غبار الركود السياحي يتراكم على مراكش

شوارع مزدحمة وأفنية صاخبة وأسواق ومزارات تاريخية مكتظة بزوارها القادمين من مختلف بقاع العالم، هكذا كانت مراكش المدينة السياحية الأولى في المغرب قبل أن تطرق جائحة كورونا أبوابها.

المدينة الحمراء، لم تصمد عندما اجتاحها الوباء وطال الإغلاق أغلب مرافقها، وانعدمت حركة السياحة فيها عقب إقرار السلطات المغربية إغلاق الحدود أمام حركة المغادرين والوافدين، وإعلان حالة طوارئ صحية.

توقف القطاع الذي يعتبر عصب حياة المدينة، وانعكس بدوره على قطاعات أخرى مرتبطة به كالتجارة والصناعات التقليدية والفنادق والنقل السياحي وغير ذلك من الأنشطة، ما جعل مراكش بعد أن كانت أكثر المدن المغربية صخبا ورواجا، خاوية على عروشها.

إن إغلاق الحدود وإجراءات الحجر الصحي المشددة، أدخلا المدينة وسكانها بحسب البرلماني المغربي، عضو المجلس البلدي لمراكش، البشير طوبيا، في أزمة شاملة غير مسبوقة، مؤكدا أن “الأضرار التي رتبتها الجائحة في ظل اعتماد المدينة بالدرجة الأولى على السياحة التي تعدّ عصب الحياة فيها، امتدت إلى كل ما يرتبط بالسياحة من أنشطة اقتصادية”.

ويوضح، “إن ما لحق بالمدينة بشكل خاص والمدن السياحية في المغرب عموما، من آثار سلبية بسبب كورونا، جعل من دعم القطاع السياحي في البلاد من الأوليات التي تعمل الجهات المختصة على إيجاد الآليات لتنفيذه”.

وشدد على أن الأزمة التي تشهدها المدينة لا ترتبط بالأساس بقرار السلطات المغربية لفتح الحدود، بقدر ما هي مرتبطة بالتشديدات التي تفرضها العديد من الدول على السفر، وبالتالي فإن حل الأزمة لا يرتبط بقرار مغربي فقط.

محمد بامنصور، الكاتب العام لفيدرالية النقل السياحي في المغرب، قال إن “قطاع النقل السياحي سواء على مستوى مدينة مراكش أو على مستوى المغرب ككل يعيش حالة من الشلل والتوقف التام”.

الأزمة التي تشهدها المدينة الحمراء ترتبط بالأساس بالقرارات التي تفرضها العديد من الدول على السفر

وأضاف أن التحدي الأبرز الذي يواجهه القطاع، هو المحافظة على الكوادر البشرية العاملة فيه، والتي تم تدريبها من قبل شركات النقل، حيث أصبحت هذه المهمة شبه مستحيلة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي عصفت بالسياحة.

أزمة يزيد من استفحالها ارتباط 80 في المئة من شركات النقل السياحي بقروض بنكية، إضافة إلى التدخل الخجول للدولة سواء على مستوى دعم القطاع أو على مستوى تأجيل سداد الديون.

ويبدو أن القطاع الذي عاش هذه الأزمة، سيعيش تداعيات ما بعدها أيضا، إذ يؤكد المتحدث أن المعطيات تشير إلى أن تعافي هذا القطاع من الأزمة لن يتم إلا بعد ثلاث سنوات، في حال عادت حركة السياحة إلى طبيعتها المعتادة.

قطاع الإرشاد السياحي كان بدوره من أبرز المتضررين من توقف السياحة في المدينة، وهو ما يؤكده إبراهيم آيت المؤدن، الذي يعمل مرشدا سياحيا في مراكش منذ قرابة 35 سنة.

المؤدن أكد أن مراكش “لم تشهد مثل هذه الحالة من الشلل منذ حرب الخليج في مطلع تسعينات القرن الماضي”.

وتابع، “منذ تم إغلاق المطارات، دخلت المدينة في حالة شلل تام تضرر منها الجميع بدءا من المرشدين السياحيين وتجار المدينة وكل من يتعاطى مهنة لها علاقة بالسياحة داخل المدينة”.

وأكد على أن قطاع الإرشاد السياحي كان الأكثر تضررا، نظرا لاعتبار هذه المهنة مصدر الدخل الوحيد لأغلب المرشدين السياحيين العاملين في المدينة، إضافة إلى عدم انخراط الكثير منهم في الضمان الاجتماعي.

ورغم تخفيف قيود السفر التي فرضتها المملكة، ورفع الإغلاق جزئيا عن المدن المغربية، إلا أن حال مدينة مراكش بحسب المؤدن لم تتغير ولا تزال حركة السياحة متوقفة تماما بها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: