المغرب: إغلاق 210 مؤسسات تعليمية بسبب كورونا ونزاع الآباء مع إدارات المدارس يصل إلى القضاء

ما زال قطاع التعليم في المغرب مطبوعًا بأزمة «كورونا» ومن ثم يراهن على تأمين الموسم الدراسي الجديد، من خلال التعميم التدريجي لنمط «التعليم الحُضوري» في عدد من المدن التي تراجعت فيها الإصابات بالفيروس، وذلك بعدما أكد الكثير من الخبراء عدم نجاعة تجربة «التعليم عن بعد» أي تتبّع الحصص بواسطة الإنترنت والقنوات التلفزيونية. وفي الوقت نفسه، يقع الحرص على تفادي تضخّم الإصابات بين الأساتذة والتلاميذ والكوادر التعليمية.
وإذا كان مراقبون يسجلون بعض الارتجال والارتباك في الدخول الدراسي الجديد، فإن مسؤولين حكوميين يقللون من حدة تأثير الجائحة على إيقاع الدراسة وظروفها، موضحين أنه لم تُغلق منذ استئناف الدراسة إلا أقل من 2 في المئة من المؤسسات، أي حوالي 200 مؤسسة تعليمية من بين أكثر من 11000 مؤسسة.

دعاوى قضائية

لم تنته بعدُ مشكلات تسجيلات التلاميذ في المدارس العمومية والخاصة، بسبب تداعيات «كورونا» وما نتج عنها من شنآن بين العديد من الآباء وأرباب المؤسسات التعليمية الخاصة، نتيجة اعتماد صيغة «التعليم عن بعد» أواخر الموسم الدراسي المنصرم، ما دفع الكثيرين إلى رفض أداء الأقساط المالية الشهرية التي ما زالت بذمتهم تجاه مؤسسات التعليم الخاص.
الكثير من الأسر طلبت انتقال أبنائها إلى المدارس العمومية، والرقم الذي أوردته صحيفة «هسبريس» الإلكترونية يحمل أكثر من دلالة، فقد غادر ما يزيد عن 200 ألف تلميذ مؤسساتهم التعليمية الخصوصية للالتحاق بالمدارس العمومية منذ بداية العام الدراسي الحالي، بسبب التداعيات السلبية لجائحة كورونا على المداخيل الشهرية للأسر المغربية. وقال فؤاد بنشقرون، رئيس هيئة مؤسسات التعليم والتكوين الخاص في المغرب، إن الإحصائيات الرسمية تشير إلى تأثر مداخيل 55 في المائة من الأسر المغربية بتداعيات جائحة «كوفيد 19» وهو ما تسبب في حمل شريحة واسعة من المواطنين على نقل أبنائهم المتمدرسين نحو مؤسسات التعليم العمومي التي تعاني أصلًا من اكتظاظ كبير داخل أقسامها الدراسية.
يضاف إلى ذلك حدوث نزاعات بين أرباب المدارس الخاصة وآباء التلاميذ، وصل صداها إلى ردهات المحاكم، وصدرت فيها أحكام استعجالية لضمان حق الأطفال في التعليم. وفي نزاعات أخرى جرى اللجوء لتحكيم مسؤولي وزارة التعليم، مثلما حصل مع قضية أب التلميذة «خديجة» الذي اشترط عليه مدير مدرسة خاصة في مدينة طنجة أداء مبلغ 625 ألف درهم مغربي (67994 دولار أمريكي) رسومًا سنوية لتسجيل ابنته في المدرسة.وجاء هذا الشرط ردًّا على قيام والد التلميذة بطرق باب القضاء، من أجل إعادة تسجيل ابنته في المدرسة المعنية التي كانت رفضت الأمر، ففوجئ بتلقي رسالة جديدة من المدرسة عن طريق مُفوِّض قضائي، مكتوبة باللغة الفرنسية، جاء فيها أنه «وفقًا للحُكم الصادر، نخبرك أن المدرسة ستشرع في تسجيل ابنتك خديجة للعام الدراسي 2020-2021 انطلاقًا من تاريخ استلام هذه الرسالة».
وأضافت الرسالة أنه «نظرًا لأن الفصول الحالية للمدرسة ممتلئة، وأن البروتوكول الصحي المعتمد من قبل السلطات يتطلب الامتثال الصارم للتباعد الجسدي والالتزام بالسعة المطلوبة لكل فصل دراسي، فإن المدرسة مضطرة لأن تفتح فصلًا جديدًا مخصصًا لابنتك حصريًا. لذلك، نبلغك أننا قمنا بالفعل بتعيين معلمة فرنسية جديدة ومعلم جديد ذي خبرة في اللغة العربية».
واعتبرت إدارة المدرسة أن تكلفة هذا الفصل الجديد المخصص حصريًا للتلميذة سيجري احتسابها بالكامل على الأب، بما أنه لا يمكن تقسيمها بين عدة عائلات. وبالتالي، فإن الرسوم الدراسية السنوية للعام الدراسي الحالي ستكون (625.000 درهم) تُدفع إما مرة واحدة أو على عدة أقساط. ودخلت وزارة التعليم على الخط، حيث شكلت لجنة مختلطة توجهت إلى المؤسسة التعليمية المعنية، قصد الوقوف على مشكلة عدم تسجيل التلميذة، وأجرت بحثًا للتأكد من الموضوع. واستمعت إلى ربّ المؤسسة، وطالبته بإعادة تسجيل التلميذة فورًا، حفاظاً على مصلحتها في التعلم كحق يكفله الدستور المغربي ومختلف القوانين، فأبدى موافقته على الأمر «مكرهًا لا بطل».

«كورونا» في المدارس

على صعيد آخر، كشف وزير التعليم المغربي، سعد أمزازي، أن فيروس كورونا تمكّن من إصابة أكثر من 3000 شخص ينتمون إلى أسرة التعليم مع انطلاق الموسم الدراسي الحالي. وأوضح أمزازي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية في مجلس النواب، مساء أول أمس الإثنين، أن الوزارة قامت بإغلاق 210 مؤسسات تعليمية تستقبل أكثر من مائة ألف تلميذ وتلميذة، إثر اكتشاف حالات إيجابية همّت 1400 تلميذ و1500 أستاذ و245 كادرًا ينتمون إلى هيئة الإدارة و158 من الكوادر الإدارية أخرى، وهو ما يعني إصابة 3030 فردًا من أسرة التعليم.
المعطيات الجديدة تشير إلى قيام اللجان الإقليمية التابعة للوزارة بزيارة 4500 مؤسسة عمومية و300 مدرسة خصوصية، حيث تم الوقوف على بعض الاختلالات المتعلقة بتنفيذ «البروتوكول» الصحي ونمط التعليم التربوي المعتمد، إضافة إلى صعوبات تدبير النقل المدرسي والتوفر على تجهيزات كافية أو ربط بالإنترنت بالنسبة لصيغة «التعليم عن بعد».
وأكد المسؤول الحكومي أن الوزارة عملت على إنجاح الدخول المدرسي في ظل الارتفاع المهول للحالات الحرجة والوفيات المرتبطة بالوباء، وذلك انطلاقًا من الحرص على سلامة المتعلمين والكوادر، مبرزًا أنه تم إقرار «تعليم عن بعد» كنمط أساسي في جميع المستويات، مع تمكين الأسر من استفادة أبنائها من «تعليم حضوري» بعد التعبير عن هذا الاختيار، في إطار إشراكها في اتخاذ القرار التعليمي، وأخذًا بعين الاعتبار الوضع الخاص لكل أسرة على حدة.
في السياق نفسه، أفاد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربي، في تصريح صحفي، أن حالات عدم احترام المؤسسات التعليمية للبروتوكول الصحي الخاص بكوفيد 19 معزولة ومحدودة وتستحق التعامل معها بكل تحرٍّ وحزم، لكنها تبقى الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، حيث إن هناك حرصًا كبيرًا على ضمان كافة وسائل الوقاية والحماية في المؤسسات التعليمية، مؤكدا أن وزارة التعليم بكافة كوادرها التربوية والإدارية وبتعاون مع الآباء والأمهات وأولياء التلاميذ تحرص على ذلك.
وأشار إلى أنه بعد انطلاق الدراسة منذ أكثر من شهر لم تُسَجل أية بؤرة مدرسية، موضحًا أنه قد يُصاب أشخاص معزولون، لكن يجري التعامل مع الوضع بالسرعة والجدية اللازمين وبالإجراءات المطلوبة. وفي هذه الحالة، قد تغلق الفصول المعنية، وقد تغلق المدرسة كاملة وفق المعايير التي حدتها السلطات الصحية. وقال العثماني: «ولنتصور الحجم المحدود جدًا لذلك، يكفي أن نعلم أنه لم تغلق منذ انطلاق الدخول المدرسي إلا أقل من 2 في المئة من المؤسسات، أي حوالي 200 مؤسسة من أكثر من 11000».
واستشهد على جدية ونجاعة الإجراءات الاحترازية التي تحاط بها العملية التعليمية في المغرب، بالنجاح الجماعي في تنظيم امتحانات البكالوريا (شهادة الثانوية العامة) وكذا الامتحان الجهوي للسنة الأولى من سلك البكالوريا في ظروف صحية مناسبة.

معطيات جديدة

على صعيد آخر، كشفت معطيات وزارة الصحة المغربية، مساء السبت، تسجيل 3763 إصابة مؤكدة جديدة بفيروس «كورونا» المستجد خلال 24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد الإجمالي للمصابين بالفيروس إلى 170.911 حالة في المغرب. ووفق المصدر ذاته، فإن عدد الحالات المستبعدة، بعد الحصول على نتائج سلبية، قد بلغ 2.846.577 منذ بداية انتشار الفيروس في المغرب بتاريخ 2  مارس الماضي. وأفادت المعطيات الرسمية بأن الفترة نفسها عرفت تسجيل 60 وفاة جديدة ليصل عدد الوفيات إلى 2878 حالة، بينما جرى التأكد من 2392 حالة شفاء إضافية لترتفع الحصيلة الإجمالية للتعافي إلى 141.381.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: