تنظيم الإضراب في المغرب.. مصير مجهول لمشروع القانون

لا جديد في المغرب بشأن مشروع قانون تنظيم الحق في الإضراب، منذ أن أجلت لجنة برلمانية مناقشته؛ إثر رفض النقابات له؛ باعتبار أنه “يكبل يد العمال”، وهو ما أعاده إلى “الرف” بعد سنوات من انتظار مناقشته.

وتطالب النقابات بإشراكها في صياغة مشروع القانون وتغيير عدد من بنوده، وأن لا تستغل الحكومة فترة جائحة “كورونا” لتمرير المشروع المُحال إلى البرلمان منذ أكتوبر 2016.

فيما تقول الحكومة إنها نظمت لقاءات للتشاور والنقاش مع جميع النقابات، وأخذت بكل ملاحظاتها بشأن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق في الإضراب.

ومنذ أن أُحيل مشروع القانون على البرلمان، لم يناقشه الأخير أبدا؛ بسبب رفض واسع من النقابات لعدد من بنود المشروع المثير للجدل.

تكبيل يد العمال

بطلب من الحكومة، أجلت لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، مناقشة مشروع القانون إلى أجل غير مسمى، بعد أن كان مقررا مناقشته في 16 سبتمبر الماضي.

ومنذ هذا التاريخ، لم يحدث أي تطور بشأن المشروع.

وقال عبد الرحيم الهندوف، القيادي بنقابة الاتحاد المغربي للشغل (أكبر نقابة بالمملكة)، إن “مشروع قانون الإضراب يحتاج لنقاش، وأن يكون موضوع حوار مجتمعي (بين الحكومة والنقابات وأرباب العمل)”.

وذَكَّرَ بالتزام الحكومة خلال أبريل 2019 بضرورة الحوار مع النقابات حول أي قانون يهم الطبقة العاملة.

وانتقد الهندوف بنودا في المشروع، معتبرا أنه يهدف إلى “تكبيل يد العمال، وضرب الحق في الإضراب”.

وتابع: “عدد أيام الإضراب قبل مرحلة كورونا لم تكن كثيرة، وأغلبها بسبب عدم احترام أرباب العمل للقوانين”.

وانتقد الظرفية التي تريد فيه الحكومة إخراج المشروع، والتي تتسم بانتشار “كورونا”، وتداعيات الجائحة.

ودعا الهندوف إلى “الاهتمام بكيفية إنعاش الاقتصاد، والرفع من وتيرة خلق فرص العمل بسبب فقدان آلاف (من المغاربة) لأعمالهم، بسبب كورونا أو الاهتمام بتعميم التأمين الصحي، بدل محاولة تمرير مشروع قانون الإضراب”.

وقالت المندوبية السامية للتخطيط، عبر تقرير حول سوق العمل صدر في أغسطس/ آب الماضي، إن الاقتصاد المغربي فقد في الفصل الثاني من السنة الحالية، 589 ألف منصب عمل؛ جراء انتشار “كورونا” وفرض حالة الطوارئ الصحية.

وتزيد الوظائف المفقودة في الأشهر الثلاثة المنتهية في 30 يونيو الماضي عن ثلاثة أضعاف الوظائف التي وفرها الاقتصاد المغربي خلال ثلاث سنوات.

تفاوض شامل

قال حزب التقدم والاشتراكية (يساري معارض)، في بيان الشهر الماضي، إنه “بعد وقوفه على التطورات الأخيرة التي يعرفها ملف القانون التنظيمي للإضراب، يُطالب الحكومة بإجراء المشاورات القبلية اللازمة في شأن القانون قبل عرضه على المسطرة البرلمانية”.

وشدد على ضرورة أن يتم ذلك “في إطارٍ تفاوضي شامل يستحضر أيضا مشروع القانون المُنظِّم لعمل النقابات وكل الإجراءات الكفيلة بضمان حرية العمل النقابي”.

ودعا إلى “إخراج هذا القانون التنظيمي بما يضمن تأطير وحماية الحق الدستوري في الإضراب، وبما يحفظ حقوق العمال ويصون مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية في كنف دولة الحق والقانون”.

مصلحة عامة

بعد الإعلان عن تأجيل مناقشة مشروع قانون الإضراب، قال وزير الشغل والإدماج المهني المغرب، محمد أمكراز، في كلمة له أمام البرلمان الشهر الماضي، إن “الأمور (بشأن المشروع) يجب أن تكون بعيدا عن النقاش السياسي”.

وتابع أن وزارته “لها الرغبة في مناقشة القانون وإخراجه، وعلاقتنا بالنقابات عادية ويطبعها التشاور والاحترام، ولا نضغط عليها ولا تضغط علينا، نشتغل في إطار مصلحة عامة، والنقابات كان لنا معها تشاور ونقاش مستمر”.

وأردف أن الوزارة “نظمت لقاءات مع جميع النقابات، وأخذت ملاحظاتهم جميعا، بالإضافة إلى لقاء مع الاتحاد العام للمقاولات (أكبر تجمع للشركات في المغرب)”.

وأكد تأجيل مناقشة المشروع داخل اللجنة، بعد أن أبلغت النقابات وزارته بملاحظات عليه.

مشروع القانون

بحسب الفصل 29 من الدستور المغربي، فإن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي، مضمونة”.

ويتكون مشروع قانون الإضراب من 49 بندا، وينص في المادة 5 على أن “كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي تعتبر باطلة، كما يعتبر كل إضراب لأهداف سياسية ممنوعا”.

ويتوجب، وفقا للمادة 7، إجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي للعمّال قبل خوض الإضراب، للبحث عن حلول.

وينص على أنه في حالة تعذر المفاوضات أو فشلها، يتعين بذل جميع المساعي اللازمة لمحاولة التصالح بين الطرفين.

أما في حالة الإضراب، فيُمنع على المضربين، حسب المادة 13، عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب أو احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها.

ويعتبر مشروع القانون أن العمال المشاركين في الإضراب، وفي حال حدوث توقف مؤقت عن العمل خلال إضرابهم “لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن مدة إضرابهم”.

وبعد إنهاء الإضراب أو إلغائه باتفاق بين الأطراف المعنية، يُمنع حسب المادة 23 اتخاذ قرار إضراب جديد دفاعا عن المطالب نفسها، إلا بعد مرور سنة على الأقل.

وفي حال ممارسة الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون، يمكن لصاحب العمل، حسب المادة 26، أن يطالب بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمقاولة (الشركة).

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: