المغرب يواجه غزو السلع التركية بتعديل الاتفاق التجاري

شرع المغرب في محاصرة إغراق السوق المغربية بالمنتجات التركية، من خلال المصادقة على تعديل اتفاقية التبادل الحر بين الرباط وأنقرة بكيفية ترفع حجم الرسوم الضريبية على السلع ذات المنشأ التركي.

قررت الحكومة المغربية فرض مزيد من القيود على المنتجات المصنعة في تركيا لمدة خمس سنوات، كما فرضت الرباط قيودا صارمة على سلاسل المتاجر التركية في المغرب، وحذرت من إغلاقها حال عدم الالتزام بتلك بالقرارات التي تتخذها لتشجيع الصناعة المغربية.

وبمقتضى الإجراءات الجديدة ترتفع الرسوم الجمركية على المنسوجات التي تحمل أختاما تركية بنسبة 90 في المئة.

ونص الاتفاق أيضا على ألا يطبق الجانب المغربي أي رسوم أخرى ذات أثر مماثل للرسوم الجمركية على الواردات ذات المنشأ التركي، باستثناء ما تتيحه المادتان 18 و19 من اتفاقية التبادل الحر بينهما.

واشترطت وزارة التجارة المغربية أيضًا على سلسلة متاجر «بيم» التركية المنتشرة في المغرب، التي تعتمد على بيع المنتجات التركية هناك، بأن يكون نصف المعروض في جميع متاجر «بيم» من إنتاج مغربي، وحذرت من أنه في حالة عدم الالتزام سيتم غلق 500 متجر تمتلكها العلامة التجارية التركية في المغرب.

وكان حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي المغربي أعلن بداية العام الجاري عن خسارة مالية مغربية وصلت إلى ملياري دولار أميركي سنويا، في علاقات الرباط التجارية مع تركيا، معترفا بأن العجز في الميزان التجاري مع تركيا دفع الرباط إلى البحث عن طريق لإعادة النظر في العلاقات التجارية المغربية التركية.

وأقر المسؤول الحكومي بأن وزارته تحارب الشركات التي تريد إغراق الأسواق المغربية، معترفا بوجود مشكلة في قطاع النسيج المغربي، بسبب تركيا. ووجه وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي اتهاما إلى تركيا بإغراق السوق المغربي بالألبسة ما تسبب في إلغاء فرص عمل للمغاربة.

وأوضح أستاذ العلوم الاقتصادية، محمد ياوحي  بأن المغرب تعرض للتحايل من طرف الشركات التركية التي كانت تصدر منتجات قادمة من دول أخرى تسببت في إغراق الأسواق في حين أنها تستفيد من التصدير إلى المغرب دون رسوم في إطار التبادل الحر بين البلدين.»

ولفت محمد ياوحي أن الصيغة الجديدة للاتفاقية المبرمة تسعى لتفادي أي تحايل عن طريق الانتباه لأصل المنتوج بلد المنشأ، مع ملاحظة التدرج في التراجع عن الرسوم الجمركية لإعطاء مهلة للصناعات المغربية التأهل لظروف المنافسة.

90 في المئة نسبة رفع الرسوم الجمركية على المنسوجات التي تحمل أختاما تركية

وينص الاتفاق المبرم مع تركيا على ضرورة انعقاد اللجنة المشتركة المغربية التركية 3 أشهر قبل تاريخ انتهاء فترة الخمس سنوات الأولى، لتقييم ما إذا كانت هناك حاجة للتمديد بـ5 سنوات إضافية، حيث يمكن للجنة المشتركة، بتوافق مشترك تمديد فترة الخمس سنوات الأولى لمدة 5 سنوات إضافية.

وتم تعديل المادة 17 من اتفاقية التبادل الحر بين البلدين، بما يمكن الطرفين من اتخاذ إجراءات التقويم المؤقتة لمدة محدودة، على شكل زيادة في الرسوم الجمركية، على أن تهم هذه الإجراءات فقط الصناعات الناشئة أو الرسوم الجمركية المطبقة من الطرفين بموجب تلك الإجراءات على منتجات أحد الطرفين 30 في المئة من قيمتها.

وفي هذا الصدد أكدت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، الأحد، انخفاض واردات الملابس الجاهزة من تركيا وبعض الدول الأوروبية والاسيوية، حيث بلغت الكميات المستوردة، إلى ما يقارب 6655 طنا بقيمة مالية إجمالية بلغت 1.24 مليار درهم، (154 مليون دولار)، مقابل 10 آلاف طن في الشهور الثمانية الأولى من سنة 2019، بقيمة مالية إجمالية تجاوزت 1.63 مليار درهم، 176 مليون دولار.

وتأثرت الواردات المغربية من الملابس الجاهزة التركية، التي ألحقت أضرارا كبيرة بالصناعة المحلية من الملابس الجاهزة، بشكل كبير نتيجة التوقف شبه الكلي لحركة المبادلات التجارية بسبب تفشي وباء «كوفيد 19.

ولهذا فقد نص الاتفاق الذي صادقت عليه الحكومة المغربية، على ألا تتجاوز القيمة الإجمالية لواردات المنتجات الخاضعة لهذه الإجراءات 15 بالمائة من مجموع واردات المنتجات الصناعة من الطرف الآخر.

ويرتبط المغرب باتفاقيات للتبادل الحر مع 56 دولة، وقد أكد استاذ العلوم الاقتصادية، محمد ياوحي على تعرض الاقتصاد الوطني لخسائر كبيرة بفعل اتفاقيات التبادل الحر مع مجموعة من الدول أو التجمعات الاقتصادية منها تركيا، وهذا بسبب ضعف تنافسية الاقتصاد الوطني والشركات المغربية التي ترعرعت في الآيزو الحمائية عن طريق الرسوم الجمركية ورخص الاستيراد ومجموعة من الإجراءات الحمائية.

محمد ياوحي: المغرب تعرض إلى عملية احتيال من طرف الشركات التركية

وفي هذا الاطار التزم وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي المغربي، بـحماية الاقتصاد المغربي، وبضرورة حماية فرص العمل في المغرب، في مواجهة إغراق السوق المغربي بالنسيج التركي، من نافذة اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وتركيا، قائلا لن نسمح بهذا أبدا.

ويعتقد الاقتصادي محمد ياوحي، أن مشروع الاتفاق الجديد يهدف إلى حماية الصناعات الناشئة وإعطاءها فرصة من أجل التأقلم مع ظروف السوق وأن تتقوى قبل مواجهة المنافسين المحتملين، مشيرا إلى أن هذه الرسوم لن يمكنها لوحدها حماية هذه الصناعات الناشئة بل تحتاج إلى مواكبة وتأطير ومساندة.

وكان آثر هذه الإجراءات الجديدة واضحا على سلاسل التجارة التركية حيث قالت شركات تركية إنها واجهت تأخيرات جديدة في الأسابيع الماضية في تصدير الملابس إلى دول في شمال أفريقيا، بعد أن عدل المغرب الاتفاق..

ونقلت رويترز إن مصدري الملابس الجاهزة اشتكوا من طلبات غير اعتيادية تتعلق بالوثائق والمستندات وتأخيرات تصل إلى خمسة أمثال وقت التخليص الجمركي المعتاد في المغرب والجزائر.

ولم يتسن لرويترز تحديد سبب التأخير. وتأتي الشكاوى بينما يسعى مصنعو المنسوجات والملابس في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وشرق أوروبا للاستفادة من تعطل سلاسل التوريد العالمية جراء جائحة فايروس كورونا. وقال جياستين أيوبكوكا، رئيس جمعية لاليلي للصناعة والأعمال التركية، إن المغرب يفرض منذ فترة طويلة أعلى الرسوم القانونية على الواردات التركية من أجل دعم الإنتاج المحلي.

لكنه قال إن المصدرين واجهوا في الأشهر القليلة الماضية تأخيرات «غير رسمية وغير موثقة» على الحدود. وأضاف «بل إن الأمر يستغرق من 10 إلى 12 يوما لتخليص بضائعنا من الجمارك بدلا من يومين كالمعتاد».

صدرت تركيا بضائع قيمتها 2.2 مليار دولار إلى المغرب العام الماضي، مما تسبب في عجز تجاري للرباط ودفع بعض المشرعين ومسؤولي الصناعة المغاربة للشكوى من المنافسة غير العادلة. ولم تقدم مجموعات القطاع التركي أسماء الشركات التي قدمت الشكاوى.

وصدرت تركيا العام الماضي منسوجات بنحو 18 مليار دولار، وهو ما يمثل 10 في المئة من إجمالي صادراتها، وفقا لمجموعة صناعية. وبلغ إجمالي الصادرات إلى الجزائر 1.9 مليار دولار.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: