في انتظار بايدن: قادة عرب يحلمون برحيل ترامب

ينظر بعض القادة العرب إلى المؤشرات التي تضع المرشح الديمقراطي جو بايدن في صدارة الانتخابات الأميركية، المقررة الثلاثاء القادم، بتفاؤل. ويأملون أن يذهب الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب دون رجعة بعد أن ضيّق عليهم الخناق باعتماد سياسة مباشرة تقوم على العقوبات وفرض الأمر الواقع.

وقد يتنفس الرئيس الفلسطيني محمود عباس الصعداء في حال فاز بايدن، ما يمنح السلطة الفلسطينية هامشا من المناورة وإعادة التفاوض من موقع قوة يخرجها من العزلة الراهنة التي تعيشها. ورغم أن عباس ليس لديه اعتراض على التفاوض مع إسرائيل، خاصة في ظل تنسيق أمني متقدم بين الجانبين، إلا أنه يريد أن يكون في الواجهة ويبدو كصاحب مبادرة ورأي، لكن ترامب لم يمكّنه من هذه الحظوة.

محمد مشارقة: عباس يفضل بايدن اعتقادا منه أنه بذلك يشتري المزيد من الوقت

ومن شأن فشل ترامب في الحصول على دورة رئاسية ثانية أن يمنح الرئيس الفلسطيني فرصة لحفظ ماء الوجه وعكس المصاعب الاقتصادية التي فرضها على نفسه وعلى شعبه برفض الاستمرار في المفاوضات.

ويقول الأشخاص المحيطون بعباس إنه أصبح خائفًا من أن تتولى الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية تغييره وتبحث له عن بديل، وهذا البديل جاهز، وهو محمد دحلان زعيم التيار الإصلاحي في حركة فتح.

وتراهن دوائر مقربة من عباس على أن بايدن سيعمل على إعادة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، كما تتوقع أن تؤيد إدارته القادمة، في حال فوزه، مبدأ حل الدولتين.

ويعتبر الكاتب الفلسطيني محمد مشارقة أن عباس يفضل بايدن اعتقادا منه أنه بذلك يشتري المزيد من الوقت ولن يكون مضطرا إلى فتح معركة داخلية في حركة فتح المنقسمة، ولا إلى تقديم تنازلات لخصومه السياسيين وخاصة حركة حماس.

وسيكون الرئيس السوري بشار الأسد مسرورا إذا أفضت الانتخابات الأميركية إلى خروج ترامب الذي تعامل مع النظام السوري بسياسة واحدة تعتمد على توسيع العقوبات لتشمل أغلب أجهزة النظام، وخاصة رجال الأعمال الذين يمولونها ويفتحون كوة في جدار الحظر الاقتصادي والمالي المفروض على دمشق.

وتعتقد دمشق أنه لولا موقف ترامب المتشدد لما استطاعت إسرائيل أن تحوّل سوريا إلى هدف دائم للقصف الصاروخي وهجمات الطيران. ويتذكر النظام السوري أن الإدارة الديمقراطية السابقة برئاسة باراك أوباما هي التي مكنته من البقاء قبل أي تدخل روسي أو إيراني، وذلك حين اتخذت قرارا حاسما بوقف تدريب المعارضة وتسليحها، وأوقفت تقدمها على حدود محافظة اللاذقية.

واستفاد الأسد من العلاقة الوثيقة التي كانت تربط أوباما بإيران ضمن إسراتيجية كانت تعتقد الإدارة الأميركية السابقة أنها ستقدر من خلالها على ترويض نظام طهران، لكن تلك الإستراتيجية أفضت إلى نتائج عكسية تماما؛ إذْ سمح الانسحاب الأميركي من الملف السوري لإيران بأن تتدخل عسكريا وبشكل مباشر لإنقاذ نظام الأسد، عبر استدعاء الآلاف من عناصر الميليشيات الحليفة وتدريبهم وتسليحهم وخوض المعارك على الأرض.

وسقطت كل المزايا التي وفرها أوباما لإيران، سواء تعلّق الأمر بسوريا أو اتّصل بالاتفاق النووي؛ سقطت على يد ترامب الذي وضع على رأس أولوياته محاصرة النفوذ الإيراني، وخاصة تهديدات طهران لأمن الملاحة وأمن حلفاء واشنطن الخليجيين. كما ضاعف ترامب العقوبات على إيران وميليشياتها سواء في لبنان أو في العراق، ما يجعل فشل الرئيس الأميركي الحالي بمثابة نصر كبير لإيران.

والأمر نفسه ينسحب على قطر، التي كانت تقدم نفسها في زمن أوباما على أنها وكيل إقليمي لاستراتيجية استخدام الإسلاميين في الحكم التي تبناها أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون. لكن ترامب غيّر المعادلة تماما بأن ربط علاقات قوية مع الدول المستهدفة من تضخيم دور الإسلاميين، خاصة مصر.

وتراهن الدوحة على احتمال أن يكون بايدن بوابتها لكسر المقاطعة المحكمة المفروضة عليها منذ أكثر من ثلاث سنوات. لكن الأوضاع تغيرت، فدول المقاطعة باتت تمتلك أوراقا جديدة من الصعب على أي رئيس أميركي مهما كانت حساباته أن يغيرها. ومن هذه الأوراق سياسة تنويع الشركاء ووقف الاحتكار الأميركي لتزويد السعوديين بالأسلحة ووقف احتكار الشركات الأميركية للسوق السعودية.

كما أن مسار السلام الجديد في المنطقة بعد توقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل -وهو المسار الذي انتهجته دول مثل الإمارات والبحرين والسودان- سيجعل الدول المقاطعة في موقع قوة حتى بالمقاييس الداخلية الأميركية، حيث تظل العلاقة مع إسرائيل نقطة محددة لاختيار الرئيس وضبط صلاحياته، ومحاسبته هو وحزبه خلال الانتخابات، وهو واقع يجعل من الصعب على بايدن أن يضغط لفائدة قطر أو تركيا أو الجماعات الإسلامية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: