فرنسا أمام لحظة الحقيقة مع الإسلام السياسي

لا تظهر فرنسا أي تراجع أمام حملات تستهدفها في الشرق الأوسط بسبب الرسوم الكاريكاتيرية. وخرج الموقف الفرنسي من جانبه السياسي المباشر وتحول إلى قرارات وإجراءات إدارية وقضائية توحي بأن المعركة باتت تخص فرنسا كلها وليس فقط الرئيس إيمانويل ماكرون، خاصة مع انتشار دعوات مقاطعة المنتجات الفرنسية، ما يوحي بأن فرنسا باتت أمام لحظة الحقيقة في مواجهة الإسلام السياسي.

وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال، الأربعاء، إن فرنسا “لن تتراجع أبدا عن مبادئها وقيمها” رغم “محاولات زعزعة الاستقرار والترهيب”.

وردا على سؤال حول الانتقادات التركية للرسوم الكاريكاتيرية المنشورة بمجلة “شارلي إبدو”، قال أتال إن هناك “وحدة أوروبية كبرى” في دعم باريس و”المبادئ والقيم التي تدافع عنها فرنسا”.

ودفعت الحملات التي تنفذها وتحرض عليها جماعات الإسلام السياسي إلى وحدة فرنسية مقابلة وسط دعوات إلى تشديد الإجراءات الفرنسية لإظهار الحزم والتأكيد على أن فرنسا لا تتراجع في الدفاع عن قيمها.

غابريال أتال: فرنسا لن تتراجع أبدا عن مبادئها وقيمها رغم محاولات الترهيب

ودعت آني لوري بلين -النائب في البرلمان الفرنسي- الثلاثاء إلى شن حرب على الإسلام السياسي، والدفاع عن الحضارة اليهودية – المسيحية.

جاء ذلك في كلمة لها عن حزب “الجمهوريون”، الذي يمثل يمين الوسط في فرنسا، خلال جلسة برلمانية.

وشددت بلين على أن “الإسلام السياسي” يستهدف فرنسا ويبتزها هي والمهاجرين.

وأضافت مخاطبة رئيس الوزراء جان كاستكس، الحاضر في الجلسة، “متى ستدافعون عن القيم الفرنسية والحضارة اليهودية – المسيحية؟ ومتى ستشنون حربا على الإسلام السياسي؟”.

ووضع مجهولون رسائل تهديد بالموت على باب أحد المساجد في فرنسا، في تصعيد جاء كرد فعل على حملات تستهدف المصالح الفرنسية في الشرق الأوسط، وبعد أيام من مقتل مدرس فرنسي على يد لاجئ شيشاني. وكان المدرس صامويل باتي عرض رسوم “شارلي إيبدو” أمام تلاميذه لتأكيد تمسك بلاده بحرية التعبير.

ووضعت رسائل التهديد في صندوق بريد مسجد مدينة “فيرنون” شمالي فرنسا، وتضمنت عبارات تهديد بالموت، وتحقير للأتراك والعرب ولمرتادي المسجد.

وتضمنت إحدى الرسائل عبارات “بدأت الحرب، سنخرجكم من دولتنا، وسنحاسبكم على مقتل صامويل”.

وينظر الفرنسيون إلى هذه الحملة على أنها من توجيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويعتبرون أن ذلك يفرض على أوروبا أن ترد بقوة دفاعا عن قيمها وفي سياق واجب التضامن.

وحثت لوري بلين على “استبعاد تركيا من دخول الاتحاد الأوروبي”، في ردة فعل على تحريض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لجأ، الأربعاء، إلى استدعاء الماضي من خلال تشبيه مواقف فرنسا والدعم الأوروبي لها بـ”الحروب الصليبية”.

وقال أردوغان إن الدول الغربية التي تهاجم الإسلام تريد “إعادة الحملات الصليبية”. كما زعم أن “هناك حملة استهداف للمسلمين مشابهة للحملة ضد يهود أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية”، متهمًا بعض القادة الأوروبيين بـ”الفاشية” و”النازية”.

وأعلن المندوب الحكومي لمحاربة العنصرية في فرنسا فريديريك بوتير، الأربعاء، أنه أبلغ القضاء الفرنسي بتغريدة مسؤول تركي استخدم فيها نعت “الأوغاد” ليصف صحيفة “شارلي إيبدو” الأسبوعية التي تسخر من أردوغان في آخر عدد لها.

وفي تغريدة نُشرت مساء الثلاثاء كتب نائب وزير الثقافة التركي، سيردار جان، بالفرنسية “شارلي إيبدو أنتم أوغاد.. أنتم أبناء عاهرات… أنتم أبناء كلاب”.

وقال فريديريك بوتير “ثمة أمر غير لائق في السياق الحالي ومحاكمة هجمات شارلي إيبدو (التي بدأت في سبتمبر) ومأساة اغتيال صامويل باتي (أستاذ التاريخ الذي قتل في 16 أكتوبر) من أجل صب الزيت على النار بتهديد هيئة تحرير شارلي إيبدو”.

ونشرت الصحيفة الساخرة مساء الثلاثاء على مواقع التواصل الاجتماعي غلاف عددها الذي يصدر الأربعاء متضمّنًا صورة كاريكاتيرية للرئيس التركي، حيث يظهر فيها أردوغان بالملابس الداخلية وبيده علبة جعة (بيرة) وهو يرفع ثوب امرأة محجبة.

وانتقد الرئيس التركي بشدة الأربعاء تصويره في الرسم الكاريكاتيري معتبرا أنه “هجوم حقير” من جانب “أوغاد”. وقال في خطاب في أنقرة “لم أنظر إلى هذا الرسم (…) لا داعي إلى قول أي شيء عن هؤلاء الأوغاد”.

ودعت باريس الثلاثاء رعاياها إلى توخي الحذر في دول العالم الإسلامي حيث تنظم تظاهرات ضد فرنسا وأوصتهم بتجنب التجمعات.

وذكرت وزارة الخارجية الفرنسية على موقعها الإلكتروني “في عدّة دول أطلقت في الأيام الماضية دعوات إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية وخصوصا الأغذية الزراعية، وعموما (هناك) دعوات إلى التظاهر ضد فرنسا”.

وأضافت “ينصح بتجنب المناطق التي تنظم فيها هذه التظاهرات والبقاء بعيدا عن أي تجمع واتّباع تعليمات السفارة الفرنسية أو القنصلية المختصة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: