المغرب: إجراءات كورونا تصطدم بالوضع الاجتماعي للمواطنين وفريق برلماني يسجل قلقه من ارتفاع عدد الإصابات والوفيات

أفادت المعطيات الرسمية بشأن الحصيلة اليومية لجائحة «كورونا» في المغرب، عشية الأربعاء، عن تسجيل 2470 إصابة جديدة، و2462 حالة شفاء، و42 حالة وفاة خلال 24 ساعة. وبذلك، ارتفع العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة في المغرب إلى 123 ألفاً و653 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2  مارس الماضي، ومجموع حالات الشفاء التام إلى 102 ألف و715 حالة، فيما ارتفع عدد الوفيات إلى 2194 حالة.
وأعلنت وزارة الصحة المغربية في نشرتها اليومية أن مجموع الحالات النشطة التي تتلقى العلاج يبلغ حالياً 18 ألفاً و744 حالة، ويصل مجموع الحالات الخطيرة أو الحرجة الموجودة في غرف الطوارئ والعناية المركزة إلى 432 حالة، 54 منها تحت التنفس الاصطناعي الاختراقي. وعلى غرار الأيام الماضية، سجلت أعلى الإصابات في جهة الدار البيضاء ـ سطات (1303 حالة)، وأدناها في جهة الداخلة وادي الذهب في الصحراء المغربية (7 حالات).

طرد عمال وإغلاق معامل

وما زالت الانعكاسات السلبية لجائحة «كورونا» على سوق العمل في المغرب تشهد تطورات جديدة وأوضاعاً مأساوية، رصدت صحيفة «هسبريس» الإلكترونية نماذج منها، مشيرة إلى أن قطاع النسيج في العاصمة الاقتصادية للمغرب (الدار البيضاء) يعيش على وقع غليان كبير، بسبب طرد العديد من العاملات والعمال، وإغلاق بعض الشركات لأبوابها في ظل انتشار جائحة كورونا. ودفع هذا الوضع العاملات والعمال بالشركات الموجودة في الحي الصناعي «مولاي رشيد» إلى خوض وقفة احتجاجية، أول أمس الأربعاء، رفعوا فيها شعارات منددة بعمليات الطرد التي طالت العشرات منهم، دون مراعاة للوضع الاجتماع الذي يمرون منه، ودون منحهم الحقوق التي يكفلها لهم قانون العمل.
ونقلت الصحيفة عن الناشط الجمعوي مهدي لمينة، قوله إن «الإجراءات الاحترازية المتخذة من لدن السلطات الحكومية، رغم أهميتها، لم تسهم في الحد من انتشار هذا الوباء، لا سيما في ظل عدم تفاعل كثير من المواطنات والمواطنين معها» مضيفاً أن هذه «الإجراءات اصطدمت بكون سكان الدار البيضاء باتوا يبحثون عن فرص العمل من أجل لقمة العيش، وهو ما جعل الإصابات في صفوفهم تتوالى». وأوضح المتحدث أن «المطلوب اليوم من الجميع، مواطنين وسلطات، بذل المزيد من المجهود والتوعية بخطورة هذا الوباء، والتقيد بالتعليمات الصحية، وكذا العمل على التعايش مع هذا المرض، حتى لا يتم إيقاف العجلة الاقتصادية والإضرار أكثر بالفئات الاجتماعية الهشة التي تجد صعوبة في التنقل في ظل الإجراءات المنصوص عليها». من جهتها، قالت بشرى عبدو (مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة) إن «الإجراءات التي وضعتها السلطات الحكومية يمكن اعتبار أنها فشلت في احتواء الوضع، إذ تبدو غير مطبقة وغير مفعلة، وهو ما جعل الإصابات تتزايد في الدار البيضاء».
وسجل فريق «العدالة والتنمية» (أغلبية حكومية) في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) بنوع من القلق النسب المرتفعة لعدد الإصابات المؤكدة بفيروس كوفيد 19 وكذا عدد الوفيات التي بات يخلفها هذا الوباء. وأكد في بلاغ له أن هذا الوضع «يستلزم المزيد من التعبئة الوطنية والالتزام والتضامن والانخراط في المجهود الوطني الذي يقوده العاهل المغربي برؤية متبصرة، والانتباه إلى المخاطر الجدية للانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لهذا الوباء، وتأثيرها المباشر على مختلف الأنشطة الاقتصادية ومعدل النمو، والنسيج الاجتماعي ومعدلات البطالة». ودعا فريق «العدالة والتنمية» كافة الفاعلين إلى اعتبار سنة 2021 سنة الإصلاحات الاجتماعية العميقة، ومنها أساساً تقليص الفوارق الاجتماعية، وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، وما يرتبط بها من تعميم للتغطية الاجتماعية والتأمين الإجباري عن المرض، وتفعيل التعويض عن فقدان العمل. كما طالب بـ«استعادة الدور الاجتماعي للدولة، وضمان التدبير الاستراتيجي لمساهماتها، وتعزيز الحَوْكَمَة الجيدة على مستوى المؤسسات والمقاولات العمومية» واقترح أيضاً مراجعة الرواتب العليا، مجدداً دعوته لإلغاء وتصفية نظام معاشات البرلمانيين بشكل نهائي.
وأعرب عن تثمينه تشكيل اللجنة المؤقتة لإصلاح نظام التغطية الاجتماعية على مستوى «مجلس المستشارين» وعبّر عن استعداده للعمل إلى جانب مكونات المجلس، وبتعاون مع مختلف الفاعلين، قصد الإسهام في النهوض بالمسألة الاجتماعية. كما دعا الحكومة إلى مواصلة تنفيذ مخرجات الحوار الاجتماعي، ومواصلة الحوارات القطاعية، وتعزيز المنهجية التشاركية مع كافة الفرقاء الاجتماعيين، مؤكداً استعداده للمساهمة في العمل على جعل القضايا التي تشغل بال المجتمع تتبوأ المكانة المناسبة ضمن انشغالات واهتمامات المؤسسة البرلمانية، والإسهام أيضاً في مواجهة كافة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المغرب بفعل تداعيات جائحة «كورونا».
على صعيد آخر، طالب عشرات الدعاة والشخصيات الدينية في المغرب السلطات بإعادة فتح باقي المساجد المغلقة بسبب جائحة «كورونا». وأشار موقع «لكم» إلى وجود «نداء مجتمعي» يطالب بـ»توسيع فتح المساجد وإقامة صلاة الجمعة» وقعته 158 شخصية، أبرزها أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وحسب المصدر نفسه، استنكر الموقعون «استمرار إغلاق جل المساجد وتعليق صلاة الجمعة». وطالبوا السلطات باستمرار «فتح بيوت الله، ورفع الحظر عن حقهم الدستوري في ممارسة شعائرهم الدينية». وتحدث النداء عن فتح القليل من المساجد بعد رفع الحجر الصحي، ووعد الوزارة الوصية (الأوقاف والشؤون الإسلامية) باستمرار الفتح التدريجي لبقيتها. وأكد «النداء» أن المساجد التي أُعيد فتحها طبّقت الإجراءات الاحترازية الصحية وما زالت تطبقها، مع التزام المصلين بالتباعد أثناء تأديتهم لصلاة الجماعة، وإحضار سجادات صلاة خاصة معهم. ودعا إلى «ترك المجال أمام الجهات المختصة للتشاور مع المؤسسات الصحية بشأن صلاحية استمرار الفتح التدريجي للمساجد، خاصة بعض الجوامع التي تتوفر فيها ساحات خارجية واسعة». وأضاف أنه «مع قيام المؤسسات الرسمية بفتح الأسواق والجامعات والمدارس واستمرار إغلاق المساجد، بدأ الضيق والتوجس يتسربان لنفوس المؤمنين، لا سيما بعد تتابع فتحها في دول إسلامية وغير إسلامية».

الحكومة المغربية

وذكرت مصادر إعلامية أنه من المنتظر أن تقرر الحكومة المغربية تخفيف الإجراءات والشروط التي وضعت في وقت سابق أمام المغاربة والأجانب الراغبين في الدخول للمغرب. وحسب ما نشره موقع «ميديا 24» سيتم إعفاء الأجانب والمغاربة الراغبين في الدخول إلى الأراضي المغربية من الاختبار المصلي، وتمديد صلاحية الفحوص الاختبارية إلى 72 ساعة عوض 48 ساعة فقط. وتأتي هذه الإجراءات تفاعلاً مع المطالب التي عبر عنها مهنيو قطاع السياحة والنقل الجوي، الذين اشتكوا سابقاً من الشروط التي وضعها المغرب على الراغبين في الدخول إلى أراضيه.
إلى ذلك، تطرق موقع «القناة الثانية» المغربية إلى الانعكاسات النفسية السلبية لجائحة «كورونا» على بعض الأشخاص، والتي تتزامن مع حلول فصل الخريف، حيث يشكو بعض الأشخاص من سوء المزاج وتقلب الحالة النفسية. وأوضح الموقع المذكور أن المختصين النفسيين يُعرّفون هذا الوضع النفسي بالتعرض لحالة الاكتئاب الموسمي الناتج عن تقلب فصل الخريف، ما ينعكس على الحالة النفسية للشخص. ولفت التقرير الانتباه إلى أن الأوضاع الصحية الحالية بسبب تفشي فيروس كورونا والضغط النفسي الذي يصاحب هذه الظرفية قد يزيد من معاناة هؤلاء الأشخاص الذين يشكون من أعراض الاكتئاب المرضي في هذه الفترة. وحسب الأخصائي النفسي الإكلينكي والمعالج النفسي، فيصل طهاري، فإن الأزمات والعوامل الخارجية تساهم في تفاقم أعراض الاكتئاب والتي تصبح أكثر حدة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: