حزب العمال الجزائري من حليف لبوتفليقة إلى قاطرة المعارضين لتبون
يستعد حزب العمال الجزائري للتموقع كقاطرة للمعارضة السياسية، بعد التعبير عن رفضه لكل المسارات التي رسمتها السلطة بداية من الانتخابات الرئاسية الأخيرة والدستور الجديد، والانخراط في تكتل قوى البديل الديمقراطي المعروف بمواقفه الراديكالية تجاه السلطة.
يتجه حزب العمال اليساري الجزائري إلى التموقع كقاطرة للقوى السياسية المعارضة للسلطة، متخذا من تعرض زعيمته للسجن خلال الأشهر الماضية كورقة قطيعة، رغم أنه لم يفعلها مع نظام الرئيس السابق، لما كان يحوز على قنوات اتصال وتشاور مع السلطة، فيما كانت قوى أخرى تبحث عن وقف طموح الرجل للمرور إلى ولاية رئاسية خامسة.
وكثفت زعيمة العمال لويزة حنون في الآونة الأخيرة من تصريحاتها المناهضة للسلطة، في خطوة تنم عن قطيعة تامة بين الحزب والنظام القائم، خاصة لما كشفت تفاصيل ما بات يعرف بـ”الاجتماع السري” في مارس 2019، الذي ترتبت عليه الإطاحة بأكبر رموز النظام السابق، ومحاكمتهم في القضاء العسكري بتهم التخطيط والتآمر على سلامة الوحدة الوطنية ومؤسسات الدولة.
وسجل الحزب منعطفا كبيرا في مسيرته السياسية، فبعدما كان على تواصل مستمر مع سلطة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، لما كانت قوى معارضة تبحث سبل وقف الذهاب إلى ولاية رئاسية خامسة، بات مدرجا في خانة الأحزاب الراديكالية التي لا ترضى بأقل من الرحيل الكلي لرموز الطبعة الجديدة من النظام الحاكم في البلاد.
وفي ندوة صحافية عقدتها لويزة حنون بمقر حزبها في العاصمة، توقعت زعيمة حزب العمال، عودة الحراك الشعبي إلى الميدان، ولم تستبعد أن تأخذ الموجة الثانية من الحراك الطابع الاقتصادي والاجتماعي، في إشارة إلى حالة الغليان الشعبي نتيجة الإكراهات التي فرضتها الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا.
وذكرت بأن “اللجنة المركزية قررت تحضير الحزب لتجنب الانفلات، وإطلاق جهود وحدة العمل بين مختلف النقابات والمناضلين السياسيين، لأن التقاء المطالب الاقتصادية والاجتماعية بالمطالب السياسية ضروري”.
ولم تفوت رئيسة حزب العمال الفرصة لتدين “سجن المناضل والنائب البرلماني الأسبق خالد تزاغارت لمدة عام نافذ من طرف محكمة أقبو ببجاية”، وقالت “العقل لا يستوعب الحكم الصادر في حقه.. ما ذنب خالد تزاغارت؟ هل هو للتخويف؟ خالد تزاغارت في السجن من أجل نضاله السياسي.. إنها فضيحة لا تضاهيها إلا فضيحة الصحافي خالد درارني”.
بعدما كان الحزب في تواصل مع سلطة بوتفليقة، بات مدرجا في خانة الأحزاب الراديكالية التي ترفض رموز الطبقة الجديدة
وكان القضاء العسكري قد أطلق سراح لويزة حنون في فبراير الماضي، بعد إبطال عقوبة الـ15 عاما سجنا نافذة التي صدرت في حقها، وتمت إحالتها إلى السجن في مايو 2019، رفقة كل من سعيد بوتفليقة، شقيق ومستشار الرئيس السابق، وقائدي جهاز الاستخبارات السابقين الجنرال محمد مدين (توفيق)، وعثمان طرطاق (بشير).
واتهمت في تصريح سابق لها، قيادة الجيش السابقة وعلى رأسها الجنرال الراحل أحمد قايد صالح، بالانقلاب على الرئيس السابق، وأن ما قامت به رفقة الأشخاص المذكورين كان من قبيل البحث عن خارطة طريق للخروج من الأزمة التي أحدثتها ثورة الشارع في فبراير 2019.
ونددت لويزة حنون، في ندوتها الصحافية، بما وصفته بـ”التضييق الممارس على الأحزاب”، خاصة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي منع من عقد ندوة مكتبه الوطني، واضطر إلى تنظيمها في مقر الحزب، كما يتجه رئيسه محسن بلعباس إلى التجريد من الحصانة النيابية، بعد الطلب الذي تقدمت به وزارة العدل لإدارة البرلمان.
واعتبرت المتحدثة مجرد “انعقاد دورة اللجنة المركزية للحزب هو نجاح في حد ذاته، قياسا بالتهريب الذي عاشه مناضلو الحزب وبالنظر لتركيز قيادته عملها تقريبا على الحملة من أجل إطلاق سراحها، وفي هذه الظروف يعكف الحزب على إعادة جمع مناضليه بعدما فرقتهم الحملة الشرسة التي تعرض لها”.
وكان الرئيس الحالي للنقابة المركزية حميد لعباطشة، قد قاد في وقت سابق حركة تصحيحية داخل الحزب للإطاحة بلويزة حنون، لكنه فشل في ذلك، وأعلن انسحابه من الكتلة النيابية للحزب داخل البرلمان.
وعلقت المتحدثة على الدستور الجديد بالقول “إنه لا يسير في اتجاه إصلاحات ديمقراطية بل صوب إبقاء النظام القائم، وأن المجتمع المدني الجديد الذي تسعى السلطة لخلقه هو فخ خطير جدا”.
وعكس ذلك ظل حزب العمال يسير عكس اتجاه المعارضة خلال السنوات الماضية، حيث لم تتوان لويزة حنون، في الالتقاء عدة مرات بكبار رموز الدولة، على غرار الرئيس السابق بوتفليقة، وقائد أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح، كما ترشحت في انتخابات الرئاسة التي جرت العام 2014، في خطوة اعتبرتها المعارضة آنذاك تزكية غير مباشرة للعهدة الرابعة لبوتفليقة.