بيان_فضيحة إنه من السهل الكذب على الأموات، لكن ذلك صعب على الأحياء.

مازال وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان القيادي بحزب “العدالة والتنمية”، المصطفى الرميد، يناور ويستعمل كل الوسائل، المشروعة والمحرمة أخلاقيا، من أجل ابعاد فضيح عدم تصريحه بالمستخدمة لديه، الراحلة جميلة بشر، لما يناهز 24 سنة في صندوق الضمان الاجتماعي.

وأخر ما اهتدى إليه الرميد هو استغلال والد الراحلة جميلة لكتابة “اعتراف” مصادق عليه، يتهم من خلاله ابنته بكونها هي المسؤولة عن عدم التصريح بنفسها بصندوق الضمان الاجتماعي ويبرئ الرميد ويتبرأ من الاتهامات الموجهة للوزير ويدينها.

ويقول الأب في بيان حقيقته أن الرميد بريء من تحمل أية مسؤولية في عدم تسجيل ابنته في الضمان الاجتماعي، لأنه كلف المرحومة بالقيام بذلك وهي التي لم ترغب، ورفضت تمكينهم من نسخة من بطاقتها الوطنية، وأن الوزير مع ذلك دفع لها 23 مليون وضعتها في حسابها ودفع لها مصاريف استشفائها.

وفق قانون الضمان الاجتماعي تسجيل المأجور اجراء وجوبي واذا رفض المأجور تسجيله، فما على المشغل سوى تسريحه والا اصبح منتهكا للقانون ومتهربا من اداء حقوق شغيلته.

السؤال البسيط الذي يتبادر إلى الذهن بعد قراءة هذه الدفوعات هو كيف لا يتوفر مكتب الرميد على نسخة من بطاقة الراحلة الوطنية ؟ ألم ينجز لها قسم الموارد البشرية عقد عمل عندما بدأت تشتغل معه ؟

إذا كانت تتوفر على عقد عمل فضروري أن يكون ملفها في الموارد البشرية محتويًا على نسخة من بطاقتها الوطنية، وعليه فلا داعي لمطالبتها بذلك وكان عليهم تسجيلها في الضمان الاجتماعي باستعمال تلك النسخة من بطاقتها الوطنية التي في ملفها.

ولعل الخبر الوحيد الذي يوجد في بيان حقيقة أخ الراحلة هو كون البيان مصادق عليه في يوم سبت، علما أن المقاطعات لا تشتغل أيام السبت والآحاد، وهذه لوحدها يلزمها فتح تحقيق لمعرفة كل المتورطين في تشغيل مؤسسة عمومية في يوم عطلة من أجل الختم والمصادقة على وثيقة إدارية لتلميع سمعة وزير.

فهم يشرعون للبنوك التشاركية ويشجعون الناس على التعامل معها فيما هم يلجؤون بينهم لعملية دارت.
يشرعون لمدونة الأسرة في البرلمان التي تنص على عقود الزواج فيما هم يتزوجون فيما بينهم عرفيًا بالفاتحة.
يدافعون عن المدرسة العمومية واللغة العربية في البرلمان بينما أبناء قادتهم يدرسون في مدارس البعثة الفرنسية وأغلبهم يستثمر في مدارس خاصة.
وحتى عندما طالبنا البرلمان بالقيام بواجبه واستدعاء الوزير الرميد لمساءلته حول أسباب عدم تسجيله لمستخدمته في صندوق الضمان الاجتماعي سارعت لجنة النزاهة والشفافية التابعة للحزب، والتي يرأسها الرميد نفسه، لاستدعائه للمثول أمام نفسه، فهم يعتبرون تقديم الحساب أمام الحزب أهم وأولى من تقديمه أمام الشعب الذي بفضل أصواته وصلوا إلى ما وصلوا إليه.

إنه لمن المخجل والمسيء لذكرى الراحلة التي قضت 24 سنةً من عمرها في خدمة مكتب محاماة وزير حقوق الإنسان، أن يتم الحديث باسمها وإلصاق قرارات ومواقف بها بينما هي ليست هنا لكي نسمع رأيها وموقفها الحقيقي.
إنه من السهل الكذب على الأموات، لكن ذلك صعب على الأحياء.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: