العاهل المغربي يعلن عن إطلاق صندوق استثماري لإنعاش الاقتصاد

ركز العاهل المغربي الملك محمد السادس على الاقتصاد مرة أخرى وذلك في خطابه الذي افتتح به الدورة الخريفية الأخيرة للبرلمان، مساء الجمعة، والذي تزامن مع ظرف خاص تمر به المملكة وسائر دول العالم في خضم تفشي فايروس كورونا المستجد.

وأعلن العاهل المغربي عن إطلاق صندوق محمد السادس الاستثماري بقيمة 15 مليار درهم، وذلك في إطار خطة شاملة لإنعاش الاقتصاد الذي تضرر من تداعيات تفشي كوفيد – 19.

وأكد الملك أنه أمر بأن ترصد للصندوق 1.5 مليار دولار، من ميزانية الدولة، بما يشكل حافزا للشركاء المغاربة والدوليين، على مواكبة تدخلاته، والمساهمة في المشاريع الاستثمارية، دعما لخطة الإنعاش، وتوسيع أثرها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

وأضاف في خطابه، الذي جاء في ظروف استثنائية فرضها تفشي كورونا حيث ألقاه من قصره الملكي بالرباط وتم نقله مباشرة داخل قبة البرلمان، أن الدولة ستعمل على الترفيع من وتيرة الاقتصاد الوطني ومواكبة المشاريع الكبرى وتمويلها.

وقال الملك إن ’’الأزمة كشفت اختلالات ومظاهر عجز، لذلك تم إطلاق خطة إنعاش الاقتصاد واعتماد مبادئ الحكامة وإصلاح مؤسسات القطاع العام، ومن شأن المشاريع توفير شروط تنزيل النموذج التنموي‘‘.

وتم بث الخطاب على أمواج الإذاعة وشاشة التلفزيون، واقتصر الحضور على أعضاء مكتبي المجلسين ورؤساء الفرق والمجموعات البرلمانية ورؤساء اللجان البرلمانية الدائمة.

وأشار الملك إلى أن الأزمة ’’لا زالت مستمرة بانعكاساتها، والمهم هو التحلي باليقظة ومواصلة دعم القطاع الصحي بالموازاة مع تنشيط الاقتصاد وتقوية الحماية الاجتماعية‘‘.

وفي تعليقه على الخطاب الملكي أكد عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، عبدالحميد الجماهري، أن ’’الخطاب أعطى النموذج في احترام التباعد واستمرار لقرارات طقوسية كبرى كحفل الولاء في عيد العرش يوليو الماضي، واستمرار سلوك مدني لكيفية استمرار المؤسسات وفاعليتها في ظل الجائحة”.

وأشار الجماهري إلى أن ’صندوق الاستثمار كرافعة إقتصادية “يتميز بجرأة واضحة من ناحية المستهدفين والتغطية الصحية والتعويضات عن فقدان الشغل والتغطية الاجتماعية وهذا يحسم في عدد من الانتظارات ويعطي أجوبة أساسية بالأرقام وطريقة التدبير وإنتاج الثروة‘‘.

اعتماد التنمية الزراعية

وقال الملك محمد السادس ’’ولتوفير ظروف إنشاء صندوق محمد السادس للاستثمار، فسيتم تمكينه من جميع آليات العمل، وجعله نموذجا من حيث الحكامة والشفافية‘‘ مضيفا أن عمل الصندوق سيكون موجها لعدد من المجالات والقطاعات كل بحسب حاجياته، وستكون في مقدمتها إعادة هيكلة الصناعة والمقاولات الصغرى والصناعة والفلاحة والتنمية القروية، وتوسيع تنفيذ جميع الأنشطة الفلاحية.

وأكد أن ذلك سيكون من خلال تعبئة مليون هكتار لفائدة المستثمرين وذوي الحقوق لتكون رافعة أساسية في هذا المجال، مشيرا إلى أنه ينتظر أن توفر هذه الخطوة تمويلا بحجم 38 مليار درهم على المدى المتوسط، لتمثل نقطتين إضافيتين من الناتج الوطني الخام وإحداث المزيد من مناصب الشغل في السنوات المقبلة، كما أن ذلك ’’سيشكل فرصة لتحفيز الشباب في العالم القروي عبر التكوين والتمويل‘‘.

وفي تعليقه على قرارات الملك أكد الأستاذ الجامعي عبدالعزيز قراقي، أن ’’المغرب اختار الاستثمار في القطاعات الاجتماعية والصحية والاقتصادية واعتماد التنمية الزراعية والاهتمام بالعالم القروي كمنتج لمناصب الشغل كقطاع حيوي واستراتيجي، وهنا يؤكد الملك على أن هناك دينامية لإقلاع اقتصادي بأجندة زمنية و تدبيرية محددة”.

وأشار الملك إلى أن خطة الإنعاش الاقتصادي تأتي ضمن أولويات المرحلة لدعم المقاولات والرفع من قدرتها على الاستثمار، مشددا على ضرورة تنزيلها بناء على تقاعد بنّاء لضمان شروط نجاحها.

وأكد الاستاذ عبدالعزيز قراقي، أن الخطاب أسس لاعتماد الحوكمة الجيدة وإصلاح القطاع العمومي كشرط لنجاح هذه المجالات التي أكد عليها الخطاب الملكي، مضيفا أنه ’’لا بد من فرز سياسي بعد هذه الدورة لتمتين الثقة في المنتخبين الذين يطلب منهم سن تشريعات موازية لما أكده العاهل المغربي أمام البرلمان، وهذا يتطلب استقطاب نخب قادرة على ابتكار طرق تدبير جديدة‘‘ في إشارة إلى الانتخابات المزمع إجراؤها العام المقبل.

وفيما يتعلق بحوكمة الإدارة دعا العاهل المغربي الحكومة إلى مراجعة قوانين التعيين في المناصب العليا لجعلها أكثر جاذبية للكفاءات، معتبرا أن نجاح أي خطة رهين باعتماد الحوكمة الجيدة، وقال ’’مؤسسات الدولة يجب أن تعطي النموذج، وعلى الحكومة القيام بالمراجعة الجوهرية لمؤسسات الدولة‘‘.

ولفت عبدالحميد الجماهري إلى أن الملك محمد السادس ركز على المغرب كدولة تعطي مثالا في التعاطي مع مهامها الاجتماعية والاقتصادية والحفاظ على مناصب الشغل، إلى جانب تعزيز الحكامة في مجال التعيينات في المؤسسات العمومية التي لا بد من التدخل لتدبيرها بشكل يستحضر المحاسبة والمراقبة والفحص وترتيب الجزاءات.

وأشار الملك إلى أن نجاح خطة النجاح الاقتصادي يقتضي تغييرا في العقليات، كما دعا إلى تنزيل الإجراءات الاجتماعية، من تعميم التغطية الاجتماعية لفائدة 22 مليون مواطن وتعميم التعويضات العائلية لتشمل سبعة ملايين طفل، وتوسيع الانخراط في نظام التقاعد لخمسة ملايين مغربي وتعميم الاستفادة من تعويض فقدان الشغل.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: