كورونا يزيد من مخاوف ارتفاع الفقر في المغرب

زادت جائحة كورونا من مخاوف ارتفاع نسبة الفقر في المغرب بفعل الموجة الوبائية الثانية التي انجر عنها تسريح للعمالة وغلق للشركات والمصانع ما أثار مخاوف السلطات خصوصا مع صعوبة إطلاق أي برنامج اجتماعي جديد بالنظر للأزمة الاقتصادية.

ارتفعت نسبة الفقر في المغرب خصوصا لدى الشريحة التي تقطن بالأرياف لتمتد مع طول الأزمة إلى المدن في وقت ترفض فيه أوساط اقتصادية منح أي دعم اجتماعي دون مقابل إنتاجي، ما يكرس عقلية الريع الفقري.

وكشف تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط المغربية، ومنظمة الأمم المتحدة، والبنك الدولي، أن تداعيات تفشي فايروس كورونا، سترفع نسبة الفقر في المغرب إلى 19.87 في المئة خلال 2020 من 17.1 في المئة في 2019.

والتقرير الذي جاء بعد دراسة الأثر الاجتماعي والاقتصادي لوباء كوفيد – 19 في المغرب، خلال أغسطس الماضي، يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تشاؤما حيال الاقتصاد المحلي.

وقبل ذلك، أظهرت إحصائيات رسمية صادرة عن مندوبية التخطيط (حكومية مكلفة بالإحصاء)، نشرت في 19 مايو الماضي، أن ثلث أسر المملكة لا تملك مصدرا للدخل بسبب توقف أنشطتها أثناء الحجر الصحي، بينما هناك 34 في المئة، أي ثلث الأسر المغربية، لا تحصل على مصدر دخل بسبب الحجر الصحي.

وترى مندوبية التخطيط ومنظمة الأمم المتحدة في المغرب والبنك الدولي، أن تداعيات الأزمة الصحية الناتجة عن تفشي كوفيد – 19 ستدفع نحو 1.06 مليون مغربي نحو الفقر.

المذكرة المشتركة للهيئات الثلاث أوضحت أن “تداعيات أزمة كورونا ستتسبب خلال السنوات القادمة في اتساع قائمة الفقراء بشكل غير مسبوق في المغرب”.

ويرى عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس بالرباط أن “التوقعات الحالية المرتبطة بارتفاع عدد فقراء البلد، ليست عالية، مقارنة مع الضرر الواقع على الاقتصاد”.

ونسبت وكالة الأناضول للكتاني قوله “الآن هناك قناعة أنه سيكون هناك ارتفاع في نسبة الفقراء.. ما الخطوة المقبلة الواجب اتخاذها رسميا؟ خصوصا أن الفقر في المغرب يأخذ طابعا جغرافيا، إذ يأتي من المناطق الريفية ويذهب نحو المدن”. وأضاف “يجب دراسة التطور الجغرافي للفقر وهجرته من الأرياف نحو المدن، لا دراسة ارتفاع الفقر فقط، وإنما حركة نموه في المدن، وهذا أخطر”.

1.06 مليون فقير مغربي جديد جراء الأزمة الاقتصادية والحجر الصحي وتقليص ساعات العمل

وتابع “الفقر في الأرياف كلفته قليلة وعلاجه أصعب في المدن، وبالتالي العلاج يجب أن يكون في البداية وليس بعد الانتقال إلى المدن”.

ويذهب المتحدث إلى أن “أزمة كورونا كان لها الأثر الكبير في المدن بخلاف البوادي”، مشيرا إلى أن “الوباء مكلف في المدن، لأن أحزمة الفقر منتشرة حولها، مع تنامي مظاهر الجهل والإجرام”.

وأوضح “هنا تكمن المشكلة الأساسية للفقر في المغرب، وهي حركية الفقر، فالمدن مهددة بالانفجار بسبب وضع الفقر، لأنها هي التي تنتج وظائف جديدة، بينما البوادي لا تنتج وظائف جديدة وترتبط بالزراعة”.

من جهته، يرى المهدي فقير، الخبير الاقتصادي المغربي، أن “المخاوف من ارتفاع عدد الفقراء في المغرب بسبب تداعيات كورونا لها ما يبررها”.

وأوضح أن “ثلاثة أسباب تدفع في اتجاه ارتفاع نسبة الفقر في المغرب بسبب تداعيات الجائحة، الأول أن البلاد تعاني من أزمة اقتصادية، فالجائحة خلفت توقفا للنشاط الاقتصادي في عدد من القطاعات، وتسريح للعمالة”. والسبب الثاني بحسب المتحدث، يتمثل في “تقليص عدد ساعات العمل، مما سيخلف محدودية الدخل لمئات أو الآلاف من الأسر”، بينما الثالث هو “تضرر القطاع غير المنظم، مما سيؤثر كثيرا على فرص العمل”.

وأضاف “صحيح أن المخاوف مبررة ومشروعة، لكن حجم التأثير سيظهر جليا مع مرور الوقت، يجب الانتظار قليلا لتقييم الوضع”.

وحذر الكتاني من التوجه نحو منح الأسر المغربية دعما ماليا مباشرا بدون مقابل إنتاجي، قائلا “أتخوف من أن ندخل الريع للفقراء، لا يجب أن نعطيهم النقود للاستهلاك”.

ويعتبر أن “اللجوء إلى منح مالية مباشرة للاستهلاك، سيساهم فقط في الحفاظ على الفقر” بينما “قد تكون الآلية ناجعة إذا تعلق الأمر بالعجزة والأرامل، وأطفال الشوارع”.

وسبق للمغرب، أن أطلق مبادرة اجتماعية قبل 15 عاما، سميت بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية “برنامج لمحاربة الفقر” المرحلة الأولى ما بين 2005 و2010، والمرحلة الثانية ما بين 2011 و2015.

وخلال سبتمبر 2019، أطلق المغرب المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية تمتد على 5 سنوات، بميزانية تقدر بنحو 18 مليار درهم ( 1.9 مليار دولار).

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: