هيئات صحافية مغربية تشهر سلاحها ضد التشهير

El bazi Bouchaib

بدأت الهيئات الصحافية المغربية بمواجهة صحافة التشهير التي تفشت في البلاد تحت ذرائع مختلفة من بينها حرية التعبير والنقد والمحاسبة، في حين أنها مخالفة مهنية وأخلاقية يعاقب عليها القانون. كما أنها تسيء لوسائل الإعلام والصحافيين الذين يمارسونها فأصبحت كيفية “حماية الصّحافة من نفسها”، ضرورة وفق تعبير نقيب الصحافيين عبدالله البقالي.

ويحتدم النقاش حول الممارسات الصحافية خلال سلسلة ندوات وطنية ينظمها المجلس الوطني للصحافة مع الهيئات المغربيّة، من بينها النقابة الوطنية للصحافة المغربية، تناقش مجموعة من مضامين “ميثاق أخلاقيات المهنة”، بدأت الجمعة الماضية نقاشا حول “حرية التعبير بين النقد والتشهير”.

يونس مجاهد: أحيانا هناك خيط رفيع بين النقد والتشهير لا نميّزه بسهولة

وأكد يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، أنّ الفرق واضح بين “حرية النقد”، و”التشهير” الذي هو سب وقذف ومسّ بالكرامة، “لكن، في بعض الأحيان، يكون هناك خيط رفيع لا يمكن أن نميّز فيه بسهولة بينهما”، وهو ما تنظره مدارس متعدّدة بطرق مختلفة، ممّا يبيّن ضرورة النّقاش في هذا الموضوع المطروح داخل المجلس الوطني، حتى “تميّز لجنة الأخلاقيات بالمجلس بين النقد القاسي والقذف”.

وعبّر مجاهد عن طموحه في أن تصير “قضايا الأخلاقيات من القضايا الأساسية التي تناقش في هيئات التحرير”، وأن “يترجم الميثاق الذي تم المصادقة عليه داخل المؤسّسات الإعلاميّة”. وركّز في مداخلته على ضرورة الانفتاح على المجتمع وانتقاداته المرتبطة بالمهنة، خاصة “مع ما تتيحه الشّبكات الاجتماعية للجميع من إمكانية الكتابة والتّعبير”.

ويعمل المجلس بلجانه المختلفة على سلسلة برامج حيث تقوم لجنة الأخلاقيات المهنيّة بدراسة مجموعة من الشكاوى، بعد المصادقة على ميثاق الأخلاقيات، الذي سيتم بحثه في عدة لقاءات وندوات مع المهنيّين، والكفاءات المهنية، أو مؤسسات الإعلام، وعلى الصعيد المحلي، والعالمي، دون توقّف حتى في الظروف الراهنة، خلال انتشار جائحة كورونا، بحسب ما ذكر مجاهد.

ويعتبر المجلس الوطني للصحافة في المغرب آلية ضبط ذاتي من مهامه إعداد مدونة أخلاقيات مهنية خلال ستة أشهر من تأسيسه. لكن الانتقادات التي تواجهها المدونة أنها مجرد مبادئ أخلاقية ليست لها قوة إلزام كما هو الحال للقاعدة القانونية التي تعتبر قواعد عامة ومجردة وملزمة وتطبق من قبل السلطات العمومية، بينما الالتزام الذاتي للصحافي هو الذي يتدخل في عملية ترسيخ المبادئ الأخلاقية للمهنة.

ويرى الصحافيون أن الأخلاقيات هي قواعد ليست لها قوة الإلزام القانوني، لذلك من الضروري أن يتم تناول ظاهرة التشهير من الزاوية القانونية قبل الأخلاقية للقضاء على ظاهرة التشهير أو على الأقل التخفيف منها.

وقال محتات الرقاص، ممثّل الفيدرالية المغربيّة لناشري الصّحف، إنّ ممارسة مهنة الصحافة “تندرج ضمن تقديم خدمة عامّة للنّاس، وليس مطلوبا من الصحافي إلا أن يكون صحافيا مهنيا، ويحرص على التوازن وتعدّد المصادر، وعدم الخلط بين الأخبار والرّأي”. وأضاف الرقاص أنّ “تعمّد ممارسة التّشهير والافتراء أخطاء مهنية يجب تفاديها”.

وأقر بأنّ الصحافة، مثل مهن أخرى، “تشهد خروقات وانتهاكات وأخطاء في المغرب”، وأشار إلى ما يحمله الميثاق من أخلاقيات واستحضار المبادئ الحقوقية الدولية معها.

ونوه إلى ضرورة “فتح المزيد من الدّورات والتدريب، والتعاون لتنفيذ المقتضيات في الميثاق”، وجعله من الموادّ المدرَّسة في المعهد العالي للإعلام والاتصال، والجامعات المغربيّة، حتى الوصول “إلى صحافة ذات جودة”.

الوسط الصحافي المغربي يسجل انتشارا لظاهرة التشهير بشكل غير مسبوق مع نقص الوعي القانوني والأخلاقي لدى البعض من الصحافيين والمؤسسات الإعلامية

ويسجل الوسط الصحافي المغربي انتشار ظاهرة التشهير بشكل غير مسبوق مع نقص الوعي القانوني والأخلاقي لدى البعض من الصحافيين والمؤسسات الإعلامية، وأيضا بسبب التطور التقني والتكنولوجي الذي ساهم في تداول ونقل الأخبار بسرعة، إضافة إلى أن التفريق بين الصحافي المهني والمواطن العادي أصبح صعبا بعد أن أصبح هذا الأخير يمكن أن يقوم بنقل الخبر وتحليله والتأثير على الكثيرين عبر تدويناته أو تعليقاته على الشبكات الاجتماعية.

وخلال مداخلته، ذكّر عمر السغروشني، رئيس اللجنة الوطنيّة لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، بأخلاقيات الصحافة وضوابطها المهنيّة ومهامها في “الوصول إلى الحقيقة بكل حياد”، وأضاف أنّ “المعلومات في خدمة المواطن، ولا يجب أن تمس بالهوية والحريات الفردية والجماعية للمواطنين، أو أن تفشي أسرارهم”.

ونوه السغروشني بمجموعة من الحقوق المكفولة لحماية الأشخاص، وأورد أن “الدستور ينصّ على حماية الحياة الخاصة للأشخاص الذاتيين. وممارسة حرية الرأي والتعبير في العمل الصحافي لا يجب أن تكون ذريعة للاعتداء على حقوق الإنسان الأساسية، خاصة الحياة الخاصّة. والصّحافيون مطالبون بالمزاوجة بين الانتفاع بالمعلومات وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، مع احترام ميثاق المجلس الوطني للصحافة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: