في واقع الأمر، وحسب عنوان الحال، فإن هناك حاكماً واحداً يلقب بالسلطان، وهو هيثم بن طارق آل سعيد سلطان دولة عُمان. وتُسمّى دولته (سَلْطَنة)
ما يُروِّجُ له بعض إخواننا في هذه الأيام هو نعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسلطان المسلمين. وذلك لمواقف الرجل المشرّفة في كل المجالات، سواء على مستوى التنمية البشرية والنمو الاقتصادي المذهل أم على مستوى المواقف السياسية ونصرته لقضايا الإسلام والمسلمين والوقوف في وجه الغرب النّدّ للنّدّ. وهذا كله جعل غير قليل من المنبهرين به ينعتونه بسلطان المسلمين، بل نعته أحد “اليتوبرز” المشهورين بخادم الحرمين الشريفين نِكاية في ملك السعودية.
سأكون صريحاً معكم. أنا من أشد المعجبين بالرئيس التركي، وقد زرت تركيا أكثر من مرة: اسطنبول جزيرة الأميرات أنقرة أضانة… ورأيت التقدم الهائل على كل المستويات… لكن مهما يكن فأردوغان ليس سلطاناً للمسلمين ولا أميراً للمؤمنين ولا حتى للأتراك أنفسهم. أردوغان رئيس منتخب ناجح يقيناً، لكن سرعان ما سيذهب ويأتي آخر وآخرون. لهذا حتى مفهوم البيعة الشرعية غير متوفر ولا ممكن لأي حاكم من حكام تركيا المعاصرة وهي دولة علمانية في هيكلتها دستورياً. والبيعة غير معمول بها هناك إبتداءً وما ينبغي لها أصلاً. هناك ناخِب ومنتخَب وصناديق اقتراع.
“إمارة المؤمنين” الوحيدة في العالم كله هي هذه الموجودة في المملكة المغرببة. إمارة موغلة في التاريخ، ودولة متجذرة في الحضارة وعلى أساس إسلاميّ سنّيّ، لا يؤثّر في هيكلتها بعض السلبيات المتوارثة من الاحتلال الأجنبي.
أمير المؤمنين الوحيد في العالم اليوم هو ملك المغرب. هذا هو عنوان الحال دستورياً وتاريخياً وقبل ذلك شرعيّاً… وهو سلطان أيضاً كما كان يسمّى أجداده رحمهم الله بالسلاطين.
غير أن ملك المغرب وإن كانت بيعته في أعناق المغاربة خاصّة،إلا أن هذه البيعة ممتدة في كثير من مناطق أفريقيا مثل موريتانيا والسينغال ومالي وغانة وغينيا والطوكو ونيجيريا وغيرها حيث إنّ الكثير من أعيان القبائل ومشايخ الصوفية ومريديهم هناك يبايعون ملوك المغرب لاعتبارات دينية وشرعية، منها نسبهم الشريف المتّصل إلى فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فالحذر الحذر من تعدد البيعات بالنسبة لأي مسلم. فالبيعة ليست لعبة نبايع متى نشاء ونخلع متى نشاء. ونتجول بها بين الملوك والرؤساء حيث نشاء… وهو نفس التحذير لبعض السلفيين الذين يبايعون ملوك السعودية بسبب وضعهم الاعتباري. وهذه خيانة لو كانوا يعلمون. أقولها بصراحة. لا تجتمع بيعتان في رقبة واحدة.
وليت شِعري ما الذي دهاهم فأتوْا بهذا الفعل الشنيع. ولا إِخالُهُ إلا حبّ البترودولار حبّاً جمّاً…
وكتبه محمد الفزازي رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ.