انزعاج روسي من السيطرة الأميركية على مسار التسوية في ليبيا

عكست تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف انزعاجا روسيا من سيطرة الولايات المتحدة على مسار الحل السياسي في ليبيا عن طريق الدبلوماسية الأميركية والمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز التي يبدو أن واشنطن حريصة على بقائها على رأس البعثة إلى حين تركيز سلطة تنفيذية جديدة في ليبيا.

وشدّد لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، الأربعاء، عقب مباحثات رسمية بينهما في العاصمة موسكو، على ضرورة الإسراع في تعيين الممثل الأممي الخاص إلى ليبيا، متهمًا الولايات المتحدة بانتهاج موقف يعرقل هذا الأمر.

وأعلن وزير الخارجية الروسي استمرار التحضيرات لعقد اجتماع يضم أطراف الأزمة الليبية في مدينة جنيف السويسرية.

وأشار إلى ضرورة تطبيق قرار الأمم المتحدة بشأن ليبيا، موضحا أن جميع الجهود تصب في هذا الاتجاه.

وقال إن الهدف الأهم حاليّا هو ضمان تقدم جميع الجهود في الاتجاه نفسه، ومشاركة الليبيين كلهم في العملية السياسية، حتى يتم تحقيق التوازن لكافة المناطق في ليبيا.

وأوضح أن جميع الخطوات في هذا الصدد يجب أن تتخذ برعاية الأمم المتحدة، وأن التحضيرات مستمرة للاجتماعات المرتقبة في جنيف عقب اجتماعات القاهرة بين الأطراف الليبية، دون الإشارة إلى المحادثات التي ستُجرى في تونس.

ويخشى كثيرون هيمنة الإسلاميين عليها بسبب مواقف رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي المنحازة إلى الإسلاميين في ليبيا.

وتسيطر ستيفاني ويليامز على البعثة الأممية منذ تعيينها نائبًا للمبعوث الأممي المستقيل غسان سلامة، لكن نفوذها تعمق بعد استقالته في مارس الماضي.

وبالإضافة إلى ويليامز يقود السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند العملية السياسية، حيث تزايدت تحركاته في الفترة الماضية من خلال قيامه بجولة دبلوماسية بدأها بفرنسا مرورا بمصر ثم تركيا.

ويعكس تجاهل نورلاند لروسيا، رغم كونها واحدة من أبرز الدول المتدخلة في ليبيا عن طريق دعم الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر إضافة إلى أنصار نظام العقيد الراحل معمر القذافي، عدم استعداد الولايات المتحدة للاعتراف بأي دور روسيّ في ليبيا.

سيطرة أميركية واسعة على البعثة الأممية

وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت في مايو الماضي أن واشنطن لم ترد قط على اقتراح قدمه سيرجي لافروف، في ديسمبر الماضي، لإقامة حوار على مستوى الخبراء بشأن التسوية في ليبيا.

وجاء في بيان الوزارة “نود أن نشير إلى أنه في 10 ديسمبر 2019، خلال زيارة عمل أدّاها لافروف إلى واشنطن، قدم الجانب الروسي اقتراحا لإنشاء حوار على مستوى خبراء مع الولايات المتحدة حول مجموعة كاملة من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بهدف التسوية السياسية للأزمة الليبية. لم نسمع أي رد فعل واضح في ذلك الحين وبعد ذلك (أيضا)”.

وشنت الولايات المتحدة وحلفاؤها في ليبيا (أغلبهم من الإسلاميين) حملة خلال الأشهر الأخيرة ضد روسيا التي اتُّهمت بنشر مرتزقة فاغنر في الموانئ والحقول النفطية، فيما اتهمت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) روسيا بتزويد الجيش الليبي بمقاتلات من نوع ميغ 29 وسوخوي 24 جرى إرسالها إلى قاعدة الجفرة الجوية وسط البلاد.

وبرز في الآونة الأخيرة شبه توافق غربي على استبعاد روسيا وتركيا من الأزمة بعد أن هيمنتا على ليبيا وسط مخاوف أوروبية من “سورنة” البلاد.

وتسود مخاوف من اندلاع المواجهات بين الجيش الليبي وميليشيات حكومة الوفاق، ما من شأنه تقويض الجهود الهادفة إلى وقف دائم للقتال وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وتتزايد حدة هذه المخاوف بعد أن دعت وزارة الدفاع التابعة لـ”حكومة الوفاق” ميليشياتها إلى التأهب تحسبا لهجوم قد يشنه الجيش على ثلاث مدن غرب البلاد.

وقبل ذلك لوح كلا الطرفين بالعودة إلى القتال، حيث أعلن الناطق باسم الجيش أحمد المسماري الانتهاء من صيانة عدد من المقاتلات.

وأكد المسماري عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنّ طائرات الميغ 23 سرب القاذفات “بي إن” جاهزةٌ لتنفيذ المهامّ القتالية، وهو ما أثار التساؤلات عما إذا كانت هذه الطائرات هي نفسها التي سبق أن اتهمت “أفريكوم” روسيا بنشرها في قاعدة الجفرة وسط ليبيا؟

ولم توقف تركيا منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار دعم الميليشيات الحليفة لحكومة الوفاق -الواجهة السياسية لتيار الإسلام السياسي- بالسلاح، وهو ما رصده موقع “إيتاميلرادار” المتخصص في رصد حركات الطيران.

وذكر الموقع مطلع أكتوبر الحالي أنه “على الرغم من الالتزام في القوقاز والتوتر مع اليونان، فإن التدخل التركي في ليبيا لا يتضاءل ويستمر الجسر الجوي بين تركيا وليبيا”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: