أكبر الأحزاب المغربية تعارض اعتماد القاسم الانتخابي حفاظا على حظوظها السياسية

يتصاعد النقاش بين الأحزاب السياسية المغربية بشأن راهنية تعديل القوانين والإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية، وعلى رأسها القاسم الانتخابي والاقتراع باللائحة أو الاقتراع الفردي، لما لهذا التعديل من تأثير مباشر على نتائج الانتخابات المزمع إجراؤها العام المقبل، خصوصا بعدما كان اعتماد التمثيل النسبي على أساس الاقتراع باللائحة في الانتخابات البرلمانية التي تم إجراؤها عام 2016 قد ساهم في فوز حزب العدالة والتنمية برئاسة الحكومة.

وأمام حالة الخوف من عدم التموقع الإيجابي في الانتخابات المقبلة مع ضعف مشاركة المواطنين، عرفت الأحزاب المغربية خلافات حادة بشأن القاسم الانتخابي، حيث سيتم توزيع المقاعد بالتساوي على اللوائح الثلاث الأولى دون أن يتمكن أي حزب من الحصول على مقعدين، وهو ما رفضه أكبر الأحزاب كالأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية.

وعبر العدالة والتنمية عن رفضه لاعتماد المسجلين في الانتخابات قاعدة لاحتساب القاسم الانتخابي، لأنه لا يخدم الحزب الذي سيفقده مقاعد عديدة، فيما بقية الأحزاب الصغرى طالبت بتعديل القاسم الانتخابي عبر اعتماد عدد المسجلين وليس عدد الأصوات الصحيحة.

حزب الأصالة والمعاصرة الذي يعد أكبر أحزاب المعارضة في المغرب شهد خلافا داخليا حول اعتماد القاسم الانتخابي من عدمه

ومن الناحية الإحصائية فإن الحصول على القاسم الانتخابي في دائرة حدد لها 3 مقاعد تضم 200 ألف مسجل في اللوائح الانتخابية، فإنه يتم قسمة 200 ألف على 3، للحصول على قاسم يصل إلى 66 ألفا.

وعرف الأصالة والمعاصرة أكبر أحزاب المعارضة، خلافا حول اعتماد القاسم الانتخابي حيث أنه في الوقت الذي يشدد فيه الأمين العام للحزب عبداللطيف وهبي على اعتماد القاسم الانتخابي بناء على عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، أصر أعضاء المكتب السياسي، في اجتماع انعقد نهاية الأسبوع الماضي، في منزل وهبي بالرباط، على عكس ما ذهب إليه وهبي ليخرج اللقاء دون الاتفاق على نقطة موحدة.

وعبرت قيادات من داخل حزب الأصالة والمعاصرة عن امتعاضها من مقترح عبداللطيف وهبي، مؤكدة أن قيادات وزانة ترفض المقترح تحت مبرر أن ذلك سيكلف الحزب خسارة عدد كبير من البرلمانيين في الانتخابات المقبلة.

رشيد لزرق: أي تغيير في نمط الاقتراع يجب أن يكون مبنيا على نقاشات معمّقة وتشاور بين جميع الفرقاء

وتصر باقي الأحزاب على احتساب القاسم الانتخابي عبر اعتماد قاعدة المسجلين أو قاعدة الأصوات المعبر عنها كأساس، وهو ما يسمح بوصول أكبر عدد ممكن من الأحزاب إلى البرلمان، الشيء الذي سيمنع أي حزب من الحصول على نسبة مقاعد مريحة في البرلمان.

وفي هذا الصدد أكدت مصادر مطلعة بحزب الاستقلال المعارض أن هذا النظام من الاقتراع يعطي امتيازا لأحزاب معينة على حساب أخرى، مشيرة إلى دعم الحزب المقترح المتعلق باحتساب عدد المسجلين، لتقوية التعددية السياسية ولإنصاف الأحزاب الصغرى.

وطالب حزب الاستقلال المعارض باحتساب مجموع الأصوات المعبر عنها الصحيحة والملغاة في احتساب القاسم، وحاول إقناع باقي الأحزاب، حيث أكد عبدالجبار الراشدي عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال أن احتساب القاسم الانتخابي الحالي غير منصف، مشيرا إلى أنه حتى الأوراق غير الصحيحة هي أوراق عبر أصحابها عن موقفهم السياسي، إما بالتصويت بالبياض وإما بتسجيل احتجاج وإما أي موقف كيفما كان.

ويعتبر القاسم الانتخابي إحدى أهم النقاط المثيرة للجدل في مشاورات وزارة الداخلية مع الأحزاب السياسية حول المنظومة الانتخابية، حيث طالبت كل الأحزاب السياسية باستثناء العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة باعتماد القاسم الانتخابي على أساس الأصوات الصحيحة وليس على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، وذلك لقطع الطريق أمام تحقيق أي حزب نتيجة كبيرة.

كما شهد اللقاء التشاوري الذي جمع أمناء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان قبل أيام، خلافات حادة بشأن القاسم الانتخابي. وأثناء مشاورات وزارة الداخلية مع الأحزاب السياسية حول المنظومة الانتخابية نشب خلاف حول اعتماد عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية مع الأخذ بعين الاعتبار القاسم الانتخابي على أساس الأصوات الصحيحة، كما هو معمول به حاليا.

وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن أي ’’تغيير في نمط الاقتراع يجب أن يكون مبنيا على نقاشات معمّقة وتشاور بين جميع الفرقاء‘‘، مشيرا إلى أن النقاش حول هذا الملف الانتخابي سياسي وليس مسألة تقنية كما قد يظهر للبعض.

الحصول على القاسم الانتخابي في دائرة حدد لها 3 مقاعد تضم 200 ألف مسجل في اللوائح الانتخابية، فإنه يتم قسمة 200 ألف على 3، للحصول على قاسم يصل إلى 66 ألفا

وكان حزب العدالة والتنمية قد تشبث بالإبقاء على طريقة الاحتساب الحالية القائمة على قاعدة الأصوات الصحيحة التي تعتمد في الأنظمة الانتخابية الديمقراطية، والتي تعتمد التمثيل النسبي عبر نظام اللائحة.

واعتمد المغرب في الانتخابات البرلمانية الماضية نظام الاقتراع باللائحة، حيث قدم كل حزب مرشحيه في لائحة واحدة، يتم التصويت عليها في دائرة معينة. أما الاقتراع الفردي الذي طالب حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالعودة إليه، فيتمثل في تقسيم الدوائر الانتخابية بشكل متساو، إذ تتوفر كل دائرة على ممثل وحيد في البرلمان.

ويرى سياسيون أن تعديل هذه النقطة يصب في مصلحة الأحزاب الصغيرة ويضر بالعدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة.

ومن جهته أوضح رشيد لزرق أن ’’تعديل النمط الانتخابي يجب أن يقوم على احتساب الحاصل الانتخابي الذي على أساسه توزع المقاعد باعتماد عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، وليس على أساس الأصوات الصحيحة‘‘، مشيرا إلى أن ’’النمط الحالي أنتج قطبية مصطنعة دون حمولة سياسية على اعتبار أن الحزبين اللذين تصدرا نتائج الاقتراع دون حمولة تدبيرية، الأمر الذي يشكل أحد عوائق تكريس الديمقراطية‘‘.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: