المغرب: زيادات «مهولة» في فواتير الماء والكهرباء وأساتذة «التعاقد» يخرجون للتظاهر رغم إجراءات الحجر الصحي

حالات الإصابة بفيروس «كورونا» متزايدة في المغرب، مثلما توضح المعطيات الرسمية، ومعها تتنامى صعوبات المعيش اليومي للمواطنين. بعض العاملين في إدارات عمومية أو شركات خاصة بدأوا يخرجون إلى التظاهر احتجاجاً على تردي الأوضاع أو على قرارات يعتبرونها جائرة؛ في حين تلجأ الحكومة إلى تقديم الدعم لبعض القطاعات الحرة، لكونها تضررت هي الأخرى من تداعيات الجائحة.
تكشف الأرقام المعلن عنها عشية الإثنين عن تسجيل 1423 حالة إصابة جديدة بالفيروس خلال 24 ساعة، مقابل شفاء 2300 شخص، و39 حالة وفاة. وتشير بيانات وزارة الصحة المغربية إلى أن الحالات النشطة المصابة بـ«كورونا» بلغت 18 ألفاً و990 حالة، توجد 457 حالة خطيرة منها بغرف الطوارئ والعناية المركزة، منها 45 منها تحت التنفس الاصطناعي الاختراقي.

«مربكة للفهم»

أعلى الإصابات تسجل في «جهة الدار البيضاء ـ سطات» إذ أعلن عن 674 حالة جديدة أول أمس، وبذلك لا يطرأ أي تغيير على الوضع الوبائي في هذه الجهة ذات الكثافة السكانية العالية والتي تستقطب عدداً كبيراً من العمال والعاملات في الشركات والمصانع والمقاولات الاقتصادية الكبرى؛ مما يُطرح معه سؤال عريض حول مدى نجاعة الإجراءات الاحترازية المطبقة في مدينة عملاقة كالدار البيضاء. بهذا الخصوص، رأت صحيفة «أخبار اليوم» في افتتاحيتها أن إدارة السلطات لعملية تشديد إجراءات الطوارئ ثم تخفيفها «مربكة للفهم» واستدلت على ذلك بحالة الدار البيضاء التي تحوّلت إلى «بؤرة للجائحة» واعتبرت الصحيفة المذكورة أن «السلطات تتصرف على نحو غريب، فهي تمدد سريان الإجراءات المتشددة كل أسبوعين دون أن يتحقق أي تأثير في الواقع لثلاث مرات، وبالتالي، لم يكن للتدابير أية فائدة، فقد تصاعد حجم الإصابات وكأن الإقليم تُرك لمصيره». وأعربت عن اعتقادها بأن «تشديد إجراءات الطوارئ لم يكن بشكل عام سوى خطوط مرسومة على الورق، فيما ـ بالكاد ـ يمكن تمييز الوقائع على الأرض كما يحدث في الأوقات العادية».
واستجاب مجلس النواب المغربي للطلب الذي تقدم به عدد من البرلمانيين والمتمثل بالتحقيق في صفقات وزارة الصحة خلال جائحة «كورونا» وهكذا أُحدثتْ «لجنة استطلاع برلمانية» لتفتيش الصفقات التي وصف بعضها بالمشبوهة. وذكرت صحيفة «الصباح» أن أعضاء اللجنة سيعتمدون على تقرير أنجزته مفتشية وزارة الاقتصاد والمالية، اعتُبر «فاضحاً» حول استفادة شركات أدوية احتكرت السوق المغربية، وتلاعبت في الأسعار قصد تحقيق أرباح تتجاوز 100 في المئة من كلفة الاستيراد، مع مراقبة المختبرات الأشباح التي تم فضحها في تقرير برلماني سابق. كما ستستعين اللجنة ـ يضيف المصدر المشار إليه ـ بملفات فاضحة من مختبرات وشركات عانى أصحابها التهميش، وانتظروا الفرصة المناسبة لكشفها، بناء على الخبرة في المحاسبة. وإذا كان بعض تجار الأزمات قد استفادوا من جائحة «كورونا» فإن هذه الأخيرة نزلت بثقلها الكبير على العديد من الناس البسطاء الذين اكتووا بزيادات مهولة في فواتير الاستهلاك المنزلي من الماء والكهرباء، لم يجدوا أمامها سوى تسديد المبالغ الضخمة بالتقسيط الشهري، رضوخاً إلى «فتاوى» الشركات المكلفة بهذا المجال الحيوي. واقع لخصته صحيفة «المساء» في هذه السطور: «ما زال آلاف المواطنين الذين اكتووا بلهيب الفواتير الخيالية للماء والكهرباء ينتظرون تنفيذ ما وعد به وزير الطاقة والمعادن، الذي قال أمام الجميع في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) إن جميع الاستهلاكات التقديرية التي تمت «فوترتها» خلال فترة الحجر الصحي ستخضع للمراجعة خلال القراءة الفعلية الموالية لمؤشرات العدادات. وهو الأمر الذي لم يتحقق بعد، في الوقت الذي يدفع أغلب المواطنين أقساطاً شهرية لاستخلاص فواتير بأرقام ضخمة فاجأت الجميع أثناء الحجر الصحي وفرض حالة الطوارئ، إذ لم يجد المواطن البسيط غير توقيع التزام بدين فرض عليه لتأدية أقساط شهرية كحل فردي من الشركات المسؤولة دون إشراك المواطن».
وبدأ الشارع المغربي في التململ نتيجة مشكلات اجتماعية تفاقمت مع «كورونا» ومع توجيه انتقادات للحكومة بسوء التدبير. ففي صباح أمس الثلاثاء، تظاهرت مجموعة من العمال والأجراء أمام المقر الرئيسي «للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» في الدار البيضاء؛ احتجاجاً على ما وصفوه بـ«الهجوم الممنهج وغير المسبوق من طرف الحكومة على أهم المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة المغربية» وأعلنوا استنكارهم القرار الحكومي بتفويت مصحات «الضمان الاجتماعي» إلى القطاع الخاص، معتبرين هذه الخطوة ضرباً لمكتسبات الطبقة العاملة التي حققتها بتضحياتها المادية والمعنوية. كما نددوا بقرار الحكومة تجميد الزيادة في المعاشات وعدم صرف الزيادة العامة في الأجر كما كانت مقررة من قبل، وعدم تسوية الوضعية المهنية للممرضين المتعاقدين العاملين في مصحات «الضمان الاجتماعي» بما يضمن استقرارهم المهني والمادي.
على صعيد آخر، احتفل رجال ونساء التعليم في المغرب الإثنين باليوم العالمي للمدرس على طريقتهم الخاصة، وبينما كان يُفترض أن يقع الاحتفاء بالأساتذة وتكريمهم والاهتمام بأوضاعهم، تعرضت مجموعة منهم إلى العنف المفرط، لكونها خرجت للتظاهر مطالبة بحقوقها؛ فقد نفّذ العديد من الأساتذة المتعاقدين وقفات احتجاج في عدد من المدن المغربية، طالبوا خلالها بإسقاط نظام «التعاقد» وبالإدماج في الوظيفة العمومية، منددين بما سموه «المحاكمات الصورية» لعدد من أساتذة التنسيقية، ولافتين الانتباه إلى المشكلات التي تتخبط فيها المدرسة العمومية في المغرب. وأكد أساتذة «التعاقد» أنهم سيواصلون احتجاجاتهم ونضالاتهم إلى حين تحقيق مطالبهم العادلة والمشروعة، محملين الدولة كل العواقب التي ستنتج في حالة تم المساس بأي أستاذ، ما قد يصل إلى شل قطاع التعليم وخوض أشكال نضالية غير مسبوقة، وفق ما جاء في موقع «لكم».

احتجاجات رجال ونساء التعليم

وفي أولى احتجاجات رجال ونساء التعليم، منذ بداية تفشي جائحة «كورونا» في المغرب، صدحت حناجر المئات من الأساتذة حاملي الشواهد المطالبين بالترقية، أول أمس الإثنين، أمام مقر وزارة التربية الوطنية في العاصمة الرباط، قبل أن تفض القوات العمومية التجمع. ورصدت صحيفة «هسبريس» المشهد قائلة إنه بقرابة المئتي أستاذ، رفع المحتجون شعارات قوية في وجه الوزير سعيد أمزازي، مطالبين إياه باعتماد حوار بنّاء مع «التنسيقية» وتجاوز سياسة الآذان الصماء وتوالي الاقتطاعات المالية التي لا تزيد الوضع سوى احتقان. وطالب الأساتذة بتمكين حاملي الشهادات من الترقية والاستجابة للملف المطلبي المشروع، مؤكدين أن الاحتجاجات ستستمر إلى غاية تحقيق الغايات، وهو ما شدد عليه أعضاء «التنسيقية» المحتجون كذلك في مدن العيون ووجدة ومراكش.
وخلف التدخل الأمني لتفريق وقفة احتجاجية للأساتذة في يومهم العالمي غضب نقابات التعليم التي أدانت التدخل، ودعت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي إلى الالتزام بتعهداتها، وإيجاد حل فوري يفضي إلى تمكين جميع حاملي الشهادات من الترقية، وتغيير الإطار. في هذا الصدد، أدانت «الجامعة الوطنية لموظفي التعليم» المقاربة الأمنية والاعتداء على التظاهرة السلمية للأساتذة حاملي الشهادات العليا، مطالبة الوزارة بالالتزام بتعهداتها وتنفيذ مطالب المعنيين. واستنكرت، في بيان لها، ما تعرض له «أساتذة الشهادات العليا» من اعتداء وعنف، في محاولة لقمع التظاهرات السلمية، في كل من الرباط ومراكش.
في مقابل ذلك، ركزت الحكومة المغربية اهتماها على بعض القطاعات التي تضررت بشدة جراء الأزمة الصحية الحالية، فقد أقرّت حزمة من تدابير الدعم لفائدة قطاعات مموني الحفلات والمناسبات والترفيه والألعاب، معتبرة أن هذا التحسن التدريجي في هذه القطاعات، الذي يتوقع أن يتواصل إلى نهاية السنة الحالية، ما يزال محفوفاً بشكوك كبيرة، تغذّيها صعوبة التكهن بالوضع الوبائي.
وجرى إبرام عقديْ برنامج، أولهما يروم إعادة إقلاع قطاع متعهدي المناسبات والملتقيات ومموني الحفلات، والثاني يهم إعادة إقلاع قطاع الترفيه والألعاب، الذي ضم القطاعات العاملة في فضاءات اللعب المغطاة والخارجية، بالإضافة إلى حدائق الحيوانات.
وتهدف هاتان الاتفاقيتان إلى مواكبة تلك القطاعات التي تضررت بشدة جراء الأزمة الصحية، وتتمثل المواكبة في صرف تعويضات «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» لفائدة الأشخاص الذين سيتم التصريح بهم في بوابة الصندوق، ويتعلق الأمر بمبلغ 2000 درهم شهرياً (حوالي 216 دولاراً أمريكياً) إلى غاية نهاية السنة الجارية، بالإضافة إلى التعويضات العائلية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: