وقف أنشطة المساجد ووسائل النقل يثير الشكوك في الجزائر
يستمر الغموض حول مصير أنشطة المساجد والنقل والحدود المغلقة في الجزائر، ويتصاعد معه اللغط حول الخلفيات الحقيقية لاستمرار قرار الحظر رغم تحسن الأوضاع الصحية في البلاد خلال الأسابيع الأخيرة، لتبقى بذلك الإيحاءات على التوظيف السياسي للجائحة، خاصة وأن صلاة الجماعة والجمعة ارتبطت بالاحتجاجات السياسية المعلقة منذ شهر مارس الماضي.
ودعت نقابة الأئمة وموظفي الشؤون الدينية، إلى الفتح الكلي للمساجد وإلى توسيع صلاة الجماعة وعودة صلاة الجمعة، في ظل التحسن الصحي الذي تعرفه البلاد خلال الأسابيع الأخيرة، وشددت على أنه لم يبق أي مبرر لقرار الحظر، بعد رفعه عن بقية القطاعات الأخرى.
وتصاعدت أصوات في الجزائر داعية السلطات المختصة إلى إعادة الحياة العادية للمساجد، واعتبرت أن الرفع الجزئي لصلاة الجماعة في بعض المساجد دون غيرها، بات غير مبرر في ظل عودة النشاط العادي لمختلف الأنشطة التي تستقطب أعدادا كبيرة من الناس، عكس المساجد التي يسهل فيها تطبيق الإجراءات المذكورة.
وأعادت السلطات الجزائرية صلاة الجماعة دون الجمعة إلى عدد محدود من المساجد خلال الأسابيع الماضية، إلا أن القرار يبقى ساريا على معظم مساجد البلاد، الأمر الذي أثار شكوكا حول وجود إيحاءات سياسية وراء ذلك، واعتبار صلاة الجمعة تشكل منصات لانطلاق المسيرات والمظاهرات الشعبية قبل شهر مارس الماضي.
وكان محتجون في مدينة بجاية شرق العاصمة الجزائر، قد أدوا صلاة الجمعة وفق الإجراءات الصحية في محيط أحد مساجد المدينة، إلا أن أفراد الأمن حاصروا المصلين وضيقوا عليهم بحسب شهود عيان وتسجيلات متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي، مما يؤكد تشدد المصالح المختصة في تطبيق قرار الحظر.
ولا يتوانى ناشطون في الحراك الشعبي، في ربط استمرار حظر النقل الجماعي بين الولايات وغلق الحدود وحظر صلاة الجماعة والجمعة، بنوايا السلطة في قطع الطريق على أي عودة للاحتجاجات السياسية إلى ربوع البلاد، عبر استمرار حظر النقل والمساجد التي كانت تغذي الاحتجاجات الشعبية بالأشخاص أو الانطلاق منها كموعد أسبوعي لبدء التظاهر ضد السلطة.
واشتكت نقابات الناقلون الخواص العاملون في النقل الجماعي بين الولايات من خسائر كبيرة أحالتهم إلى الإفلاس الكلي بسبب حظر نشاطهم إلى غاية الآن، حيث لا يزال أصحاب سيارات الأجرة والحافلات ممنوعين من مزاولة نشاطهم، ومنهم من تحول إلى ناقل سري.
الناشطون في الحراك لا يتوانون عن ربط استمرار حظر الأنشطة بنوايا السلطة في قطع الطريق على عودة الاحتجاجات
وبالتوازي مع ذلك يستمر غلق الحدود البرية والجوية للبلاد، ويتم حظر نشاط النقل الجوي والبحري والمعابر الحدودية، خشية استقدام بؤر جديدة لوباء كورونا، الأمر الذي يشل حركة البلاد، ويدفع إلى تصعيد لغط كبير حول الاستمرار المبهم للوضع وتكبيد المؤسسات المعنية المزيد من الخسائر.
وبدا أن المصالح المعنية بتسيير الوضعية الوبائية في البلاد، تتقاذف المسؤولية لتبرير الموقف، خاصة وأن الجزائر هي البلد الوحيد في المنطقة الذي يواصل غلق الحدود ونشاط السفر الداخلي والخارجي.
وفيما حمّل وزير الخارجية صبري بوقادوم، مسؤولية رفع الحظر عن الأنشطة المذكورة للجنة الصحية، على اعتبار أنها صاحبة القرار العلمي، فإن اللجنة المذكورة حمّلت المسؤولية إلى “السلطات العليا للبلاد”، لكن تصريحات أعضائها تبقى متضاربة حول رأيها النهائي في المسألة.
وذكر في هذا الشأن الناطق الرسمي لشركة الخطوط الجوية الجزائرية أمين أندلسي، بأن “الشركة لم تتلق أي قرار أو معطيات تخص فتح المجال لعودة حركة الطيران سواء الرحلات الداخلية أو الخارجية، وأن التحضيرات الخاصة باستئناف الرحلات الجوية مستمرة ولم تتوقف”.
وأكد أنه “لا يمكن تحديد موعد رسمي لاستئناف الرحلات الجوية كون قرار فتح المجال الجوي من صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو الشأن نفسه بالنسبة لرحلات الإجلاء أو برمجة رحلات خارجية لنقل الطلبة الجزائريين المسجلين في جامعات أجنبية”.
وأعلنت الجزائر أواخر أغسطس الماضي تخفيف إجراءات الحجر المتّخذة لمواجهة فايروس كورونا المستجدّ في ضوء تراجع أعداد الإصابات الجديدة، وقرّرت بالخصوص تقليص عدد المحافظات الخاضعة لحظر تجوّل وإعادة فتح دور الحضانة والمكتبات والمتاحف.
ومنذ تسجيل أول إصابة بالفايروس على أراضيها في 25 فبراير، أحصت الجزائر نحو 45 ألف إصابة بكوفيد – 19، بينها 348 إصابة خلال الساعات الـ24 الأخيرة (في مقابل عدد قياسي من الإصابات بلغ 675 في 26 يوليو).