الركود يحاصر مراكش العاصمة السياحية للمغرب

خيم الركود على مدينة مراكش السياحية في المغرب نظرا لتقلص تدفق السياح في أعقاب انهيار الطلب العالمي على السفر والإجراءات المكثفة لمكافحة انتشار الوباء، حيث لم تمكن خطة الترويج لسياحة محصنة ضد الفايروس التي أطلقتها الحكومة سوى من جلب عدد صغير من السياح المحليين والأجانب.

تكافح مدينة مراكش السياحية في المغرب تبعات كورونا ما أحال القطاعات التجارية المرتبطة بقدوم السياح -كالصناعات التقليدية وقطاع النقل- إلى الكساد عقب إقرار السلطات المغربية إغلاق الحدود أمام حركة المغادرين والوافدين، وإعلان حالة الطوارئ الصحية.

ورغم أن وكالة الأنباء المغربية أكدت تدفق بعض الأفواج السياحية إلى المدينة خلال الأسابيع القليلة الماضية إلا أن ذلك لم يُعد للمدينة بريقها وزخمها المعهود حيث تظل الوفود محدودة.

وقبل الأزمة كانت شوارع مراكش مزدحمة وأفنيتها صاخبة وأسواقها ومزاراتها التاريخية مكتظة بزوارها القادمين من مختلف بقاع العالم، هكذا كانت المدينة السياحية الأولى في المغرب قبل أن تطرق جائحة كورونا أبوابها.

المدينة الحمراء، لم تصمد عندما اجتاحها الوباء وطال الإغلاق أغلب مرافقها، وانعدمت حركة السياحة فيها عقب إقرار السلطات المغربية إغلاق الحدود وإعلان حالة الطوارئ الصحية.

ويشكل ركود القطاع السياحي توقفا لقطاع يعتبر شريان حياة المدينة، حيث انعكس بدوره على قطاعات أخرى مرتبطة به كالتجارة والصناعات التقليدية والفنادق والنقل السياحي وغير ذلك؛ ما جعل مراكش، بعد أن كانت أكثر المدن المغربية صخباً ورواجا، خاوية على عروشها.

وفي 19 مارس الماضي، أعلنت السلطات حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة في البلاد، إلى غاية 10 نوفمبر المقبل، ضمن تدابير للسيطرة على الفايروس.

وتشكل السياحة المغربية حوالي 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويعمل فيها أكثر من نصف مليون شخص، وتعتبر مصدراً مهماً للعملة الصعبة.

وأدخل إغلاق الحدود وإجراءات الحجر الصحي المشددة، في ظل تفشي الفايروس بشكل كبير، المدينة وسكانها -بحسب البرلماني المغربي، عضو المجلس البلدي لمراكش، البشير طوبيا- في أزمة شاملة غير مسبوقة ضربت جميع القطاعات العاملة في المدينة.

ونسبت الأناضول إلى طوبيا قوله إن “الأضرار التي رتبتها جائحة كورونا في ظل اعتماد المدينة بالدرجة الأولى على السياحة التي تعد عصب الحياة فيها، امتدت إلى كل ما يرتبط بالسياحة من أنشطة اقتصادية كالفنادق والمطاعم والصناع التقليديين ووسائل النقل وغيرهم”.

وأضاف أن “ما لحق بالمدينة بشكل خاص والمدن السياحية في المغرب عموما، من آثار سلبية بسبب كورونا، جعل من دعم القطاع السياحي في البلاد من الأوليات التي تعمل الجهات المختصة على دعمها”.

وشدد طوبيا على أن الأزمة التي تشهدها المدينة لا ترتبط أساسا بقرار السلطات المغربية فتح الحدود، بقدر ما هي مرتبطة بالتشديدات التي تفرضها الكثير من الدول على السفر، وبالتالي فإن حل الأزمة لا يرتبط بقرار مغربي فقط.

السياحة تشكل 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتشغل أكثر من نصف مليون شخص، وهي مصدر مهم للعملة الصعبة

ووفق بيانات وزارة السياحة، استقبل المغرب عام 2019 حوالي 13 مليون سائح، بزيادة 5 في المئة عن 2018؛ وتستقبل مراكش أزيد من مليون سائح سنويا.

لم يكن المغرب، الذي يعتبر قطاع السياحة من ركائز الاقتصاد الوطني، بمنأى عن تأثيرات الجائحة التي ضربت العالم، وهذا ما أكدته بالأرقام وزيرة السياحة نادية العلوي، أمام البرلمان في التاسع من يونيو الماضي.

وأكدت العلوي انخفاض عدد السياح الوافدين بنسبة 45 في المئة خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2020، مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، فيما تراجعت ليالي المبيت بـ42 في المئة، وانخفضت عائدات القطاع بنحو 15 في المئة.

محمد بامنصور، الكاتب العام لفيدرالية النقل السياحي في المغرب، قال في حديث للأناضول إن “قطاع النقل السياحي سواء على مستوى مدينة مراكش أو على مستوى المغرب يعيش حالة من الشلل والتوقف التام”.

وأضاف بامنصور أن التحدي الأبرز الذي يواجهه القطاع هو المحافظة على الكوادر البشرية العاملة فيه، والتي تم تدريبها من قبل شركات النقل، حيث أصبحت هذه المهمة شبه مستحيلة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي عصفت بالسياحة.

أزمة يزيد من استفحالها بحسب بامنصور ارتباط 80 في المئة من شركات النقل السياحي بقروض بنكية، إضافة الى التدخل الخجول للدولة سواء على مستوى دعم القطاع أو على مستوى تأجيل سداد الديون.

ويبدو أن القطاع الذي عاش هذه الأزمة سيعيش تداعيات ما بعدها أيضا، إذ يؤكد المتحدث أن المعطيات تشير إلى أن تعافي هذا القطاع من الأزمة لن يتم إلا بعد ثلاث سنوات، في حال عادت حركة السياحة إلى طبيعتها.

قطاع الإرشاد السياحي كان بدوره من أبرز المتضررين من توقف السياحة في المدينة، وهو ما يؤكده إبراهيم أيت المودن، الذي يعمل مرشدا سياحيا في مراكش منذ قرابة 35 سنة.

وأكد المودن في حديث للأناضول أن مراكش “لم تشهد مثل هذه الحالة من الشلل منذ حرب الخليج مطلع تسعينات القرن الماضي”.

وتابع “منذ تم إغلاق المطارات، دخلت المدينة في حالة شلل تام تضرر منها الجميع بدءًا من المرشدين السياحيين وتجار المدينة وكل من يتعاطى مهنا لها علاقة بالسياحة داخل المدينة”.

وأكد على أن قطاع الإرشاد السياحي كان الأكثر تضررا، لأن هذه المهنة مصدر الدخل الوحيد لأغلب المرشدين السياحيين العاملين في المدينة، إضافة إلى عدم تسجيل الكثير منهم في الضمان الاجتماعي.

ورغم تخفيف قيود السفر التي فرضتها المملكة، ورفع الإغلاق جزئيا عن مدنها، إلا أن حال المدينة بحسب المودن لم يتغير وما زالت حركة السياحة متوقفة تماما في المدينة.

وفي سبتمبر الماضي، أعلن المغرب صرف تعويضات مالية للعاملين في القطاع السياحي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: