استياء مغربي من “تسييس” أمنستي لمبادئ حقوق الإنسان من أجل توسيع مهام المينورسو
رفض المغرب إقحام منظمة العفو الدولية للجانب السياسي في طلبها توسيع صلاحيات بعثة المينورسو بالصحراء المغربية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، حيث انتقد مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، دعوة “أمنستي” إلى توسيع صلاحيات بعثة المينورسو.
وشدد الوزير المغربي خلال تقديم مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان لسنة 2021 بمجلس النواب (البرلمان)، مساء الاثنين، على أن تقارير منظمة العفو الدولية “لا تنصف المغرب” في الكثير من الأحيان، مشيرا إلى أن مطلبها الأخير بخصوص توسيع صلاحيات المينورسو “يتداخل فيه الحقوقي بالسياسي، وهو أمر سياسي أكثر منه حقوقيا، ويمس بالسيادة الوطنية”.
ويعتقد محمد بودن، الأكاديمي والمحلل السياسي، أن “المنظمة تتدخل في قرارات أممية وفي شأن غير حقوقي، وتدخلها له غرض سياسي واضح ويعبر عن تجاهل بالتطور الحقوقي في الصحراء المغربية وعمل اللجنتين الجهويتين لحقوق الإنسان الذي تؤكد عليه تقارير الأمين العام للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن”.
وأشار بودن في تصريح لـه إلى أن ما تقوم به “أمنستي” هو ’’خروج عن دور المنظمات الدولية غير الحكومية وازدواجية في المعايير.. ورغم الماضي المحترم للمنظمة في مجال مراقبة سجلات حقوق الإنسان إلا أن نظرتها بعين واحدة إلى الحالة الحقوقية مؤخرا سيعرض سمعتها للتآكل‘‘.
ويأتي طلب المنظمة الدولية بالرغم من تأكيد العديد من الجهات الدولية أن الوضع الحقوقي في الصحراء المغربية شهد تطورا ملموسا.
وفي هذا الصدد قررت المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بالعاصمة بانجول، مؤخرا، عدم مناقشة الوضع الحقوقي المغربي، ليس فقط بسبب قضية الصحراء، وإنما لاستقرار التقييمات بخصوص المملكة المغربية.
وفي ذات السياق وجهت أعداد من منظمات غير حكومية صحراوية، فاعلة في مجال حقوق الإنسان والتنمية في الصحراء المغربية، رسالة إلى رئيس المفوضة السامية الأممية لحقوق الإنسان ميشال باشليت، أكدت فيها على الطابع العادي لواقع حقوق الإنسان بالصحراء والتي “تبقى بلا شك قابلة للتحصين، ولكن الأكيد هو أننا نعمل في سیاق واعد يتطور. كما أننا نتوفر على مساحة من الحرية ينظمها إطار قانوني ومؤسساتي متطور وذو مصداقية” حسب نص الرسالة.
وقال الرميد أمام البرلمان ’’إننا لا نقول بأن ممارستنا كلها سليمة، لكن اسمحوا لنا فنحن أحسن بكثير من دول أخرى، سواء في المحيط القريب أو المحيط البعيد‘‘، موضحا ’’إذا كانت المينورسو ستضمن حقوق الإنسان أكثر من الدول فينبغي أن تذهب مطالب هذه المنظمات إلى فرض هذا النوع من الوصاية على الدول التي ينتشر فيها قتل ميداني للمواطنين‘‘.
وطالبت منظمة العفو الدولية، قبل صدور قرار بخصوص الصحراء نهاية أكتوبر، بإعادة النظر في واقع حقوق الإنسان بالصحراء المغربية ومخيمات تندوف، وقالت إنه “لا يمكن للأمم المتحدة أن تأخذ على محمل الجد تقارير لجنة أنشئت بأمر من ملك المغرب، لأن ذلك يمس من استقلاليتها”، في إشارتها إلى اللجان الجهوية لحقوق الإنسان التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وأكد محمد بودن أن ’’أمنستي تبني تقاريرها بشأن حقوق الإنسان في الصحراء المغربية على أقوال أشخاص لهم نزعة معادية للوحدة الترابية المغربية، وهذا بطبيعة الحال يمكّن الانفصاليين من منبر سياسي بعيدا عن الأهداف الحقوقية للمنظمة التي كان عليها أن تنشغل أكثر بالوضع المأساوي في مخيمات تندوف‘‘.
وكان تقرير الخارجية الأميركية لسنة 2018 كشف تساهل السلطات المغربية مع أنشطة العديد من المنظمات الانفصالية في الصحراء، في وقت أشادت فيه واشنطن بالمجهودات التي تبذلها اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان في العيون، التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
ورصد حقوقيون أجانب أن المغرب ذهب بعيدا في ترسيخ وتطوير قيم حقوقية في أقاليمه الصحراوية، وتأكد هذا مع الآليات التي عملت الرباط على تفعليها من خلال إحداث اللجنتين الجهويتين للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالعيون والداخلة، وهو الأمر الذي أشادت به تقارير مجلس الأمن الدولي وكذلك تفاعل المؤسسات المغربية مع آليات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
ويرى هؤلاء أن المغرب له حساسية قصوى من توظيف حقوق الإنسان في ملفات سياسية لا علاقة لها بحقوق الإنسان.
واعتبر المسؤول الحكومي مصطفى الرميد أن “المغرب لن يقبل اليوم أو غدا إقحام مراقبة حقوق الإنسان في الأدوار المنوطة بالمينورسو في الأقاليم الجنوبية.. ولديه من الآليات الحقوقية ما يكفي لمراقبة حقوق الإنسان”، مشددا على أن “الرباط لا تميز بين جنوبها وشمالها والمملكة لديها موقف مبدئي من هذا المطلب الذي لن يقبل به المغاربة اليوم أو غدا”.
وفي هذا الصدد شدد عمر زنيبر السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، على أن جهود المغرب في تقوية وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها بشكل فعال متواصلة بإقليم الصحراء المغربية التي تتم إدارته وفق نفس المقتضيات التشريعية والقانونية التي يتضمنها الإطار التشريعي والمؤسساتي الوطني.