حركة “البناء الوطني” تغرد خارج سرب إخوان الجزائر بدعم التعديل الدستوري
أعلنت حركة “البناء الوطني” الإسلامية الأحد، قرارها التصويت بـ “نعم” على التعديل الدستوري الذي سيعرض لاستفتاء شعبي في 1 نوفمبر المقبل، لتخرج عن سرب أجنحة التيار الإخواني في الجزائر.
ويعد قرار حركة “البناء الوطني” معارضا لمواقف أغلب مكونات التيار الإسلامية في البلاد التي عارضت المشروع واصفة أنه “يمثل خطرا على الهوية والثوابت”.
وقال رئيس الحركة الإسلامية عبدالقادر بن قرينة خلال مؤتمر صحفي عقده رئيس الحركة، لإعلان موقف الحزب من التعديل الدستوري “تعلن حركة البناء الوطني، بناء على قرار مجلس الشورى وهو أعلى مؤسسة في الحزب، التصويت بنعم على مشروع تعديل الدستور”.
وأضاف أن القرار جاء “حماية لمسار التحول الوطني في ظل استمرار الدولة الوطنية مع التأكيد على استدراك المخاوف والتحفظات التي عبرت عنها الساحة السياسية لاحقا أثناء وضع القوانين التطبيقية لما ورد في الدستور”.
وكانت أحزاب إسلامية مثل “حركة مجتمع السلم” التي تعتبر أكبر حزب إسلامي في الجزائر ، و”النهضة”، و”جبهة العدالة والتنمية”، قد دعت إلى التصويت بـ “لا” على المشروع.
كما تحفظت جمعية العلماء المسلمين على مضمون التعديل، وتركت الحرية للمواطن لإبداء موقفه.
وأضاف بن قرينة أن “للثوابت وهوية الشعب مكانة هامة، والمشروع جاء لحمايتهما من التلاعبات الداخلية والضغوط الخارجية”.
وتعد الفقرة الثالثة من المادة 51، من أبرز نصوص مشروع الدستور التي ينتقدها الإسلاميون، وتنص على أن “الدولة تحمي المسجد من أي تأثير سياسي أو إيديولوجي”، ما قد يمنع إمام المسجد من الحديث عن مسائل فقهية كالربا وغيرها.
قرار حركة “البناء الوطني” معارضا لمواقف أغلب مكونات التيار الإسلامية في البلاد التي عارضت المشروع واصفة أنه “يمثل خطرا على الهوية والثوابت”
كما يرفض الإسلاميون الفقرة الأولى من المادة 71، التي تنص على أن “الأسرة تحظى بحماية الدولة”، إذ ينتقدون إسقاط دور المجتمع في حماية الأسرة والإبقاء على دور الدولة فقط.
وإضافة إلى ذلك، يوجهون انتقادات لخلو المشروع من نص صريح حول اعتماد الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع.
وتراهن السلطة الجديدة في الجزائر على ورقة تعديل الدستور من أجل تحقيق ما تسميه بـ”التغيير” إلا أن غياب الإجماع الداخلي على الوثيقة يجعلها أمام تحديات معقدة على غرار الحراك الشعبي الذي يتحفظ على مشروع التعديل من حيث الشكل والمضمون في ظل حالة من الاحتقان لا تزال تخيّم على الشارع الجزائري
ويرى ناشطون في الحراك الشعبي، بأن السلطة تريد من إطلاق ورقة تعديل الدستور، الالتفاف على المطالب الأساسية للشارع الجزائري، وحصر الأزمة في الوثيقة الدستورية، بينما هي أعمق وأكثر تعقيدا من ذلك، وحلها لن يكون إلا في رحيل السلطة والشروع في انتقال سياسي شامل، تلبية للمطالب المرفوعة التي عبر منذ شهر فبراير الماضي.
ويتألف مشروع تعديل الدستور الجزائري من ديباجة و7 أبواب، ويضم في أبرز مواده منع الترشح للرئاسة لأكثر من فترتين (5 سنوات لكل واحدة) سواء كانتا متتاليتين أو منفصلتين.
كما يشمل تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية، والسماح بمشاركة الجيش في مهام خارج الحدود، بشرط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
وكانت الهيئة المستقلة للانتخابات قد أعلنت السماح، وفق شروط محددة، للوزراء والشخصيات السياسية والأحزاب السياسية التي تحوز كتلة برلمانية فقط، وكذا الجمعيات الوطنية والتنظيمات المدنية ذات تمثيل فعلي على مستوى 25 ولاية على الأقل، بالمشاركة في الحملة الانتخابية في الاستفتاء فقط، وهو ما رفضته عدة أحزاب سياسية أخرى.
ويعتبر الرئيس عبد المجيد تبون تعديل الدستور بمثابة حجر الأساس في إصلاحات جذرية تعهد بها قبل وبعد اعتلائه سدة الحكم في 19 ديسمبر الماضي.
وقال تبون إن تزكية الشعب للتعديل الدستوري الذي سيعرض على الاستفتاء، ستمكن من “وضع أسس الجزائر الجديدة”.
وقال الرئيس الجزائري في كلمة ألقاها خلال زيارته إلى مقر وزارة الدفاع الوطني السبت، إن الجزائر تستعد لـ”حدثين هامين يتكاملان في رؤية تجسيد بناء الجزائر الجديدة بكل ديمقراطية وحرية”، في إشارة إلى الذكرى الـ 66 لاندلاع الثورة التحريرية المباركة، والاستفتاء الشعبي على مشروع تعديل الدستور.
وأضاف الرئيس “استفتاء الفاتح من نوفمبر هو عودة للشعب ليعبر بصوته وبكل حرية وسيادة عن قناعته تجاه التعديلات الدستورية المطروحة والتي نتمنى أن تنال تزكية الشعب الجزائري، لنضع معا أسس جزائر جديدة عمادها السيادة الوطنية والتجسيد الحقيقي للعدالة الإجتماعية تطبيقا لمبادئ بيان أول نوفمبر ووصية الشهداء”.
وتحدث الرئيس تبون عما أسماه “بعض المنزعجين” من دسترة بيان أول نوفمبر والمجتمع المدني، مبرزا أن “الطريق التي سلكناها هي الطريق الصحيح، لأننا إذا ابتعدنا عن بيان أول نوفمبر ذهبت ريحنا”.