عصابة الرابوني تحاول السيطرة على المخيمات
لا يختلف اثنان على أن عصابة الرابوني وأزلامها باتوا مجموعة مسلحة تائهة بين إيديولوجية أكل عليها الدهر وشرب، ومعطيات كارثية على الأرض، تنبئ بأن حركة «بوليساريو» ماضية إلى الزوال. فبعد موجة القصاص التي قادها «غويلي» و»كريكاو» ضد خصومهما في الداخل، وتدشينهما، منذ تولي مغتصب نساء مطلوب لدى العدالة الإسبانية، زعامة الجبهة، منتصف يوليوز 2016، لمرحلة عنوانها الأبرز هو الصراع بين «رقيبات الشرق» و»رقيبات الساحل»، أبان «غويلي» عن نيته في تقريب أبناء عمومته من «الساحل» وأخذ، منذ البداية، في تنصيبهم على المناصب المتنفذة بالرابوني، والبداية كانت بتعيين أخيه في الرضاعة، وابن عمه سالم لبصير، وزيرا للإعمار والبناء، ومستشارا خاصا له، وتنصيب إبراهيم بيد الله (كريكاو) على أمانة الرئاسة، وزوج أخته، حمة سلامة، على رأس البرلمان، وجعل خصمه اللدود، عبد القادر طالب عمر، تحت مجهر ابن عمه الفراح المحجوب، المعروف بـ «السي حميدة»، بعد تكليفه بإدارة أموال «بوليساريو»، بتعيينه منسقا مع البنوك الجزائرية، وهي المهام التي كانت موكولة، منذ تأسيس الجبهة، لسفيرها بالجزائر العاصمة.
تطلع إبراهيم غالي إلى السيطرة على شريان الحرب القبلية، الدائرة بالرابوني، من خلال التحكم المطلق والمباشر في مالية الجبهة، جعله يفرض على «السي حميدة» التنقل آخر كل أسبوع، عبر رحلات العسكر الجزائري، من العاصمة الجزائر إلى الرابوني، ليجري معه مراجعة مالية شاملة لكل دينار أو أورو دخل حسابات «بوليساريو» المفتوحة لدى البنك الوطني الجزائري، أو تم صرفه، وهو الأمر الذي أغضب غريمه عبد القادر طالب عمر، الذي عبر، في أكثر من اجتماع، عن امتعاضه من هذه التصرفات، التي قال، أخيرا، إنها تستهدف شخصه ومصداقيته لدى الحليف، وليست خطة لترشيد النفقات، كما تروج حاشية زعيم الجبهة.
وأمام تجفيف إبراهيم غالي لمنابع استغناء عبد القادر طالب عمر، لجأ إلى أصدقائه في جبهة التحرير الجزائرية، الذين أقنعوا، شهر يونيو الماضي، اللجنة الوطنية الجزائرية لمساندة الشعب الصحراوي، التي تعتبر الذراع المالي لثكنة بن عكنون، لتمويل عصابة الرابوني، بتحويل ميزانية تنظيم «الجامعة السنوية لأطر الدولة الصحراوية ببومرداس»، البالغة 80 مليون دينار جزائري، لحساب عبد القادر، بدعوى أن هذا النشاط سيعقد بمخيمات الصحراويين، وليس شمال الجزائر، نظرا للحالة الوبائية التي تعيشها البلاد.
وحسب معلومات دقيقة، فإن النائب البرلماني إسماعيل دبش، عضو اللجنة البرلمانية للصداقة الجزائرية الصحراوية، سرب الأمر إلى إبراهيم غالي، ما فجر أزمة عنيفة بين غالي وطالب عمر، لم تنته إلا بعد اقتسام المبلغ بين الاثنين، خلال زيارة عبد القادر للمخيمات لمناسبة عيد الأضحى الماضي.
على الصعيد الأمني، وبعد فشل غويلي في استمالة بعض من رجالات «ولد لعكيك» (الوزير المكلف بتدبير الانتفاضة غرب الجدار الأمني والجاليات بالخارج)، الذي بنى شبكات من المخبرين ورجال الاستعلامات، وعجزه عن اختراق شبكاتهم، لجأ إلى زرع بعض مواليه وذويه في وزارة الأمن والتوثيق (مخابرات بوليساريو)، إذ عين زوج ابنته الكبرى «نصرة إبراهيم»، المدعو حدي أفرييط، قائدا لكتيبة التنصت والرصد، وكلف ابنه الولي إبراهيم بإدارة الأمن الخاص، كما فرض تاجر السلاح الموريتاني سيدي وكال، أمينا عاما لهذه الوزارة، بعد رفض عبد الله ولد البلال توليها، إذ يعمل سيدي وكال، هذه الأيام، على صناعة جهاز مواز لشبكة ،ولد لعكيك، لأجل إضعافه، بعدما تأكد أنه يقدم تقاريره مباشرة للسيكتور الجزائري، لأجل إظهار «غويلي» بمظهر غير المطلع، والغائب عن الأحداث، وهو ما حصل فعلا في العديد من المرات، إذ ظهر زعيم الجبهة، خلال اجتماعات مع جنرالات جزائريين، وفي أكثر من خطاب، وكأنما يتحدث من كوكب آخر، الأمر الذي أغضب «كريكاو»، الذي أوعز لولي نعمته بتعيين الموريتاني سيدي وكال وتكليفه بإنشاء جهاز جديد يعمل على تلميع صورة الزعيم المغتصب، وهو ما بدأه بالفعل من نشر الأكاذيب والمزاعم، منها نية «غويلي» البدء في إعمار المنطقة العازلة، إذ لقيت هذه الترهات صدى طيبا بين سكان المخيمات الذين يعتبرون مغادرة المخيمات همهم الوحيد.
الحقيقة التي قد تخفى على الكثير من متتبعي شؤون مخيمات البؤس والقمع بتندوف الجزائرية، هي أن هذه الحركة المسلحة التي تسمى «بوليساريو» هي مجرد عصابة من المجرمين والقتلة بـ «دراريع» وربطات عنق وأناقة في الكلام، يجيدون الاستخدام الأرعن للشعارات الشيوعية والتحررية، التي لم تعد تنطلي على أحد. فالتدقيق ومتابعة الطريقة التي تدار بها تلك المخيمات، سيكشفان زيف وخداع كل الأباطيل والمغالطات، التي تروج بطريقة دعائية عن تلك الحركة التي لا تزال تبطش بالصحراويين، وتنتهك حقوقهم، وتقدمهم قرابين وفاء وإخلاص لأسيادها في بن عكنون وسيكتور تندوف، حيث لا تزال تدعي، بكل وقاحة، أنها تمثلهم، وهي التي تمثل بهم مع مطلع كل شمس.