المغرب يراهن على استعادة النشاط السياحي باستقبال وفود من بريطانيا واسبانيا وفرنسا

منذ بضعة أشهر، راهنت الحكومة المغربية على إنقاذ السياحة الداخلية كحل لإنقاذ هذا القطاع، بعد إغلاق الحدود في وجه الأجانب والمغاربة المقيمين في الخارج، بسبب تداعيات فيروس «كورونا» المستجد. لكن الإجراءات المتشددة والشروط الصعبة التي وضعتها السلطات المحلية حالت دون تشجيع المواطنين، ولا سيما الطبقة المتوسطة والميسورة، على السفر نحو المناطق الجبلية أو الشاطئية أو الصحراوية. ومن ثم، بقيت الفنادق شبه فارغة، ومعها تضررت أيضًا الأنشطة المتوازية من ترفيه وصناعة تقليدية ومنتجات محلية وفنون شعبية وغيرها.
حدث هذا حينما كان عدد الإصابات والوفيات بالفيروس قليلًا جدًا، وحينها كان يمكن للحكومة المغربية الاستفادة من الوضع لإعادة فتح الحدود تدريجيًا في وجه السياحة الخارجية، خاصة أن الاتحاد الأوربي كان يضع المغرب ضمن قائمة «المناطق الآمنة». لكن، وابتداء من الأيام الأولى لشهر  أغسطس المنصرم، ومع الإعلان عن أعداد مرتفعة من الإصابات بفيروس كورونا المستجد، دبّ الخوف في أوصال القارة الجارة، فسحب الاتحاد الأوربي المغرب من القائمة المذكور، مما يعني أنه صار «منطقة غير آمنة» وهذا لا يمكن بتاتًا أن يشجع الأوربيين على التفكير في السفر نحو المناطق المغربية للاستفادة من شمسها الدافئة وطبيعتها الخلابة وكرم أهلها.
ما من شك في أن التعامل مع هذا الموضوع يؤكد تذبذب الحكومة المغربية، كما أنه يُظهر فشلها في تدبير أزمة «كورونا» مثلما تؤكد ذلك استنتاجات خبراء وهيئات حزبية ونقابات عمالية وكذلك استطلاعات الرأي، آخرها استطلاع أنجزه موقع «لكم» حيث اعتبر 87 بالمئة من المصوتين أن حكومة سعد الدين العثماني فشلت في تدبير الجائحة، بينما أجاب 13 بالمائة فقط بالنفي.
واليوم، ورغم المعطيات غير السارة حول الوضع الوبائي في المغرب، ورغم التصنيف الأوربي المشار إليه، فإن المغرب يراهن على استعادة النشاط السياحي باستقبال وفود من بريطانيا وإسبانيا وفرنسا. وهكذا، فبعد أسبوع من استقبال وفد فرنسي في مطار «المنارة» في مراكش، استقبل مطار «المسيرة» في أغادير أول أمس السبت وفدًا سياحيًا قادمًا من «مانشستر» الإنكليزية بعد فتح الأجواء المغربية للطيران، كما حل في مطار «ابن بطوطة» عدد من ممثلي وكالات الأسفار الإسبانية، في محاولة لاستعادة الروح إلى السياحة المغربية. وأورد مصدر إعلامي أن أسماء أوبو (مديرة المجلس الجهوي للسياحة بأغادير) وصفت وصول وفد سياحي من بريطانيا باليوم المشهود، واعتبرته بداية عهد جديد لقطاع السياحة بعد توقف اضطراري لأكثر من سبعة أشهر بسبب جائحة «كورونا».
وتوقع المصدر نفسه أن تساهم هذه الخطوة في تحريك عجلة الاقتصاد في المدينة والجهة ككل، خاصة أن أكادير مرتبطة بشكل كبير بالقطاع السياحي، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، مؤكدة أن الرحلة الجديدة ستتلوها رحلات جوية أخرى، في احترام كامل للتدابير الصحية، وذلك بتضافر جهود كل العاملين في القطاع من وكلات أسفار دولية ومؤسسات فندقية ومؤسسات مهتمة بالقطاع السياحي التي تعمل على الترويج للوجهة بمختلف الوسائل المتاحة.
وإلى مطار طنجة «ابن بطوطة» الدولي، وصل عشية الخميس وفد يضم أعضاء من جمعية وكالة الأسفار في الأندلس، جنوب إسبانيا، في أول زيارة تستغرق بضعة أيام، ضمن مخطط «فام تريب» للترويج لوجهة المغرب، منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد، وهي زيارة من تنظيم «المكتب المغربي للسياحة» ويضم الوفد 15 عضوًا يمثلون عددًا من وكالات الأسفار العاملة في جنوب إسبانيا وصحافيين اثنين مهتمين بالشأن السياحي.
ويضم برنامج الزيارة عقد لقاءات عمل مع المهنيين المغاربة في جهة طنجة تطوان الحسيمة وفي الرباط، وزيارة لأهم المعالم السياحية في طنجة وتطوان و«تمودا باي».ونقلت وكالة الأنباء المغربية عن رئيسة «المجلس الجهوي للسياحة في طنجة تطوان الحسيمة» رقية العلوي، قولها: «نعوّل على الوفد الذي يمثل كبار مهنيي السياحة في الأندلس في إطار مقاربة إنعاش القطاع» موضحة أن الزيارة ستمكنهم من الاطلاع بأنفسهم على حرص وجهود المغرب لاتخاذ كل تدابير الصحة والسلامة لاستقبال السياح.
واعتبرت كارينا ألماناثي، مديرة وكالة للأسفار تشتغل أساسًا على جلب السياح الألمان نحو وجهات إسبانيا والبرتغال والمغرب، أن «توقعات السنة المقبلة جيدة للغاية بالنسبة المغرب، الوجهة التي تسحر الناس بحسن الضيافة والطبخ والثقافة والتاريخ، ونأمل أن تنتهي تداعيات الجائحة سريعًا» مبرزة أن «طلب فحوص كوفيد 19 لدخولها المغرب منحها الإحساس بالأمان».
وسجلت ماري لوز بيخارانو، منظًّمة رحلات سياحية، أنها خطوة مهمة السفر اليوم إلى المغرب، وهي المرة الأولى منذ بداية الجائحة، مشيرة إلى أن «البلد آمن تمامًا، ونحث الناس على اغتنام الفرصة للتعرف على المغرب، أو العودة بالنسبة لمن سبق له زيارة البلد الآمن والجميل والذي يزخر بالمؤهلات».
و اعتبر خابيير فيرنانديز، مدير مجلة مختصة في السياحة، أنه «يتعين التخلص من الخوف من فيروس كورونا وليس الحذر منه، لأنه يتعين علينا اتخاذ كل الاحتياطات الضرورية لاستعادة وتيرة الرحلات بين المغرب وإسبانيا ودعم السياحة واغتنام الفرص المتاحة والتعاون بين البلدين الجارين». وسجل أنه قبل الجائحة كان هناك حوالي مليون سائح إسباني يزور المغرب، مضيفاً: «اليوم علينا أن نبعث برسالة أن المغرب يتوفر على كل شروط السلامة للقيام برحلة سياحية رائعة بفضل شواطئه ومطبخه وثقافته وتراثه وناسه. نحن اليوم هنا، وهذا دليل على أن كل إسباني يمكنه القدوم للمغرب، والعكس صحيح».
على صعيد آخر، أفادت مصادر محلية أنه من المرتقب في الأيام المقبلة أن تلغي السلطات في مدينة مراكش العمل برخصة التنقل​ الاستثنائية من وإلى هذه المدينة، والتي​ كان معمولاً بها منذ حوالي ستة أشهر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: