نتائج الاستفتاء على الدستور تكشف تلاشي شعبية الإسلاميين في الجزائر
تكبد الإسلاميون في الجزائر نكسة جديدة بعد الكشف عن نتائج الاستفتاء الشعبي على دستور جديد في البلاد الذي انتظم نهاية الأسبوع المنقضي، فرغم توزعهم بين جبهتي الدعم والرفض، إلا أن المقاطعة القياسية كرست تراجع نفوذ الإسلاميين في الشارع الجزائري، ونهاية عهد تأطير الأحزاب التقليدية للمشهد السياسي في البلاد.
ووصف الأمين العام لمنظمة المجاهدين بالنيابة (قدماء المحاربين) محند واعمر بن الحاج، في تسجيل صوتي على قناة المنظمة في شبكة اليوتيوب، الأحزاب السياسية الناشطة بـ”الفقاعات الفارغة”، بعد فشلها في تأطير الشارع الجزائري، وظهورها مجتمعة في ثوب الأقلية المنبوذة من طرف أغلبية الجزائريين.
ودعا المتحدث في تصريحه إلى ضرورة الانفتاح السياسي وفتح المجال أمام الناشطين من أجل ميلاد طبقة حزبية جديدة، وإلى عدم الاكتفاء بمشروع المجتمع المدني، الذي شبهه بـ”اللجان الشعبية” التي كان يعتمد عليها القائد الليبي الراحل معمر القذافي، في التأطير السياسي للمجتمع.
ويعتبر الإسلاميون أكبر الخاسرين في الاستفتاء الشعبي على الدستور بالجزائر، بعد تكبدهم نكسة جديدة تنضاف إلى انتكاسة الانتخابات التشريعية والمحلية المنتظمة العام 2017، فالداعمون منهم للدستور وعلى رأسهم حركة البناء الوطني، لم يكونوا إلا جزءا يسيرا من مجموع ثلاثة ملايين صوت شكلت جبهة دعم الدستور المكونة من القوى القومية والإسلامية والتنظيمات المدنية وأحزاب الموالاة، أما الرافضون له ومنهم كبرى الأحزاب الإخوانية (حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية وحركة النهضة) فلم يكونوا إلا جزءا يسيرا أيضا من جبهة الرفض المقدرة بنحو مليوني صوت.
ووجدت قيادات الأحزاب الإسلامية نفسها في حرج شديد مجددا أمام قواعدها الشعبية، بعد بروز مقاطعة شعبية قياسية للاستفتاء أكدت تلاشي نفوذ الإسلاميين في الشارع الجزائري، فلا الداعمون استطاعوا تحقيق تعهداتهم بنيل الدستور الجديد لـ12 مليون صوت، بحسب ما وعد به رئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة، ولا الرافضون له تمكنوا من قلب المعادلة لصالحهم بعدما كشفت النتائج أنهم لم يكونوا إلا جزءا من نسبة 33 في المئة من مجموع المصوتين.
الإسلاميون يعتبرون أكبر الخاسرين في الاستفتاء الشعبي على الدستور بالجزائر، بعد تكبدهم نكسة جديدة تنضاف إلى انتكاسة الانتخابات التشريعية والمحلية المنتظمة العام 2017
وتوارى رئيس حركة البناء والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية عبدالقادر بن قرينة عن الأنظار لتفادي الحرج من الرد على تعهدات أطلقها قبل موعد الاستفتاء، ضمنها “حصول الدستور على 12 مليون صوت، واستقالته من كل المناصب القيادية في حركته إذا ثبت العكس”.
واعتبر رئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري، “نسبة المشاركة المتدنية في الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور وحجم الرفض له تسقط مصداقيته وتفقده شرعيته السياسية والشعبية رغم الإمكانات الرسمية الضخمة التي سخرت لتمريره”، لكنها لم تعلق على تقلص حجمها الشعبي، على اعتبار أنها دعت إلى رفضه.
وذكرت في بيان لها أن “جبهة الرفض جبهة واحدة وهي جبهة واسعة جدا فاقت 85 في المئة في هذا الاستفتاء، وهي مدعوة بمختلف تنوع تعبيراتها ومواقفها إلى العمل معا من أجل التغيير السياسي السلمي الفاعل، وأن نتيجة الاستفتاء تؤكد فشل مشاريع السلطة الحاكمة وعدم قدرتها على تحقيق التوافق الوطني حول الدستور كما تم الإعلان عنه وبما يحفظ البلد من المخاطر الحقيقية التي تهدده”.
ودعت “الجميع إلى القراءة الصحيحة للنتائج المعلنة وآثارها على استقرار البلد والتأمل في خطورة الوضع والسعي الجاد إلى بناء الثقة وتجسيد الإرادة الشعبية الفعلية وتحقيق الانتقال الديمقراطي الحقيقي عبر توافق وطني جامع يجنب البلاد المخاطر ويحمي الوحدة الوطنية ويضمن الاستقرار والتنمية والازدهار”.
ولا يزال الإسلاميون يرفضون الإقرار بتلاشي قواعدهم الشعبية خلال السنوات الأخيرة، ويعلقون خيباتهم في كل مرة على عراقيل “مفتعلة” من طرف السلطة، كما هو الشأن بالنسبة لعدم السماح لهم بالقيام بحملة انتخابية مضادة لشرح موقفهم للشارع الجزائري، عكس الحشد الذي حظيت به جبهة الدعم.