حوار بوزنيقة يخلق دينامية إيجابية تدفع مسار التسوية في ليبيا

أكد المغرب أن الحوار الليبي الذي تتواصل جلساته حاليا بمدينة بوزنيقة في إطار الجولة الثانية بين وفدين عن مجلس النواب في طبرق ومجلس الدولة في طرابلس يشكل سابقة إيجابية يمكن البناء عليها كمقاربة للمضي قدما لحل الأزمة في ليبيا.

وقال وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة في كلمة خلال ندوة صحافية “يوم انطلق هذا الحوار الليبي، لا أحد كان يراهن عليه في البداية، وهناك من حكم عليه مسبقا بالفشل”، لكنه “وبفضل عزيمة الطرفين وروحهما الإيجابية، وبفضل مساندة رئيسي المجلسين، تم تحقيق تقدم مهم”.

وانطلقت المحادثات الليبية – الليبية المُخصصة للتشاور حول تفعيل العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة، وذلك في جولة هي الأولى بعد حراك سياسي ودبلوماسي تلا الإعلان عن قرار لوقف إطلاق النار على طول جبهات القتال في ليبيا.

وأضاف بوريطة أن ما تحقق “يثير الإعجاب والافتخار” باعتباره “كشف كيف أن أعضاء الوفدين أثبتوا تغليبهم لمصلحة بلدهم، ويدخلون لقاعة الحوار للبحث عن حلول، وهو ما كان له دور حاسم في إحراز هذا التقدم”.

يوسف العقوري: المغرب سيظل دائما بلد العطاء لإرساء السلام والعمل على لم شمل الليبيين

وأكد الوزير المغربي أن “هذه الدينامية الإيجابية” التي أحدثها الحوار بين الفريقين، “يجب دعمها والحفاظ عليها لأنها تبشر بالخير”، منوها بالدعم الدولي الذي حظي به الحوار الليبي في بوزنيقة.

وأبرز بوريطة أن الحوار خلف أيضا صدى طيبا في صفوف الليبيين الذين رأوا فيه “بادرة أمل وتفاؤل”، منوها بجميع الأطراف التي واكبت الحوار بشكل بناء وإيجابي منذ البداية، بما في ذلك بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ورئيستها ستيفاني ويليامز، “التي كانت دائما تتابع وتشجع الحوار وتعتبره نقطة تحول هامة للجمود الذي كان يعرفه الملف الليبي”.

وتأتي هذه المحادثات تجسيدا للجهود المغربية برعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية.

وفي هذا السياق جدد الوزير تأكيده على موقف المغرب من الحوار الليبي، متوجها بالحديث إلى أعضاء الوفدين المشاركين بالقول إن “تعليمات جلالة الملك محمد السادس كانت دائما واضحة في ما يخص الملف الليبي، وخاصة حول هذا الحوار، والتي تتمثل في تقديم الدعم التام لجهودكم والوقوف لجانبكم والتعبئة لإنجاح حواركم بدون تدخل أو تأثير أو ضغط، بل وأكثر من هذا وحماية الحوار من أي تدخل سلبي يؤثر على روحه الإيجابية”.

ويشدد المغرب على أهمية تنسيق الجهود مع الأمم المتحدة كطرف فاعل في دفع العملية السياسية وهو ما أكد عليه بوريطة بالقو إن المغرب الذي يشتغل تحت مظلة أممية، “يفضل دعم الحوارات الليبية -الليبية على الحوارات حول ليبيا، إذ يعتبر الأولى أساسية والثانية مكملة لها”.

وخلص الوزير إلى أن ما تحقق من تقدم هام خلق انتظارات لدى الشعب الليبي والمجتمع الدولي لاسيما في هذا السياق المتسم بوضع صحي صعب بسبب جائحة فيروس كورونا، ووضع اقتصادي واجتماعي صعب يعانيه الشعب الليبي بشكل أكثر حدة”، معتبرا أن ما تم تحقيقه يفتح آفاقا واعدة لإنجاح هذا المسار وتمهيد الطريق لفتح باب التفاوض في ملفات أخرى لتذليل العقبات التي تقف عائقا أمام حلحلة الأزمة الليبية”.

وثمن رئيسا الوفدين المشاركين أيضا عن جهود المغرب لبلوغ اتفاق لحل الأزمة الليبية.

فوزي العقاب: بفضل جلسات الحوار الليبي في بوزنيقة حققنا تقدمات جوهرية

وأعرب رئيس وفد مجلس النواب في هذه الجولة من جلسات الحوار الليبي، يوسف العقوري، في كلمة عن شكره للمملكة المغربية “على كل ما قدمته وما تقدمه من أجل السلام والوئام والاستقرار والأمن والأمان في ليبيا”، مؤكدا أن المغرب “سيظل دائما بلد العطاء لإرساء السلام والعمل على لم شمل الليبيين”.

من جانبه، أكد رئيس وفد المجلس الأعلى للدولة الليبي، فوزي العقاب، أنه بفضل جلسات الحوار الليبي في بوزنيقة “حققنا تقدمات جوهرية حول معايير اختيار شاغلي المناصب السيادية”، مضيفا أن “النقاش ما يزال مستمرا من أجل التوصل إلى صيغة توافقية مشتركة حول هذه المعايير”.

يشار إلى أن الجولة الثانية تأتي بعد قرابة شهر من جولة أولى احتضنتها بوزنيقة من 6 – 10 سبتمبر الماضي، والتي أسفرت عن توصل الطرفين إلى اتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لتولي المناصب السيادية بهدف توحيدها.

وتتمثل المناصب السيادية التي تنص عليها المادة 15 من اتفاق الصخيرات في محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسب، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام.

وكان الطرفان قد اتفقا في البيان الختامي الذي توج أشغال الجولة الأولى أيضا على استرسال هذا الحوار واستئناف لقاءاتهما من أجل استكمال الإجراءات اللازمة التي تضمن تنفيذ وتفعيل هذا الاتفاق.

وتأتي الإجتماع الليبي – الليبي تطبيقا لنص المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات، وتأكيدا على مخرجات مؤتمر برلين، التي تدعم الحل السياسي، وبناء على قرارات مجلس الأمن.

ويحظى دور المغرب في تيسير إطلاق الحوار الليبي بإشادة وتقدير واسعين من العواصم الغربية والعربية ومن عدد من المنظمات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الأمم المتحدة التي سبق وأكدت ترحيبها “بكل مبادرة وجهود سياسية شاملة لدعم تسوية سلمية للأزمة في ليبيا، وهذا يشمل الجهود الأخيرة للمملكة المغربية، والتي ضمت وفدي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: