماء الأشخاص والموظفين الذين يرجح إصابتهم في الرئاسة والحكومة، واكتفت حينها بالإعلان عن حجر طوعي، قبل أن يتدهور وضعه ويتم تحويله إلى المستشفى العسكري بعين النعجة في العاصمة، ثم تحويله إلى مدينة كولونيا الألمانية لإجراء ما أسمته بـ”فحوصات معمقة”.
وفيما بدأت بعض الدوائر السياسية في تعداد السيناريوهات الممكنة، لتلافي حالة الفراغ المؤسساتي. ومع تأكد استحالة عودة الرئيس إلى صحته الطبيعية والقيام بعمله الدستوري، بدأ القلق يتفاقم في الشارع الجزائري من إمكانية حدوث أي مكروه له، ما ينعكس بالسلب على البلاد المنهكة بالمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأعلن البيان الأخير الصادر الأحد الماضي، عن قرب إتمام عبدالمجيد تبون، العلاج الطبي، إلا أن مضي قرابة أسبوع دون ظهور الرئيس للرأي العام أو عودته إلى بلاده كلها أمور عمّقت حالة الغموض وفتحت المجال أمام التأويلات والإشاعات الموازية.