ما حقيقة الصورة المتداولة لمول الهندية بزي الصحافة فمن المسؤول.

عبداللطيف الباز

حينما يتقمص البعض مهنة بعيدة عليه …كمهنة الصحافة فلا لوم على بائع الهندية …وكأنه يقول بلسان الحال …هذا واقع الإعلام…(فلعل البائع وهو يرتدي لباس مكتوب عليه presse) وكانه مختص في الكتابة على الهندية …تخيلوا ، لو أن طالباً في أي مرحلة من مراحل التعليم الجامعي في تخصصات الطب قال عن نفسه أو لقب نفسه بـ «دكتور» أو «طبيب» ستكون هناك ردة فعل كبيرة على مستوى المجتمع من أهل الاختصاص ووزارة الصحة وربما حتى الجهات الأمنية. بسبب تقمصه لمهنة ولقب لم يناله إلى الآن.وحتى لو شخص يلقب نفسه بمهندس ، فلن تعترف به أي جهة ذات علاقة، ولا حتى من كبار المستثمرين في عالم البناء والعقار ، فهو في الأخير دخيل على هذا العالم ما لم يجتز عدة شروط تعطيه اعترافاً رسمياً.
كل هذه المهن محمية وتحاط بصرامة عالية، إلا أنني وجدت مهنة وحرفة رغم أهميتها وتأثيرها البالغ الذي يصعد بالأمم والمجتمعات ويهبط بها، وجدتها «مهنة من لا مهنة له» ألا وهي مهنة «الإعلامي» و«الصحفي».
كما الحال مع مهنة الصحافة، التي ظلمت عدة مرات خلال العقدين الأخيرين، فلم يكفيها أن ينتسب إليها كتاب لا يفرقون بين «إن وأن» وكل كتاباتهم تخرج من أقلام بالإيجار. حتى ظهرت فئة جديدة بمجرد أن كتبت فقرتين في الفيسبوك أو خاطرة في بريد القراءة، إلا أصبحت تقارن نفسها مع مخضرمي الصحافة وكتابها …ان تقمص الصحافة والاعلام ومحاولة التقليد الصحفي ايضا باتت تجارة فاشلة لان الصحافة علم ودراسة ومعرفة وثقافة ودراية وخبرة وكفاءة وقدرات جامعة وشاملة وتعب وجهد ومصداقية وموضوعية ، ولا يمكن ان تكون الصحافة فقط ارتداء بدلة وتغيير نوع العمل او المهنة والجلوس في الصف الاول في مؤتمر صحفي او أي مؤتمر اخر او مناسبة اخرى وتوجيه اسئلة ما انزل بها من سلطان للمسؤولين بغض النظر عن مواقعهم ومستوياتهم ومراتبهم.
ان العمل في مجال الصحافة والاعلام ليس امرا سهلا ولا هينا وانما يحتاج الى التعليم والتعلم وتكوين مخزون كبير جدا من الثقافة المنوعة والالمام بتفاصيل واحداث كثيرة حتى يستطيع الصحفي التمييز بين النافع والضار وبين الغث والسمين وبين السلبي والايجابي وكيفية التعامل مع الخبر وطرح وعرض المواضيع والقضايا الوطنية وغيرها .
لا يجوز ان يكون العمل الصحفي مشاعا لكل من يعتقد بأنه وسيلة لتحقيق الكسب السهل والسريع ، ومن الضروري ضبط وتنظيم العمل في مهنة الصحافة والاعلام وليس مهما العدد بقدر اهمية المنتج الاعلامي بشكل عام في جميع الوسائل الاعلامية على اختلاف انواعها وتوجهاتها.
ان الجسم الصحفي مطالب بالدفاع عن مهنة الصحافة والاعلام وحمايتها من المتطفلين وعدم السماح لغير المتعلمين والدارسين ممارستها والعمل بها ،ولا يجوز ان يكون العمل الصحفي والاعلامي مفتوحا دون ضوابط تحكم هذا العمل وتنظمه .
ان الازدحام يعيق الحركة والفوضى تفشل العمل ،والصحافة ليست لباسا يمكن تفصيله على جميع المقاسات ،صحيح ان ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات اتاحت المجال لكل شخص ان يكون صحفيا ،لكن العبرة في النتائج …
بالله عليكم ما رأيكم في موجة من لبسوا الإعلام…واستغنوا وعاثوا في الإعلام فسادا …منهم الناقد …ومنهم من اتخذ لنفسه قناة وبدأ يستصدر فتاوي في كرة القدم … وكأنه فقيه في الميدان …
والله أصبحنا نخجل لنقول … مهنتي صحافي …ارحمونا من هؤلاء فقد شوهونا … وكل واحد يلتحق بحرفته …وعمله …فلا تلوموا مول الهندية فهو مختص في صحافة الهندية …وقد تجد عمودا تحت عنوان : الهندية …التي نتمنى منها أن توقف مسلسل الإسهال الحاد الذي يعيشه الإعلام …

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: