المواطنين يصفون القرارات الحكومية بـ«الارتباك» وتجار يحتجون على إغلاق المحال

استجاب البرلمان المغربي للطلب الذي تقدمت به مجموعة من النواب المنتمين إلى أحزاب المعارضة والأغلبية، والمتعلق بفتح ملف الصفقات التي أبرمتها وزارة الصحة خلال جائحة «كوفيد 19» وحددت رئيسة «لجنة القطاعات الاجتماعية» في مجلس النواب يوم الخميس المقبل تاريخاً للاجتماع بحضور وزير الصحة، لمناقشة عدد من المواضيع التي تهم جائحة «كورونا».
وتجتمع اللجنة المذكورة لدراسة موضوعات تتعلق بالصفقات العمومية التي أبرمتها وزارة الصحة في ظل الجائحة، وتطور الوضع الوبائي المقلق في الآونة الأخيرة، وتداعيات البؤر الوبائية في بعض الحقول الزراعية والوحدات الإنتاجية والصناعية، ومدى تحفيز العاملين في قطاع الصحة، وتقييم فترة الحجر الصحي.
ويأتي هذا الاجتماع بطلب من فريق «الأصالة والمعاصرة» و«الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية» والمجموعة النيابية «للتقدم والاشتراكية» وفريق «العدالة والتنمية» والفريق «الحركي» والفريق «الاشتراكي».
يندرج الاجتماع في أجواء تتسم بعدم الرضا على الحكومة المغربية، سواء من طرف بعض أطراف الأغلبية (كالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) أو من طرف المعارضة كحزب (الاستقلال). وانضم حزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض إلى الأصوات التي تصف القرارات الحكومية المتعلقة بكورونا بـ«الارتباك» و«الارتجال». فقد أصدر هذا الحزب بلاغاً عقب اجتماع مكتبه السياسي، السبت المنصرم، حيث قدم الأمين العام عرضاً سياسياً مفصلاً حول مستجدات الساحة السياسية المغربية، في ارتباط بالتطورات المقلقة التي بات يطرحها واقع الوضع الوبائي في المغرب. في هذا السياق، عبّر أعضاء المكتب السياسي عن قلقهم الكبير من الارتفاع المهول في أعداد الوفيات وأعداد المصابين بفيروس «كوفيد 19» مما بات يهدد بارتفاع حجم التحديات المختلفة التي سيواجهها المغرب مستقبلاً، مؤكدين أن هذا الاستفحال ليس إلا نتيجة طبيعية للقرارات المرتبكة للحكومة وهي تواجه هذا الوباء، حيث ما تزال تفتقد لتصور واضح في إدارة أزمة «كورونا» إذ ما يزال القرار الحكومي مشتتاً بين القطاعات الوزارية دون خيط ناظم، وهذا أمر طبيعي لهروب رئيس الحكومة من تحمل مسؤولياته ومهماته الدستورية، وفق ما جاء في البلاغ.

منسوب الاحتقان

ولاحظ الحزب أن الوضع الاجتماعي أصبح يتسم بارتفاع منسوب الاحتقان بسبب الأعطاب البنيوية السابقة، وكذلك بسبب انعكاسات الجائحة على العديد من القطاعات الاقتصادية، فقد صار ينذر بالقلق، ويتطلب ضرورة سن الحكومة لإجراءات اجتماعية جديدة وبشكل عاجل، من شأنها التخفيف من حدة الأزمة الاجتماعية ومن درجة الاحتقان الذي بلغته، حسب ما جاء في البلاغ.
على صعيد آخر، ما زالت الأرقام المتعلقة بفيروس كورونا تواصل الارتفاع في المغرب، فقد أعلنت المعطيات الرسمية عن تسجيل 2251 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد حتى السادسة من مساء أول أمس الأحد، ليرتفع العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة بالفيروس إلى 866.86 حالة. أما الحالات التي تماثلت للشفاء من المرض حتى الآن فقد ارتفع العدد إلى 67.528 حالة، بعد تماثل1661 حالة جديدة للشفاء، فيما ارتفع عدد حالات الوفيات إلى 1578 بعد تسجيل 25 حالة وفاة في 24 ساعة. وبلغ عدد الحالات المستبعدة بعد تحليل مخبري سلبي 2.143.383 حالة.
ومن جهة أخرى، أثر تنفيذ الحجر الجزئي في مدينة القنيطرة (حوالي 40 كيلومتراً شمال الرباط) على النشاط التجاري، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات في هذه المدينة، أول أمس الأحد و اليوم الاثنين ، بسبب قرار السلطات فرض قرار إغلاق على المحلات التجارية في الساعة السادسة مساء. وصرح إدريس شنتوف الكاتب الاقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان ،  إن «ساحة الخبازة» شهدت وقفة احتجاجية ضد قرار إغلاق المدينة على الساعة السادسة. ونقل نشطاء صوراً لتجمهرات مهنيين، في منطقة «الخبازة» المعروفة بنشاطها التجاري اليومي، واعتمادها على المهن الحرة. وأفادت مصادر أنه جرى اعتقال بعض المتظاهرين. وتعرف القنيطرة، لمدة أسبوع كامل، عودة بعض تدابير الحجر الصحي، منها إنهاء جميع الأنشطة التجارية في السادسة مساء باستثناء الصيدليات. كما تقرر منع التنقل داخل مدينة القنيطرة ابتداء من الساعة السادسة، وذلك في إطار التدابير الرامية للحد من تفشي الفيروس بالمدينة. لكن متظاهرين تساءلوا عن سبب التركيز على التجار والمهنيين وأرباب المقاهي، في حين جرى تجاهل المعامل التي شهدت أعداداً كبيرة من المصابين بالفيروس.
وفي مدينة الدار البيضاء، هدد أصحاب الحمامات التقليدية بخوض وقفة احتجاجية غداً الأربعاء، أمام مقر ولاية جهة الدار البيضاء. وقالت «الجمعية الوطنية للحمامات التقليدية» في مراسلة لها، إنه «تبين، أخيراً، أن قرارات الإغلاق بسبب كورونا لم تعد تطبق، إلا على الحمامات دون غيرهم، من القطاعات، مما يعتبر حيفاً كبيراً في حق هذا القطاع». وأشارت إلى أن الاحتجاج يأتي بعد استنفاد كل المحاولات، التي قامت بها الجمعية المذكورة، لمحاورة السلطات الحكومية، المعنية من أجل وضعها في الصورة، وإخبارها بمشاكل القطاع، والأضرار، التي لحقت بالعاملين له، وبذويهم». لكن السلطات الحكومة تجاهلت المراسلة، وفضلت الصمت غير الواضح» حسب تعبير الجمعية المذكورة.

لا نقص في الأدوية

من جانب آخر، تساءلت صحيفة «لكم» الإلكترونية قائلة: «مع ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد-19 في الآونة الأخيرة، وتهافت المواطنين على الصيدليات لاقتناء الأدوية المستعملة في علاج هذا المرض، هل ينبغي حقاً أن نخشى شحاً في هذا الصنف من الأدوية؟» لتجيب بالقول إن مصدراً رسمياً نفى وجود أي نقص في الأدوية أو أي نفاد مخزون منتجات من قبيل (فيتامين سي) فيما يرى مهنيون مختصون أن الأمر يتعلق باضطراب في السلسلة اللوجيستيكة العالمية التي أثرت على مخزون بعض الأدوية المستوردة. وأوضحت نائبة رئيس مختبرات (فارما 5) مريم لحلو فيلالي، أن الأمر يتعلق بـ»معلومة مغلوطة» مبرزة أن المغرب لا يشكو من نقص في الأدوية المستعملة في علاج كوفيد-19 والتي يتم إنتاجها في البلاد. وشددت على أن «المزايدات بخصوص هذا الموضوع تخدم أهدافاً غير نبيلة» مشيرة إلى أن أدوية تصنع محلياً من قبل عدة مختبرات مغربية، لم تسجل قط خصاصاً. إلا أنها لفتت إلى أن المنتجات النهائية التي يتم استيرادها شهدت خصاصاً حاداً وما تزال.
ونفى الخبير لدى المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي، عبد المنعم بلعالية، أي نقص في الأدوية، لافتاً إلى أن الخصاص يهم بعض المنتجات الدوائية المستوردة، وذلك راجع إلى اضطراب السلسلة اللوجستيكية العالمية، وكذا إعطاء الأولوية في الإمدادات للدول الغنية التي تمتلك أسواقاً كبرى .
وبخصوص الأدوية الموجهة لعلاج فيروس كورونا، قال إنه يتم إنتاجها كلها «لحسن الحظ» في المغرب، وهناك مخزون كاف منها وتستحوذ عليه الدولة. وأضاف أنه يوجد خصاص على مستوى بعض الأدوية التكميلية، غير أن المشكل مرتبط بالتخزين والارتفاع الكبير في الطلب، مذكراً بالطبيعة الاستراتيجية والسيادية لقطاع الأدوية.
من جانب آخر، أوردت صحيفة «المساء» في عدد أمس أن فيروس «كورونا» وفرض حالة الطوارئ الصحية تسببا في تراكم آلاف الملفات القضائية، وتأخر موعد البت فيها. ووجهت هيئات للدفاع رسائل إلى محكمة النقض تشير إلى أن ملفات جنائية تجاوز التأخر فيها سنة ونصف سنة، وأخرى تجاوزت فترة ثلاث سنوات منذ إحالتها على محكمة النقض. ونقلت الصحيفة عن مصدر قضائي قوله إن تراكم الملفات بشكل غير مسبوق يعود إلى التوقف الاضطراري الذي لم تعرف المحاكم وباقي القطاعات مثيلاً له، ما كان له تأثير على تراكم وتأخر القضايا في المحاكم، مرجعاً الأمر إلى ظروف قاهرة خارجة عن إرادة الجميع.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: