تقرير عن الشأن الديني ببلجيكا .

النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني لم يتقصد منذ البداية أن يكون محلي الغايات والمقاصد ولم يكتف بالمجال المغربي، بل نجح في أن يكون نموذجا قابلا للتصدير أولا من منطلق أن الإرهاب المعلوم والعابر للقارات يجب أن يحارب في كل مكان، وثانيا لأن التجربة المغربية فيالتدبير الديني دفعت العديد من الدول الأوروبية والأفريقية إلى الاستئناس بها واستلهام مفاصلها سواء من ناحية بناء الخطاب الديني ذاته أو من ناحية تدريب الأئمة والإطارات الدينية المؤهلة لتقديم خطاب ديني وسطي يقطع الطريق أمام خطاب الغلو والتشدد ويدحضُ أباطيله.

يقدم تقرير الحالة الدينية في بلجيكا، خلاصات لعمليات الرصد والتتبع للشأن الديني بالعاصمة الأوروبية ، خلال فترة 2018/2020، وذلك من خلال المحاور الخمسة التالية :

1)- المحور الأول حول الواقع الديني ببلجيكا

2)- حول الدور الذي يلعبه المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة .

3)- علاقة الهيئة التنفيذية بمساجد بلجيكا .

4)- حول تعدد الفيدراليات و التنسيقيات الدينية ببلجيكا .

5)- علاقة بعض المغاربة بجهات خارجية تعمل ضد مصالح المملكة المغربية و ببلجيكا .

تقرير الخارجية البلجيكية  بخصوص الحريات سنة 2018 إعترف بأهمية الإطار القانوني المغربي في تعزيز حرية الرأي و حرية الدين خصوصا دستور 2011 و دور وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية في تأطير الأئمة و الخطباء و المرشدات ، بما يجعلهم ينتجون خطابات تحريضية أو خطاب الكراهية .

و بخصوص تحديات بلجيكا في المجال الديني ، تعمل هذه الأخيرة على تحقيق الإستقرار و الأمن ، و تعزيز الديموقراطية على رأس القائمة ، حيث سجل حضور الدين في عدة مجالات في حياة مغاربة بلجيكا ، و إعتمد ذلك على المرجعية التراثية الوسيطة المنفتحة على الآخر ، و المبنية على نشر مبادئ التسامح و التعايش بين معتنقي كل الديانات السماوية حيث يتواجد المهاجر المغربي إلى جانب اليهودي و المسيحي في عيش آمن من دون أي عداوة أو بغضاء ، لأن الكل يتعاون لأجل بناء حلم بلد معاصر يتسع للجميع ، في إطار من السلم و المحبة و الآخاء .

و حسب المصادر التاريخية و السياسية ، الوطنية و الأجنبية ، فإن العلاقات بين أهل الأديان في بلجيكا لم تتأثر يوما بما يسيء إليها ، أو يفرق بينها ، أو يجعلها تحت ضغط العنصرية و التمييز ، و ما ينتج عنهما من عدوانية و كراهية و عنف ، بل عاش الجميع في تعايش و سلم ، ستمتد إيجابياته في ما بعد إلى ترسيخ حضور ” المغرب الديني الوسطي ” من خلال مساجد و مراكز و مؤسسات دينية تحظى اليوم بإحترام الدولة البلجيكية .

فالمسجد الكبير بمدينة بروكسيل أضحى اليوم مؤسسة ذائعة الصيت للتعريف بالإسلام الوسطي البعيد عن الغلو و التشدد الديني الذي تمثله أفكار إرهابية معادية للسلم و التسامح ، حيث يدير شؤونه المغربي صالح الشلاوي نائب رئيس الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا ، و ما يشكله كفضاء سلمي للتواصل و تبادل الأفكار بين كافة مكونات المجتمع البلجيكي ، و تشيع الحوار بين الأديان عبر برامج تجمع كل الديانات كبرنامج ” إيمونا” الذي يقدم صورة مشرقة و مشرفة عن الدين الإسلامي المعتدل ، و الثقافة الدينية الوسطية في المغرب و بين أفراد الجالية ببلجيكا .

في حين يعترض جاليتنا ببلجيكا على الخصوص غياب مهول للمجلس

الأوروبي للعلماء المغاربة في العديد من المناسبات و القضايا ،

فلم نسمع برأي لا في مسألة الحجاب ومنعه ولا باجتهاد فيما يتعلق برؤية هلال رمضان بحيث أصبح المغاربة يصومون مع السعودية ولا حتى في مسألة الأضحية وتخديرها قبل الذبح.. إلخ.

لقد أصبح المغاربة يفتون لأنفسهم بانفسهم في كثير من القضايا فخرجت مجموعة من المساجد معلنة مقاطعة العيد لهذه السنة ولم يحرك هذا المجلس ساكنا لا سلبا أو إيجابا ؟؟؟ و لم يحرك ساكنا كذلك عندما أفتى بعض أئمة المساجد بجواز صلاة الجمعة عبر المذياع أو عبر مواقع التواصل الإجتماعي ، كما أن انتشار المذهب الوهابي وفتاوي شيوخ الخليج عبر فيدرالية مساجد  الفلاندرن و بعض التنسيقيات بمدينة بروكسيل وجمعيات أخرى عندالمغاربة مما يطرح الكثير من التساؤلات حول مساهمة هذا المجلس في تكريس المذهب المالكي حتى في المساجد المغربية ببلجيكا نفسها.

لقد أقتصر هذا المجلس مع الأسف في نشاطاته على ما يسمى بإسلام الواجهة كالإفطارات الرمضانية التي تُستدعى لها الشخصياتالأجنبية والمحاضرات التي لا طائل منها والتي تكلف الملايين. ولعل حادثة 2012 قد كشفت الكثير عن الفساد الذي ينخر هذا المجلس خاصة شكوى عبد المجيد بوكويس لدى محكمة الشغل ببروكسل منطقة إيكسل، وهو المحاسب السابق للمجلس. تلك الشكوى التي توجد تحت رقمbr.ll.0559792012. بتاريخ 20 يونيو 2012. حيث وصلت فاتورة غذاء وعشاء عادي ولثمانين شخصا إلى 16ألف أورو حسب المحضرنفسه. إضافة إلى الرواتب الخيالية كراتب أحدهم البالغ 11ألف يورو والذي كلف المجلس خلال سنة 16 ألف يور في تنقلاته بالطائرة بين بروكسل وفرانكفورت والمغرب حسب ما يضيف المحاسب السابق الذي تعرض للطرد هو وأربعة آخرون.

كل هذا يشير إلى أن المجلس قد انزاح عن دوره تماما، ويعرف مشاكل في التسيير، ولا يمكنالمراهنة عليه خاصة عندما تنتفي إمكانية المساءلة والمحاسبة.

و مع غياب دور مؤسسة الحسن الثاني في المجال التعليمي تأسست بموجب الإمتيازات الأجنبية التي حصلت عليها بلجيكا عدد من المدارس تديرها و تمولها حركات محلية كالعدل و الإحسان و الوهابية و السلفية .و قد أدخلت هذه المدارس التعليم الحديث إلى هذه المنطقة على حساب الكتاتيب التي كان تعليمها يقتصر على قراءة و كتابة اللغة العربية و القرآن و مبادئ الحساب الأولية .

كما توسعت هذه المدارس الغير المعترف بها من طرف السلطات البلجيكية و لا من طرف الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا حيث أصبحت لها مداخيل يجهل الكل مصدرها و تراهن على الإستمرار في هذا النحو بدون المطالبة بالإعتراف بها كدور للعبادة لكي لا تخضع للرقابة الحكومية من خلال قانون الجمعيات البلجيكية .

و الجدير بالذكر أن بلجيكا تعرف تواجدا كبيرا للمساجد و خاصة بالعاصمة الأوروبية بروكسيل حيث يبلغ العدد الإجمالي لدور العبادة الإسلامية 300 مسجد أغلبيتها للمغاربة في حين يبقى القليل للأتراك و الأفغان و غيرهم من الدول الإسلامية .

و من بين هذه المساجد فقط 86 مسجدا معترف به ، 29 بمنطقة الوالونيا ، 20 ببروكسيل و 27 بالجهة الفلامانية يخضعون لرقابة الهيئة التنفيذية و يحصلون على دعم من وزارة العدل البلجيكية .

في حين الباقي  يتكثل على شكل فيدراليات و تنسيقيات و جمعيات كمؤسسات وهمية كلها أنشأت من طرف مغاربة يخضع كل واحد منهم الى تيار حزبي و مذهب مغاير ، يموله لخلق التفرقة بين مغاربة العالم ، و ضرب المؤسسات الدينية الرسمية و المصالح المغربية ببلجيكا .

و معظم هذه المؤسسات تعمل على التمويه للتغطية على هويتها الحقيقية و الجهات التي تشتغل لحسابها و لكننا نحاول من خلال عمليات الرصد و التتبع لإماطة اللثام على الكثير من الحقائق و المفاجآت خاصة ما يتعلق بالجمعيات المرتبطة بجماعة العدل و الإحسان و الوهابية التي تنشط عبر فيدرالية مساجد الفلاندرن و تنسيقيات مساجد بروكسيل في حين نجد غياب تام لهذه التيارات بالجهة الوالونية .

و أخيرا تعرف بلجيكا هيمنة بعض الأشخاص على الشأن الديني يعمل كل واحد منهم لأنجندات خارجية معروفة بتوجهها التحريضي و نشر خطاب الكراهية .

نورالدين طويل :أحد أفراد الجالية المغربية بمدينة أنفيرس له علاقات مشبوهة مع شخصيات وازنة بالمجال الديني بالسعودية و يعمل على خلق التفرقة بين أفراد الجالية بخرجاته عبر وسائل التواصل الإجتماعي

إبراهيم الليتوس : أحد أفراد الجالية المغربية من سكان مدينة كانك ، أطيح اللثام مؤخرا عن شهاداته المزورة للدكتوراه التي كان يزعم دراستها .له علاقات وطيدة مع المدعو محمد البشاري ، يعمل في خفاء لصالح دولة الإمارات بتنسيق مع هذا الأخير  و يحاول من جهته خلق عدة مشاكل دينية بين أفراد الجالية .

ميمون أقيشوح : إمام مسجد النصر بفيلفورد ، رئيس فدرالية مساجد فلاندرن, كان مصدر بحث للشرطة البلجيكية بخصوص ارسال مغاربة الى سوريا ، راعي جماعة العدل و الإحسان .

سعيد المداوشي : رئيس اتحاد مساجد أنتوربن يعمل بتنسيق مع كل من الأشخاص السابقين للذكر .

طه زكي : راعي جماعة العدل و الإحسان

عبد العزيز الميموني: راعي جماعة العدل و الإحسان

إن طرح هذه القضية من هذا المنظور طرح تبسطي من حيث التحليل لكنه موجه سياسيا ، و يتضمن مخاطر عدة بالنسبة للمغرب و لبلجيكا مستقبلا، مما سيؤدي إلى نمو التطرف كرد فعل سيكولوجي على واقع لا تريد بلجيكا الإعتراف به ، و هذا لا يعني تبرئة ساحة الدولة المغربية من المسؤولية ، هذا فيمكننا القول بأن المغرب قد تأخر طويلا في التعامل مع الملف الديني بالمهجر ، و كان يتعامل المهاجرين في العقود الماضية كطبقة عمالية تعمل في المخازن الأوروبية و تعود في نهاية العام للإستجمام و الإرتياح من عناء الشغل ، و ينظر فقط إلى ما تحوله من العملة الصعبة إلى الداخل .

و لذلك لا يجب ترك المهاجرين في مواجهة معضلات حياتهم بالخارج ، و خصوصا بأن في الوقت الذي كان المغرب غائبا عن واقع الهجرة في أوروبا ، كانت هناك بلدان عربية و إسلامية أخرى تتحرك على قدم و ساق لكسب ورقة المهاجرين .

فالمغرب اليوم متأخر كثيرا عن هذه البلدان و عليه ان يعمل بطريقة أسرع عبر مؤسسات حاضرة و لا تعتبر نفسها في عطلة صيفية مطولة لكي يتمكن من سد هذا التأخر .

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: