هل تنقذ حركة التصحيح حزب الأحرار المغربي من مأزقه

تتوالى دعوات من داخل حزب التجمع الوطني للأحرار المشارك في الائتلاف الحكومي في المغرب، إلى إجراء حركة تصحيحية وعقد مؤتمر استثنائي هدفه تجديد القيادة وإنقاذ الحزب من أزمته التي تفاقمت مع استمرار نزيف الاستقالات والحرب الكلامية بين أعضائه.

وأبدى القيادي البارز بحزب التجمع الوطني للأحرار عبدالرحيم بوعيدة  تأييده إجراء حركة تصحيحية في ظل الأزمة التي تعصف بالحزب. ويرى أن “طبيعة المرحلة تفرض التغيير وتجديد دماء الحزب الذي يعاني انتكاسة كبيرة منذ عام 2016 إلى حدود اليوم، والمنطق الديمقراطي يستجوب ذلك”.

ويعيش حزب التجمع الوطني للأحرار على وقع صراع داخلي كبير في ظل بروز خلافات بين أجنحة وتيارات داخل قياداته كانت نتيجتها استقالات بالجملة.

وفيما يذهب بعض المتابعين بالاستنتاج إلى أن التجييش ضد زعيم الحزب عزيز أخنوش ومكتبه السياسي مرده البحث عن التزكيات الانتخابية لا أكثر، ينفي بوعيدة ذلك.

ويعلق بالقول “لم تكن التزكيات يوما مشكلا في المغرب، إذ لدينا أكثر من أربعين حزبا تستطيع الحصول على التزكية بشكل سهل جدا، موضحا أن “الحركة التصحيحية هدفها أن تكون للحزب مصداقية داخل المشهد السياسي، لأن طريقة الإدارة داخل الحزب لا تشجع وليست في صالح أي شخص سوى بعض المقربين من الرئيس”.

وفي معرض رده عما إذا كانت الحركة التصحيحية تسعى إلى الضغط لأجل تولي مسؤوليات حكومية ما بعد الاستحقاقات المقبلة، أجاب بوعبيدة، بأننا “لا نضغط لأننا لا نملك وسائل الضغط كما يفهمها الحزب نفسه وهي المال والسلطة.. نحن مناضلون نملك حق الحديث بشكل صريح عن اختلالات بالجملة في حزب ندرك جيدا كيف نشأ ولا نسعى لتغيير الأسس التي يقوم عليها لكن نريد أن يكون فقط كباقي الأحزاب يعالج نقائصه ويتداركها”.

ورأى بوعيدة أن الحزب يعاني من أزمة قيادة موجها انتقادات لزعيمه عزيز أخنوش. ووصف بوعيدة رئيس الحزب بـ”الرجل الناجح في مجاله الاستثماري، إلا أن أداءه السياسي كان ضعيفا”.

ويقول “في السياسة اختلط الأمر على أخنوش ودبر الحزب بمنطق الشركة ولم يمارس ديمقراطية حقيقية، وعليه أن يتقبل النقد كما يتقبل المدح”. مضيفا أن “أخنوش ترك الحزب لبعض الأشخاص الذين خربوه وقسموه وهذا لم يحدث في عهد أي رئيس سابق بهذا الشكل”.

وعلى الرغم من تداعيات حالة الطوارئ الصحية على المشهد السياسي المنهمك بالاستعداد للسباق التشريعي المزمع إجراؤه عام 2021، وجد بوعيدة في وسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة الناجعة للترويج للحركة التصحيحية وإقناع القاعدة الانتخابية للحزب بأهميتها.

عبدالرحيم بوعيدة: حزب الأحرار يقدم بفشله هدايا مجانية لحزب العدالة والتنمية

ويقول “نجحنا لحد بعيد في إيصال صوت الحركة للرأي العام الوطني”.

وفي حال عدم التعاطي إيجابيا مع الحركة التصحيحية، لا يستبعد بوعيدة مغادرته الحزب إلى وجهة حزبية أخرى، لم يحددها بعد. معلقا على قرار كهذا “ليس سهلا فيجب اتخاذه بكل تروّ وحكمة”.

وفي ظل تجاهل المكتب السياسي للحزب، لصوت الحركة التصحيحية، وعدم مناقشة مطالبها في لقائه الأخير، يشير بوعيدة إلى أن “هذا التجاهل ليس ذي أهمية فالحركة موجودة وأصبحت واقعا ليس بالوسع إنكاره”.

ويحذر بوعيدة، الرئيس السابق لجهة كلميم وادنون، من أن أزمة الحزب تصب في صالح حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي ويبحث عن حصد مكاسب انتخابية.

وأكد بوعيدة أن “حزب التجمع الوطني للأحرار بما يقوم به هو مساعد جيد وأرنب سباق لإيصال العدالة والتنمية إلى رئاسة الحكومة في العام المقبل”.

وتابع “نحن لا نصفي حسابا مع الحزب بل نريده حزبا سياسيا قويا قادرا على التنافس، وبهذا الشكل الذي عليه الآن لن يستطيع ربح الرهان في الاستحقاقات القادمة”.

وأشار بوعيدة إلى أن “حزب التجمع الوطني للأحرار يقدم بفشله هدايا مجانية لحزب العدالة والتنمية الذي سيتصدر لا محالة مرة أخرى الانتخابات القادمة، وبرأيه سيتصدر الحزب الإسلامي النتائج ليس لأنه قوي بل لأنه دون منافس أو منافسين”. مشددا “أن هدفنا في الحركة التصحيحية هو تقوية الحزب واحترام الجميع في إطار حق الاختلاف”.

وفي ظل حكومة يقودها العدالة والتنمية الإسلامي الذي بدوره يعرف توترات داخلية، قيم بوعيدة أداء حزب التجمع الوطني للأحرار المشارك في الفريق الحكومي.

ويلفت إلى أنه “من حسن حظ وزراء الحزب أنهم يقودون وزارات برزت في أزمة كورونا بشكل كبير، حيث نجح فيها البعض وفشل البعض الآخر تماما كما فشلت الحكومة في تدبيرها لأزمة ما بعد الحجر الصحي”.

وتراهن الأحزاب المغربية على تحقيق مكاسب في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ويرى بوعيدة أن سنة 2021 انتخابية بامتياز مشيرا إلى أن “التنافس غير متكافئ إلا إذا كانت هناك تحالفات قَبْلِية”.

ويلاحظ أن حزب التجمع الوطني للأحرار أصبح معزولا من الجميع. ويعتقد أن جمهور الحزب  كشخصية لها وزنها السياسي والاجتماعي بجهة كليميم وادنون قادر على المساهمة في التغيير وتطوير أداء الحزب. ومع ذك كل السيناريوهات واردة أمام بوعيدة حيث يقول “قد نعود مع الحزب إذا كانت هناك إمكانية للتصحيح وقد نغادر”.

وتعليقا على مقترح اللائحة الوطنية للكفاءات الحزبية الذي فجر خلافات بين الأحزاب المغربية مؤخرا وسط انقسام بين مؤيد ورافض له. أبدى بوعيدة رفضه لهذا المقترح وأي لائحة تحت أي مسمى.

ومقترح الكفاءات الحزبية يفتح سجالا في المغرب مع اقتراب كل  منافسة انتخابية، وكان عبداللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، قدم مؤخرا خلال اجتماع مع وزير الداخلية، مقترحا بإلغاء اللائحة الوطنية للشباب (30 مقعدا)، وإضافتها إلى اللائحة الوطنية للنساء لتصبح بـ90 مقعدا عوض 60 مقعدا المخصصة حاليا للنساء.

وصنف بوعيدة هذا المقترح تحت خانة الريع الانتخابي الذي يجب القطع معه، والريع آفة سياسية حقيقية تؤثر في بعث الروح الحقيقية داخل الأحزاب المغربية وللأسف وصل إلى البرلمان والمجالس المنتخبة. ومن هذا المنطلق شدد على رفضه المقترح.

وفي ختام حواره  أكد أن المهمة بالنسبة للقيادات التي تطالب حزب التجمع الوطني للأحرار بحركة تصحيحية “ليست سهلة”، وأردف بالقول “سواء نجحنا أو فشلنا فقد عرينا واقعا كان مسكوتا عنه”. وتابع “الحركة التصحيحية، هي نقطة قوة بالنسبة للحزب إذا ما عرف كيفية استثمارها لأنها ساهمت في تعرية الاختلالات ونقط الضعف”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: