خطاب العاهل المغربي يطرح رهانات قوية على الأحزاب

يطرح الخطاب الافتتاحي للعاهل المغربي الملك محمد السادس في الدورة الخريفية للبرلمان، رهانات وتحديات قوية أمام الطبقة السياسية المطالبة بجهود أكبر في مواجهة تداعيات أزمة الوباء على الاقتصاد الوطني والاستجابة لتطلعات الشارع.

وشكل خطاب الملك محمد السادس، الذي أطلق من خلاله خطة لإنعاش الاقتصاد لتجاوز أزمة كورونا، محطة تحفيزية جديدة لعدد من الورشات السياسية والاقتصادية والتي تتطلب أجندة تشريعية في آخر سنة برلمانية من الولاية التشريعية الحالية.

وتتسم الدورة الحالية برهان تنظيم الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها السنة المقبلة. وتتضمن أجندة البرلمان الحسم في القوانين التنظيمية والعادية المتعلقة بالانتخابات بعد توافق الأحزاب عليها، مثل القانون التنظيمي للأحزاب، والقانون التنظيمي للجماعات الترابية والقانونين التنظيميين لمجلسي النواب والمستشارين، فضلا عن مدونة الانتخابات.

وأكدت شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية، أن العودة البرلمانية في ظل الأوضاع الحالية التي يعرفها المغرب بسبب الوباء ، تحمل معها رهانات كبرى. وتابعت لومير أن “أولويات الأحزاب منصبة حول الاستحقاقات المقبلة لكسب رهان الانتخابات في تسابق نحو الظفر بالمرتبة الأولى من حيث الأصوات”.

ولفتت إلى أن “خطاب الملك محمد السادس في البرلمان رسالة تنبيه للأحزاب بأهمية العناية بمصلحة المواطن أولا وقبل كل شيء”.

وفي هذا السياق، دعا نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض، إلى التسريع بالمصادقة على القوانين التنظيمية المتعلقة بالانتخابات خلال الدورة الحالية للبرلمان، والسعي إلى إيجاد التوافقات السياسية بشأنها، معتبرا أن أي خلاف بين المكونات السياسية المشاركة في المشاورات الانتخابية ينبغي في النهاية أن يتم الحسم فيه من طرف البرلمان.

وفي ما يخص إصلاح القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، أكد رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، أن “الحزب قرر التعاطي من منظور شمولي، وبأهداف كبرى، لإصلاح عميق لكل آلياته، بهدف واضح، ألا وهو تقوية المشاركة الشعبية، ومحاربة العزوف، وكذلك محاربة الفساد الانتخابي بكل تجلياته، ومن أجل انتخابات نزيهة”.

تحديات قوية أمام الطبقة السياسية

وأكدت البرلمانية فتيحة سداس، عن نفس الحزب،  أنه “سيكون على النواب مناقشة مشروع قانون المالية”. وحسب سداس “من المستحسن تجنب إقرار سياسة التقشف أو اقتطاع المزيد من الضرائب من المواطنات والمواطنين الذين يعيشون أوضاعا صعبة”. وبرأيها، يجب على الحكومة “إيداع اقتراحات ربما ستكلف ميزانية الدولة، ولكنها بالمقابل ستحافظ على استقرار البلاد وتخفف من وطأة الاحتجاجات الاجتماعية”.

وسيكون على الطبقة السياسية الممثلة داخل البرلمان وخارجه التفاعل بفعالية وسرعة مع ما جاء في خطاب الملك محمد السادس بخصوص تعميم التغطية الاجتماعية، التي تشمل التغطية الصحية والتعويضات العائلية والتقاعد والتعويض عن فقدان الشغل إضافة إلى ورش الإصلاح الإداري.

ولأهمية الملفات التي أدرجها الخطاب الملكي، أشار لشكر إلى ضرورة تنفيذ التعليمات الملكية في ما يخص التغطية الصحية، والحماية الاجتماعية، وإصلاح القطاع العام وترشيده.

ورغم أن المحطة الانتخابية المقبلة تحمل رهانا كبيرا لكن الأهم، كما ترى لموير، هو بلورة كل الجهود لإنجاح كل المبادرات وتجاوز تداعيات الجائحة خصوصا بخلق تعاقد اجتماعي يهم كل القطاعات المتضررة .

ومن المواضيع التي تشكل عائقا أمام توافق الطبقة السياسية داخل البرلمان والحكومة مع متطلبات العمل النقابي، ما يتعلق بقانون الإضراب الذي يعد من القوانين المثيرة للجدل.

وتستنتج الباحثة شريفة لموير بالقول، إنه “من الصعب ونحن على مشارف انتهاء العمر السياسي لهذه الحكومة التي لم ترق إلى تناغم بين مكوناتها ، الحديث عن تضافر جهود فرقائها من أجل إنجاح الورشات التي تعتبر أولوية خصوصا في ظل الأوضاع الحالية، مؤكدة أن الانتخابات تبقى أهم رهان بالنسبة للأحزاب”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: