السلطات القضائية تفتح بحثا حول ملابسات تأسيس كيان سياسي انفصالي جنوب المغرب

تحرك القضاء المغربي ضد “الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي” التي أسستها الناشطة أميناتو حيدر في خطوة أثارت تساؤلات بشأن ردة فعل السلطات المغربية التي اهتدت في نهاية المطاف لتوخي السبل القضائية في مواجهة هذا المكون السياسي الجديد ذي النزعة الانفصالية.

قررت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف في المغرب فتح بحث قضائي حول تأسيس الناشطة أميناتو حيدر لهيئة ’’معادية لوحدة التراب المغربي‘‘ وذلك في خطوة يرى مراقبون أنها تستهدف التصدي لحيدر والنزعة الانفصالية التي تحملها وهيئتها بالسبل القضائية.

وكانت أميناتو حيدر قد أسست قبل أيام في مدينة العيون (جنوب) لـ”الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي”.

وقوبلت خطوة الناشطة حيدر باستنكار شديد من شيوخ قبائل الصحراء العيون – الساقية، فيما أوضح مختصون قانونيون أن السلطات القضائية في البلاد تعاطت بشكل موضوعي مع هذا الملف دون السقوط في شباك رد الفعل غير المحسوب.

ويأتي البحث القضائي حسب الوكيل العام للملك بالمحكمة الاستئنافية بالعيون ’’لما يشكله تأسيس الهيئة المذكورة من مس بالوحدة الترابية للمملكة، وتحريض على ارتكاب أفعال مخالفة للقانون، سيترتب عليه إجراءات قانونية ملائمة، بهدف حماية النظام العام، وترتيب الجزاء القانوني على المساس بالوحدة الترابية للمملكة، بما يحقق الردع العام والخاص لضمان حماية المقدسات الوطنية‘‘.

صبري الحو: مبادرة أميناتو تعد فعلا محرما يستوجب العقاب حسب القانون المغربي

ولا يزال البحث القضائي جاريا في ملابسات عملية تأسيس هذا الكيان ومدى احترامه للشروط القانونية، وعلى إثره سيتم اتخاذ الإجراءات الملائمة في حق حيدر والمشاركين معها في الهيئة السياسية الانفصاليّة.

وفي هذا السياق، أفاد صبري الحو، الخبير في القانون الدولي، بأن المبادرة ليست فقط ’’فعلا محرما ويعاقب عليه في القانون المغربي، فأميناتو حيدر ارتكبت إذن جريمة التحريض ضد الوحدة الترابية المنصوص عليها وعلى عقوبتها في القانون الجنائي‘‘.

وفي أول ردود الفعل بشأن هذه القضية، أكد شيوخ قبائل الصحراء المغربية بجهة العيون – الساقية الحمراء أن إعلان مجموعة أشخاص، ممن يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان، إحداث هيئة وهمية بالعيون، يشكل ’’عملا استفزازيا يعكس وهن وزور الادعاءات التي تسوقها البوليساريو وكفيلتها الجزائر بخصوص الوحدة الترابية للمملكة‘‘.

ويرى خبراء في القانون أن بلاغ النيابة العامة في المغرب احتكم للغة قانونية واضحة ويحترم شروط المحاكمة العادلة، إذ أنه ضبط ’’خروقات‘‘ قامت أميناتو حيدر بارتكابها باستحداث هذا الكيان السياسي وهو ما يستوجب إجراء بحث معمق في الملف.

ويضيف هؤلاء أن ’’جبهة البوليساريو‘‘ وهيئة أميناتو حيدر كانتا تراهنان على أي تحرك أمني مغربي ضدهما، غير أن الرباط احتكمت إلى القضاء كوسيلة لحل هذا الملف وكرسالة أيضا للمنتظم الأممي تؤكد على الاختصاص الترابي والولاية القانونية للقضاء المغربي على كل الأقاليم الجنوبية، وأن القانون سيسري على كل شخص ثبت أنه لم يحترم المقتضيات القانونية المعمول بها مع توفير الشروط الضامنة للمحاكمة العادلة.

وشدد الخبير القانوني صبري الحو على أن ما ’’ارتكبته أميناتو حيدر يرقى إلى المؤامرة الخطيرة، فهو في مرتبة الخيانة ضد الأمن الخارجي للوطن وفقا للمادة 182 من القانون الجنائي، تحديدا في فقرته الثانية.. في إطار مباشرتها للتنسيق والاتصالات مع خصوم المغرب ضد أمنه الوطني، والتحريض ضد الوحدة الترابية المعززة بحماية جنائية‘‘.

وقبل الإعلان عن الكيان السياسي الذي دشنته رفقة 33 عضوا تحت اسم “الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي”، قررت أميناتو حيدر بصفتها رئيسة “تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان”، المعروف اختصارا بـ “كوديسا”، حل هياكل هذا التجمع، الذي ترأسه لعدة سنوات بالعيون.

ومن جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيربروك الكندية هشام معتضد  أن ’’خروج أميناتو حيدر بمشروع سياسي بدل مشروعها الحقوقي، يأتي بعد فشل كل مخططاتها الانفصالية وتراجع دورها الميداني، بالإضافة إلى المشاكل الكبيرة التي يعرفها التيار الانفصالي بالداخل، ووعي المنتظم الدولي بكل تحركات هؤلاء على الميدان وهو ما يترجم طبيعة تحركات أميناتو المرتبطة بشخصيتها الاندفاعية لإثارة الانتباه من أجل تنفيذ أجندات خارجية‘‘.

ويرى مراقبون أن الأعضاء المنتمين إلى الهيئة المستحدثة من طرف أميناتو حيدر لهم ارتباطات مع المشروع الانفصالي الذي تتزعمه البوليساريو، وكانوا يشتغلون تحت غطاء حقوقي وبدعم من مؤسسة روبرت كيندي الأميركية وعدد من المنظمات الدولية.

يأتي البحث القضائي حسب الوكيل العام للملك بالمحكمة الاستئنافية بالعيون ’’لما يشكله تأسيس الهيئة المذكورة من مس بالوحدة الترابية للمملكة

وأوضح صبري الحو، القانوني والخبير في ملف الصحراء، أن ما قامت به أميناتو حيدر ليس مبادرة شخصية وحقوقية، بل يكتسي صبغة سياسية، وينطوي على خلفيات عديدة، ويأتي لإعطاء انطباع دولي بوجود ’’انفصال داخلي مواز لرفض الوحدة الموجود في المخيمات‘‘.

ولم تقم السلطات المغربية برد فعل متسرع بعدما رصدت حيثيات إنشاء هذه الهيئة في العيون حيث علق هشام معتضد بأن الأمر يدخل في إطار تدبير دقيق للقضية والمرتبط خاصة بمعرفة الملف المتعلق بتحركاتها المتعلقة بمخططات انفصالية فاشلة، فصياغة حيدر لمشروعها الجديد يدخل في إطار تكتيك جديد تهدف من خلاله إلى تنفيذ أجندة بوليساريو.

وأشار معتضد إلى أن الكيان السياسي الذي ترأسه أميناتو حيدر يعد ’’مجرد فقاعة إعلامية‘‘ لن تؤثر على استقرار المنطقة، و’’لن تغير من تعاطي المنتظم الدولي مع ملف الصحراء خاصة بعدما تبين للمراقبين الدوليين مدى فشل الناشطة الصحراوية في كسب مصداقية تحركاتها‘‘.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: