الغموض يكتنف مصير المحادثات الليبية

يثير إرجاء استئناف جلسات الحوار بين الفرقاء الليبيين في المغرب للمرة الثالثة تواليا تساؤلات بشأن مصير هذه المباحثات حيث يخشى مراقبون أن تفضي التعطيلات إلى عودة التجاذبات بين أطراف النزاع الليبي رغم التفاؤل المغربي بالتقدم المُحرز في إطار الحوار الذي استضافته مدينة بوزنيقة.

وتعطّل انطلاق الجولة الثانية من جلسات الحوار بين وفدي البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة، التي كان من المبرمج أن تبدأ الخميس، بتوقيع كلّ من رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس البرلمان عقيلة صالح، على محضر الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ختام جولة من الحوار في 10 سبتمبر الماضي، والمتعلق بتقسيم المناصب السيادية بين الأقاليم الثلاثة، قبل أن يعلن المشري عن تأجيل سفره إلى المغرب، دون ذكر التفاصيل.

ورغم إجماع المشاركين في الحوار من المجلس الأعلى للدولة والبرلمان الليبي على أن الجولة الأولى انتهت بتوافق حول معايير وآليات تقسيم المناصب السيادية، فإن السجال السياسي والإعلامي الذي أعقبها أوحى بعراقيل جمة، كما كشفت الكواليس القادمة من مدينة بوزنيقة استمرار وجود هوّة بين المتنازعين.

ولا يزال الغموض يكتنف مسار مفاوضات الحل الليبي التي تستضيفها المغرب بين طرفي النزاع، بعد تعثر الحوار للمرة الثالثة على التوالي في أقلّ من أسبوع، واصطدامه بمعارضة ورفض أطراف مسلّحة تملك الأرض داخل ليبيا، وهو ما قد يهدّد مشروع الحلّ النهائي ويعرقل مساعي الأمم المتحدة التي تراهن على تشكيل سلطة جديدة في البلاد قبل نهاية الشهر الحالي، تتولى التأسيس لمرحلة أخرى في ليبيا.

ناصر بوريطة: إنجاز محادثات بوزنيقة هو أنها كانت مناسبة وبقيادة ليبية

وأشارت مصادر برلمانية، إلى أنه من أسباب التعطيل أيضا وجود خلافات حول بعض المناصب خاصة حول رئاسة المجلس الرئاسي وصلاحياته بخصوص تعيين وعزل القائد الأعلى للجيش.

وفي المقابل، يصرّ وفد غرب ليبيا على التقليل من صلاحيات رئيس المجلس الرئاسي بحيث لا يكون وحده قادرا على تعيين وعزل قائد الجيش وإنّما بموافقة نائبيه.

وقالت المصادر إن أسباب تأجيل الجولة الثانية من الحوار بين أعضاء مجلس الدولة والبرلمان ليست لوجستية كما يتم الترويج لها وإنما بسبب تغيير المجلس الأعلى للدولة لأعضائه الذين شاركوا في الجولة الأولى وهي الخطوة التي رفضها أعضاء البرلمان المشاركين، إضافة إلى إصرار الطرفين على حضور رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ورئيس البرلمان عقيلة صالح للتوقيع على مخرجات الجولة الأولى من الحوار قبل الانطلاق في الجولة الثانية.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي يبدي فيه المغرب تفاؤلا كبيرا بشأن تقدم المباحثات حيث أكد وزير الخارجية ناصر بوريطة، أن نتائج الحوار الليبي الذي عقد مؤخرا في بوزنيقة بالمغرب، تمثل خطوة مهمة من شأنها أن تحوّل الجمود الذي دام عدة سنوات إلى زخم حقيقي.

وقال بوريطة في حوار له مع معهد الدراسات الأمنية، ومقره بريتوريا عاصمة جنوب أفريقيا، إن “الخطوة الكبيرة إلى الأمام في محادثات بوزنيقة تمثلت في رغبة والتزام الليبيين بالجلوس معا ومناقشة سبل الخروج من المأزق السياسي الحالي”.

وأضاف الوزير المغربي أن “الإنجاز الإضافي هو شكل هذه المحادثات لأنها كانت مناسبة وبقيادة ليبية”، مشيرا إلى أن المباحثات جرت بين ممثلي مؤسسات تستمد شرعيتها من اتفاق الصخيرات لعام 2015، والذي يظل إطار عمل ليبيّا صالحا يمكن لممثلي البلاد تحديثه وتكييفه وتعديله.

وأعرب بوريطة عن ارتياحه لتوصل وفدي مجلس الدولة الليبي وبرلمان طبرق للمرة الأولى، في ختام مباحثات بوزنيقة، إلى اتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لشغل المناصب السيادية.

وأضاف بوريطة “اتفق الوفدان الليبيان على مواصلة هذا الحوار واستئناف الاجتماعات من أجل استكمال الإجراءات اللازمة التي تضمن تطبيق وتفعيل هذا الاتفاق”، مبرزا أن “المسار السياسي هو حقا مفتوح ويتيح، كما نأمل، حلا سياسيا شاملا للصراع الليبي”.

وكان المغرب قد احتضن الجولة الأولى من الحوار الليبي ما بين 6 و10 سبتمبر الماضي، التي جمعت وفدين من المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب المنعقد بطبرق.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: