مجلس الأمن يمدد مهام “مينورسو” في الصحراء المغربية
قرر مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء بإقليم الصحراء المغربية “مينورسو” لمدة عام، حتى 31 أكتوبر 2021، مع تشديده مرة أخرى على أهمية الدفع قدما بالعملية السياسية تحت رعاية أممية لحل نزاع الصحراء.
جاء ذلك وفق ما أعلن رئيس المجلس، فاسيلي نيبيزيا، الجمعة، عقب جلسة تصويت حول قرار أميركي بتمديد مهمة البعثة التي تنتهي ولايتها الحالية الأحد. وصوّتت لصالح قرار التمديد 13 دولة عضوا بالمجلس، فيما امتنعت روسيا وجنوب أفريقيا عن التصويت.
وجدد أعضاء مجلس الأمن الدولي التأكيد على ضرورة مواصلة مسلسل الموائد المستديرة وتشجيع “استئناف المشاورات بين المبعوث الشخصي المقبل” وأطراف هذا النزاع الإقليمي، ويتعلق الأمر بكل من المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو الانفصالية.
ويأتي هذا القرار حسب المحلل السياسي والخبير في ملف الصحراء، نوفل بوعمري، في سياق نقطتين أساسيتين هما؛ التوتر في المنطقة العازلة وفي الكركرات، وموقف مجلس الأمن من العملية السياسية، ما يُعتبر إيذانا بتحول كبير ستعيشه المنطقة على المستوى الميداني.
وأوضح بوعمري في تصريح لـه، أنه “تم فتح المجال أمام المغرب من أجل العودة إلى الوضع السابق الذي كان يدير فيه المعبر والمنطقة”. وبرأيه “هو الوحيد القادر على الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها وسلامة بعثة ‘مينورسو’ التي أصبحت اليوم مهددة من طرف عناصر وميليشيات البوليساريو”.
وفي هذا الإطار دعا مجلس الأمن إلى الأخذ بعين الاعتبار الجهود المبذولة منذ عام 2006 والتطورات اللاحقة لها، بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من كل الأطراف، كما حث القرار الأممي على إظهار الإرادة السياسية والعمل في مناخ ملائم للحوار، بما يضمن تنفيذ قرارات مجلس الأمن.
كما سجل أعضاء مجلس الأمن، في هذا الصدد، نجاعة مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة المغربية في 11 أبريل 2007، مشيدين بجهود المغرب “الجادة وذات المصداقية” التي تجسدها هذه المبادرة.
من المرتقب أن يكشف الأمين العام للأمم المتحدة في الأشهر المقبلة ملامح الشخصية التي سوف يتم تعيينها كمبعوث أممي للصحراء
ويأتي القرار الذي صادق عليه 13 عضوا مقابل امتناع كل من روسيا وجنوب أفريقيا، بعد أن نجح هورست كوهلر المبعوث الأممي المستقيل منذ مايو 2019، في جمع المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو على طاولة المفاوضات في سويسرا في ديسمبر عام 2018، وأيضا في مارس 2019، لكن جهوده في تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع الرئيسيين وهما المغرب والجزائر، آلت إلى الفشل.
وأشار بوعمري إلى أن أن القرار في جانبه السياسي أعاد التأكيد بوضوح أكبر على دعم الحل السياسي الذي تقدم به المغرب، ليس فقط بالإشارة إلى القرار 2440 الصادر سنة 2017، بل أعاد تحديد مرجعيته السياسية وفق معايير مقررات وتوصيات مجلس الأمن الصادرة منذ سنة 2008، وهي السنة التي أصبح فيها الحكم الذاتي معيارا ومرجعا للحل السياسي، واعترفت به الأمم المتحدة بكونه حلا ذا مصداقية وقابلا للتطبيق.
وعقب اعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 2548 بشأن الصحراء المغربية، جددت الولايات المتحدة التأكيد على أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تظل “جدية وذات مصداقية وواقعية” لتسوية هذا النزاع الإقليمي.
ولإلزام الكل بالشرعية الدولية، أعربت بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، عن تطلعها إلى أن تحترم جميع الأطراف التزاماتها بوقف إطلاق النار، وأن تتعاون بشكل تام مع بعثة “مينورسو”، وأن تتجنب أي عمل من شأنه زعزعة استقرار الوضع أو تهديد المسلسل الأممي.
ودعت بعثة الولايات المتحدة كافة الأطراف إلى التحلي بضبط النفس، خاصة على ضوء الأحداث الأخيرة في الكركرات، والتي تشكل تهديدا للسلم والاستقرار في المنطقة، والتكثيف الجسيم للانتهاكات التي أشار إليها التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة.
ورأى مراقبون أن المجتمع الدولي ينتصر للشرعية المغربية، فيما تواصل البوليساريو انتهاك توصيات مجلس الأمن بعد الدخول عنوة لمقر “مينورسو” وعرقلة عمل البعثة بالإضافة إلى خرق القوانين الدولية بمعبر الكركرات.
ويعتقد بوعمري أن معايير الحل السياسي واضحة اليوم، من حيث التأكيد على المدخل السياسي للحل وهو الحكم الذاتي، والذي يشكل انتكاسة سياسية للجبهة الانفصالية التي لم يبق أمامها سوى تحرير سكان المخيمات والسماح لهم بالعودة إلى المغرب.
ودعا مجلس الأمن إلى تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة بالصحراء، ومن المرتقب أن يكشف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في الأشهر المقبلة، ملامح الشخصية التي سوف يتم تعيينها في مكان هورست كوهلر الذي استقال من منصبه كمبعوث أممي للصحراء في مايو 2019 لأسباب قال إنها صحية، وقد أحال غوتيريش منذ بداية شهر أغسطس الماضي لائحة بالأسماء التي يقترحها لتولي المنصب حسب مصادر أممية.
واستنتج نوفل بوعمري أن الأمر لا يتوقف فقط على تعيين مبعوث جديد للأمين العام للأمم المتحدة، بل على معايير الحل المستند على الحكم الذاتي وعلى دعم المخرج والأفق السياسي الذي يجب أن تشتغل فيه. وتعد هذه النقطة هي التحول الكبير، إذ أن مجلس الأمن كان أكثر وضوحا من ذي قبل في دعم خيار الحكم الذاتي، حسب تعبيره.