قانون جديد لمحاربة الفساد يفجر جدلا واسعا في المغرب

أثار القانون الخاص بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها جدلا كبيرا داخل البرلمان المغربي، ويجمع كثيرون أن معضلة الفساد في المغرب تحتاج إلى قانون قوي لمحاربتها بشكل ناجع.

وناقش البرلمانيون المسألة عبر إعادة صياغة المقتضيات المتعلقة بتحديد مفهوم الفساد والتمييز بين نوعين من أفعال الفساد المحدد لمجال تدخل الهيئة وطبيعة الفعل الذي يشكل جريمة واضحة، والذي بمقتضاه يمكن أن تحيل الهيئة مرتكبه إلى النيابة العامة المختصة، ثم الأفعال التي تشكل مخالفات إدارية ومالية دون أن ترتقى إلى درجة تكييفها كجرائم قائمة بذاتها، مع تمكين الهيئة من إجراء أبحاث وتحريات وإعداد تقارير تحيلها على السلطات والهيئات المختصة، بتحريك المتابعة التأديبية أو الجنائية حسب الحالة.

وانتقد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عبداللطيف وهبي خلال مناقشة مشروع القانون الخاص بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الأربعاء، الحكومة التي تأتي بقوانين يعارضها نواب الأغلبية ذاتها إما بالعرقلة أو عبر التصويت ضدها. مشددا على أن الفساد هو أكبر العقد بالمغرب، و”الحكومة قالت بأننا سنربح نقطتين في الناتج الداخلي الخام إذا نجحنا في محاربته، لكنها لم تحاربه”.

وعبّر وهبي عن تخوفه من هذا القانون، موضحا أن المشكل الذي نعاني منه في البلاد هو غياب الإرادة السياسية في تطبيق القوانين. كما أبدى تشاؤمه بكون “النصوص الموجودة في مشروع القانون الذي نناقشه جيدة لكنها لن تطبق، وأن ما ستقوم به هذه المؤسسة هو اختصاص النيابة العامة وأنا شخصيا غير مقتنع بها”.

وينص المشروع على تطبيق عقوبات تأديبية وجنائية في حق الأشخاص الذين يقومون بعرقلة عمل الهيئة، بامتناعهم عن الاستجابة لطلباتها دون مبرر قانوني.

وقالت آمنة ماء العينين النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية “إن الفساد في المغرب قوي ومتمنع، ويحمي نفسه”، وشددت على أنه بالرغم من كل هذا، فإن هذه الآفة ليست فوق إرادة المجتمع والمشرع، و”بهذا الطموح يمكن أن نهزمه”.

ولطالما تعرضت الحكومة إلى انتقادات بسبب ضعف أدائها في محاربة الظاهرة واتهامها بالانتقائية.

وعلق أستاذ القانون الدستوري، رشيد لزرق،أن سياسة مكافحة الفساد اتجهت إلى تطبيق القانون على نحو انتقائي في وقت وجب أن يطبق القانون على الجميع، مشددا على أن اعترافات البرلمانية ماء العينين، تحمل اتهاما غير مباشر لحكومة عبدالإله بنكيران السابقة في تقصيرها واعتماد المحاباة في تطبيق القانون على الفاسدين.

واستنتج لزرق “أن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني يتجه على غرار سلفه بنكيران إلى إدارة التوازنات داخل حكومته وتجنيبها تصدّعا قد يمتد صداه إلى البرلمان وينتهي بإثارة ملفات العديد من قيادات العدالة والتنمية على المستوى الترابي وهو سيناريو غير مستبعد”.

وأبرز وزير المالية محمد بنشعبون، أن “المشروع يندرج في إطار التنزيل القانوني الأمثل للصلاحيات التي خولها الدستور لهذه الهيئة، تفاعلا مع تنامي آفة الفساد وامتداداتها الوخيمة على مختلف مجالات الحياة العامة، واستجابة للتوجيهات الملكية السامية الداعية لأخلقة الحياة العامة وتعزيز النزاهة ومحاربة كل مظاهر الفساد”.

من جهته رفض رئيس الحكومة، اعتبار “ظاهرة الرشوة لا تزال مستشرية، أو أن الفساد ينتشر بشكل كبير في مختلف مناحي الحياة العامة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: