“الكارتل المالي” في الجزائر كبّد خزينة الدولة 70 مليار دولار
قدّر القضاء الجزائري خسائر الخزينة العامة جراء قضايا فساد وتلاعب بالمال العام من طرف “الكارتل المالي” المكوّن من مجموعة من المسؤولين الكبار في الدولة بحوالي 70 مليار دولار.
ونقلت وسائل إعلام محليّة عن مصادر قضائية، أنّ هؤلاء المسؤولين هم “وزراء وولاة وإطارات في الدولة”، تلاعبوا بالمال العام بمعية من وصفتهم بـ “الكارتل المالي”، في تشبيه لجماعات المال الفاسد في الجزائر بعصابات المافيا.
وتتراوح الجرائم الاقتصادية التي ألحقت هذه الأضرار بالبلاد بين التهرب الضريبي، ومنح امتيازات واعتمادات بغير وجه حق، وتبييض الأموال، وإبرام صفقات غير قانونية.
وسبق أن كشف تقرير الخبرة الذي أعدته الخزينة العمومية الجزائرية، أنّ رجل الأعمال وذراع نظام بوتفليقة المالي، علي حداد، والذي يتّهم في قضايا فساد مالي، يسيطر على 55 شركة تنشط في الأشغال العمومية وأشغال خاصّة تقيّد الوضع الاقتصادي في الجزائر بما يجعله المتحكّم في أسواق عدة.
وكشف التقرير حيازة علي حداد الذي يلقّب بـ “زعيم الكارتل المالي” لعدة عقارات في الجزائر واسبانيا تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، عدى عن امتلاكه 3 أرصدة بنكية، الأول في “سوسييتي جنرال” فرع باريس، والثاني والثالث في بنك “سانتاندر” في إسبانيا، حيث التمست الخزينة العمومية مصادرتها.
وأعلن القضاء الجزائري، عن فتحه تحقيقا في توقيع وكيلة عن زعيم الكارتل المالي المسجون علي حداد، عقداً مع مجموعة ضغط أميركية مقربة من الرئيس دونالد ترامب، بهدف الضغط على السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.
وأفاد بيان لنيابة محكمة سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة، بأنه “في إطار قضية علي حداد المتعلقة بصفقة تحويل عشرة ملايين دولار لصالح مكتب لوبي، تم فتح تحقيق قضائي من طرف نيابة المحكمة ضد علي حداد، والمدعوة صبرينة بان”، التي تولت التوقيع على الاتفاق باسم حداد.
وتبحث السلطات الجزائرية في كيفية وصول الأموال التي مولت الاتفاق، والطرق المعتمدة في تحويلها إلى الخارج، وكذلك مساءلة حداد عن محاولة الضغط على السلطة القضائية والسياسية في الجزائر، باستخدام علاقات مع دول أخرى.
وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد تطرق إلى الأمر في خطاب سابق خلال اجتماع الحكومة مع حكام الولايات للقضية.
وتمت آخر المحاكمات في هذه الجرائم الاقتصادية، التي يبت فيها القضاء الجزائري، قبل بضعة أيام وتعلقت بإدانة وزيرين سابقين للتضامن الاجتماعي بعقوبة السجن لعدة سنوات، وهما جمال ولد عباس والسعيد بركات.
وفيما أدين عدد من المتهمين غيابيا، وهم اليوم في حالة فرار من القضاء خارج البلاد، يقبع المتهمون بهذه الجرائم الاقتصادية في السجون في الجزائر، وعلى رأسهم رئيسا وزراء وعدة وزراء ومدير عام سابق للأمن الوطني برتبة جنرال، كان يتردد أنه قد يخلف الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة على رأس الدولة، وعدد أكبر من “رجال الأعمال”. وقد أدين بعضهم بأحكام بالسجن، فيما تتواصل محاكمة آخرين منذ أشهر.
وورط عدد من المتهمين والمدانين بجرائم اقتصادية بعض ذويهم وأقاربهم، كالأشقاء والزوجات والأبناء، في ما ارتكبوه، مما أدى إلى معاقبتهم قضائيا بالسجن والغرامات المالية.
وانطلقت هذه الحملة من الاعتقالات والمحاكمات في قضايا الفساد والتلاعب بالمال العام في الأشهر الأولى من عام 2019 في خضم موجة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير والتي أصبحت تُعرف بالحراك الشعبي.
وكان وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة قد التمس عقوبة السجن 18 سنة في حق علي حداد، و15 سنة سجنا في حق رئيسي الحكومة السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال.
كما التمس وكيل الجمهورية 20 سنة سجنا في حق وزير الصناعة الأسبق عبد السلام بوشوارب، مع اصدار أمر بالقبض عليه وملاحقته دوليا، و12 سنة سجن في حق وزير الأشغال العمومية الأسبق عمار غول، كما التمس ممثل الحق العام عقوبة 10 سنوات في حق الوزير الأسبق للأشغال العمومية عبد القادر قاضي و8 سنوات سجن في حق الوزراء السابقين بوجمعة طلعي وعمارة بن يونس ومحجوب بدة وعبد الغاني زعلان ويوسف يوسفي.